تعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية من البلدان الساعية دائما وأبدا إلى التوسع و البحث عن القوة، و هي دائما ما تحافظ على ارتفاع احتياطي الطاقة، عن طريق توريد المواد الطاقية كالنفط و الغاز، و ما إلى ذلك من المواد الطاقية المتنوعة… و قد تلجأ في الكثير من الأحيان إلى السعي لأخذ هذه المواد، أو احتلال دول بتعلة انتشار الجريمة و الإرهاب فيها، و من ثمة تستولي على ثروات تلك الدول، تاركة شعوبها في فقر و عوز مدقع، و لعل ما حصل في العراق أقوى دليل على هذا الكلام. حيث قامت الولاياتالمتحدة بنهب آلاف الأطنان من الذخيرة الحربية التابعة للجيش العراقي، و سرقة ما يقارب ال100 طن من اليورانيوم، زد على ذلك سرقة كامل احتياطي النفط العراقي، و هو أكبر مخزون احتياطي للنفط بعد السعودية. من خلال هذا المثال التاريخي نتبين جليا السياسة الأمريكية اللاهثة دائما و أبدا وراء الطاقة، و تحصيلها بأي طريقة كانت. فهل تكون المغرب الوجهة الأمريكية القادمة لتحصيل ما يمكن تحصيله من الثروات و الطاقة؟ بعد أن تم الإعلان عن التطبيع بين المغرب و إسرائيل في العاشر من ديسمبر الجاري، اعترفت الولاياتالمتحدةالأمريكية رسميا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، كما أعلنت عن مشروع تركيز قنصلية تابعة لها بمنطقة الصحراء الغربية، ستكون مهامها الإشراف على المشاريع الإقتصادية و تشجيع الاستثمارات الأمريكية. و بالفعل أكد "مايك بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي، في الرابع و العشرين من ديسمبر على بدء إجراءات تركيز هذه القنصلية. و تعتبر الصحراء الغربية منطقة غنية جدا، إذ تحتوي على احتياطيات ضخمة من الفوسفات، كما يُعْتَقَدُ أنها موطن لمخزونات نفطية عملاقة غير مُسْتَغَلّة، و بالتالي تمثل هذه الصحراء موطنا شاسعا لثروات ضخمة قد تكون محلا للأطماع الأمريكية. كما تطل الصحراء الغربية على المحيط الأطلسي، من ما يجعل منها منطقة ذات موقع جغرافي متميز، قابلة لتكون مركزا ضخما للمبادلات التجارية البحرية، و العديد من المشاريع الأخرى… و بالتالي قد تكون القنصلية الأمريكية أداة لشفط الثروات المغربية الكامنة تحت رمال الصحراء الغربية، و بهذه الطريقة ستكون المغرب الخاسر الأكبر من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، فبدل الحصول على حليف قوي يُرهِبُ و يُبعِدُ كل من الجزائر و موريتانيا و جبهة البوليساريو عن الصحراء الغربية، فإنها ستسقط بيد الأمريكيين و الإسرائيليين لتكون بينهم قسمة عادلة، دون أن تستفيد المملكة المغربية من صحرائها، التي ستغدو سيادتها عليها شكلية ورقية لا غير.