إكساب مزيد من النجاعة والفاعلية للتدخلات الجمعياتية والحكومية على المستوى التشريعي توعية الشباب والمراهقين لتبني سلوكيات تنبذ العنف ضد المرأة... في إطار مناهضة العنف وشتى أشكال التعذيب ضّد المرأة ، وسعيا إلى التصدي لهذه الظاهرة الكونية، التأمت صباح أمس بأحد نزل العاصمة ندوة علمية لعرض ومناقشة نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس الذي تم انجازه في إطار تنفيذ برنامج التعاون التونسي الإسباني لتنمية التكافؤ بين الجنسين والوقاية من العنف المبني على النوع الاجتماعي. وافتتح الندوة كل من السيد عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية بمشاركة سعادة سفير إسبانيابتونس السيد "أنطونيو كازانو بيراز" إلى جانب السيد "قيارموكارو" المدير العام للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية والأستاذة حبيبة بن رمضان الرئيسة المديرة العامة للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري إلى جانب العديد من ممثلي المنظّمات والهياكل الأممية والإقليمية. وتهدف الندوة إلى دعم الجهود الوطنية الرامية إلى الوقاية من مظاهر العنف داخل الأسرة وتنمية التكافؤ بين الجنسين وترويج ثقافة حقوق الإنسان لدى الناشئة. تكتسي نتائج هذا المسح أهمية بالغة وذلك لعوامل عدة لعل أبرزها أنه الأول من نوعه الذي تطرق لمسألة العنف ضد المرأة من خلال استجواب قرابة 4000 إمرأة من كافة الأوساط والجهات حول مسألة شائكة وهي مسألة العنف المبني على النوع الاجتماعي والتي تعد إلى زمن ليس ببعيد مسكوت عنها في مختلف الأوساط الأسرية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسياسية ويصعب التّطرّق إليها دون مواجهة الأفكار الخاطئة والمسبقة والمواقف الذاتية. وأشار السيد وزير الصحة إلى أن العنف المبني على النوع يعرف على انه "العنف القائم على الأدوار الاجتماعية التي يشكلها المجتمع بناء على الدور البيولوجي لكلا الجنسين، معتمدا على منظومة من القيم والعادات والتقاليد التي تؤدي إلى عدم المساواة القائمة على أساس الجنس البيولوجي " وهو ما يمثل عائقا أمام تحقيق ما تصبو إليه الإنسانية من مساواة وعدالة اجتماعية ونماء مستديم وأمن شامل. ومن المعطيات التي أفرزتها هذه الدراسة أن نسبة النّساء المعنّفات في تونس تقدّر ب 45 % و أن المحيط الأسري الذي يفترض أن يكون آمنا، هو أكثر الأماكن التي تتعرض فيها المرأة للعنف بشتّى أنواعه وتبين أنّ العنف ضد المرأة هو سبب رئيسي من أسباب الموت والعجز لدى النساء في الفئة العمرية من 16 إلى 44 سنة علما وأنه قد بدأ التحرك من أجل مناهضة العنف ضد المرأة في تونس منذ السبعينات من القرن الماضي من طرف المجتمع المدني الذي سعى لكسر جدار الصمت حول العنف الموجه ضد المرأة خاصة منه ذلك الذي يحدث داخل المحيط الأسري وذلك عن طريق العمل التحسيسي والإنصات والإرشاد وإصدار البيانات والقيام ببعض البحوث والدراسات النوعية. كما بادر الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من اجل التنمية بوضع برنامج خصوصي لتنمية التكافؤ بين الجنسين والوقاية من العنف ضد المرأة يشمل مختلف مجالات البحث والتدريب والتثقيف والتوعية والإحاطة الطبية. وتدعمت الاستجابة التونسية لمعالجة قضية العنف ضّ المرأة سنة 2007 بإعلان تبني إستراتيجية وطنية لمكافحة السلوكيات العنيفة داخل الأسرة والمجتمع تشرف على تنفيذها وزارة شؤون المرأة والأسرة بمشاركة مختلف الهياكل العمومية والجمعياتية والأوساط الإعلامية . وتعتبر هذه المبادرة وغيرها من البرامج الخطوات الأولى للتصدي لقضية العنف ضد المرأة وإيجاد السبل الكفيلة للوقاية منه وتدعو في الوقت ذاته إلى مواصلة الاستثمار فيها وتقييمها ودعمها في ضوء نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة والتي ستوضح الرؤية من خلال الأرقام والمؤشرات الدالة من أجل إكساب مختلف التدخلات الجمعياتية والحكومية المزيد من النجاعة والفاعلية على مختلف المستويات التشريعية والصحية والاجتماعية التي تهدف للتوعية بمخاطر العنف المبني على النوع وتنمية قيم النّدية والمساواة بين الجنسين لدى مختلف فئات المجتمع وتوعية الشباب والمراهقين بتبني سلوكيات تنبذ العنف المبني على النوع وتكرس الحوار داخل الأسرة و المجتمع، إضافة إلى تطوير القدرات والمهارات لدى مسدي الخدمات في مجال التّشخيص والوقاية من العنف والإحاطة بالنساء ضحايا العنف المبني على النوع والعمل على كسب التأييد لدى كل الطاقات المجتمعية والحكومية وغير الحكومية لترويج السلوكيات التي تنبذ العنف المبني على النوع والأهم من كل هذا تحديد آليات التدخل لتقديم الوقاية الأولية والإحاطة للنساء ضحايا العنف المبني على النوع بالاعتماد على برنامج نموذجي بمركز الصحة الإنجابية بدوار هيشر بولاية منوبة. كانت هذه مختلف المسائل التي تعرضت لها الندوة خلال عرض نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس كمسألة شائكة بمختلف أبعادها لمقاربة حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي لتوفير قاعدة زاخرة من المعطيات حول مدى انتشار ظاهرة العنف ضدّ المرأة وخصائصه الاجتماعية والأسرية والصحية والنفسية. فتحية علاية