اكثر الحديث في الفترة الأخيرة و خاصة اثر موجة البرد التي اجتاحت بعض جهات البلاد التونسية عن ولايات الشمال الغربي و ما يعانيه... سكانها من خصاصة زادتها سوء الأحوال الجوية تأزما ولكن في وسط هذا الزخم الإعلامي الكبير في هذه الفترة الشديدة البرودة في كافة أنحاء البلاد و الحديث عن المعاناة بمختلف تجلياتها تستوقفنا وضعية بعض الفئات التي تتخذ من المصبات العشوائية مقرا دائما للسكنى و للعمل فئة لا تقل معاناتها شانا عما يعانيه أهالينا في الشمال الغربي من معاناة . لسائل أن يسال أين يقف هؤلاء من برامج ومخططات المسؤولين و من اهتمام الإعلام و من مشاريع رؤوس الأموال؟ مهمشون أوصدت أمامهم كل الأبواب ليجدوا المصبات العشوائية منفذا لكسب قوت أسرهم, أناس تختلف أعمارهم و لكن تتوحد احتياجاتهم وجدوا ضالتهم في مصب النفايات و لا أمل لديهم من بعد الله إلا في التبربيش في أكوام القمامة للبحث عما يصلح من البلاستيك و الكرتون و الاينوكس و الحديد و قطع الغيار , فضلات تتفاوت خطورتها و تتعدد مصادرها : مستشفيات و بلديات و مصانع و شركات. غير آبهين ببرودة الطقس و بالمخاطر التي يتعرضون لها في كل لحظة تمر بهم داخل هذه المصبات همهم الوحيد العثور على ضالتهم في سبيل تامين قوت عيالهم و توفير المستلزمات لهم و بعدما أعياهم البحث عن عمل بإحدى المؤسسات , و لعل ما يزيد الطين بلة في هذه الفترة هو المنافسة الشرسة بين البرباشة الذين تضاعف عددهم بعد الثورة مما ساهم في شح العائدات المالية. على ضوء هذه الوضعية الصعبة توجهنا بالسؤال إلى مسؤولين بوزارة البيئة و التنمية المستديمة عمّا تتخذه الوزارة المذكورة من تدابير و اجراءات للحد من معاناة اولئك العاملين . وبحسب مصادر مطلعة فان العمل يجري حثيثا وهناك جملة من المقترحات وقع عرضها على الجهات المختصة بوزارة البيئة من اجل الحسم في ملف هؤلاء المهمشين باعتبار ما تعانيه وضعيتهم من تأزم تستوجب دق ناقوس الخطر و تحرك كل الأطراف المعنية من اجل تحسين الوضعية الاجتماعية و الصحية و المادية للعاملين داخل المصبات العشوائية . و حسب ما جاء في تصريح المتحدث أن جل هذه المقترحات ستترجم قريبا عن تفعيل منظومة كاملة تنظم عمل تلك الفئة و تسهر على ضمان ابسط حقوق الفرد و على الأرجح انه سيتم تشكيل تعاضدية لتلك الفئة من العاملين وهو ما ننتظر تأكيده من قبل المسؤولين في وزارة البيئة في الأيام القادمة . لئن قامت ثورة 14 جانفي في تونس على تأصيل مبادئ الحرية و الكرامة و القطع مع الماضي و كل مايكتنفه من شعارات رنانة اكتست طابع الطوباوية مجردا من كل خلفيات واقعية ملموسة , إلا أن المتأمل في الوضع الاقتصادي لبعض الفئات الاجتماعية ما بعد الثورة المجيدة و خاصة تلك الفئات التي تقتات رغيف يومها و تسترزق من المصبات العشوائية او ما بات متعارف عليهم باسم البرباشة تستوقفه كثير من الاستفسارات عن مدى مصداقية تلك الشعارات التي قام الشعب بالثورة من اجل اكتسابها و يعمل أصحاب القرار على ترسيخها. نجوى عبيدي