معذرة للشاعر الغنائي الذي كتب (عشق الروح مالوش آخر وعشق الجسد فان) لان المعنى ينطبق على حالتنا والجميع يلهث وراء السلطة والكراسي... متناسين ان الوطن خالد خلود الكون وسيمرون بسرعة مهما كان موقعهم ولن يتذكر التاريخ الا من عمل صالحت لوطنه ويلقي كذلك التاريخ في مزبلته المتعفنة من أساؤوا الى وطنهم وجلبوا لمواطنيهم المآسي والويلات والصعوبات... ان التاريخ بالمرصاد لكل الحركات التي يقوم بها من استلموا مصير الأوطان لفترة زمنية ستكون قصيرة مهما طالت والتاريخ سيحكم على مصداقيتهم وفاعليتهم ومدى إخلاصهم لما ينفع الوطن والاستغناء عن المديح الذي يحيطون به أنفسهم لان أحكام التاريخ قاسية وعادلة فلا استئناف ولاتعقيب ولا تدخلات ولا اخذ ورد... وما أقسى عدالة التاريخ على من يحاول التزوير والمغالطة وهنا لاباس لو بدأ كل مسؤول جديد بقراءة بعض كتب التاريخ سواء القديم جدا منها او الحديث جدا وسيرى ان الزيف والمغالطة والإيهام والتلاعب حبلها جد قصير مهما طال الزمان...فهناك ناطحات سحاب من الكذب تدحرجت في ثوان وكأنها لم تكن بل خلفت الفضيحة والعار لمن أقامها وهناك أكوام من الافتراءات ألقيت على بطولات حقيقية لم تتمكن من حجب الحقيقة ولو على سطر واحد ونحن على أبواب عيد الاستقلال لنتذكر سعادة الشعب الكريم تلك الجحافل من المواطنين وهي مشدود ة الى مراكز الأمن لتحضر عمليات إنزال العلم المثلث للجندرمة ورفع العلم المفدى ليحل محل الجندرمي عون الحرس الوطني ابن الوطن وأتذكر وأنا في سن المراهقة كيف ان المواطنين كانوا في أوج السعادة والفخر والاعتزاز وهم يشاهدون كيفية إنزال العلم الأحمر والأزرق والأبيض وطويه ورفع العلم المفدى على أنغام الطبل والمزمار نحرشاة تبرّع بها احد أبناء الشعب من فرط شعوره بالسعادة. لا يعرف معنى تلك السعادة الا من عاش فترة الاحتلال والقهر وكيف كان الجندرمي يهين أبناء البلد ويعتدي عليهم لأتفه الأسباب...بل كان علم الوطن حكرا علا بعض البنايات التي لها صبغة مدنية صرفة وكان ممنوعا رفعه في مختلف الأماكن العامة... نعم يمنع رفعه على أرضه... لعن الله الاستعمار ومن ساند الاستعمار مباشرة او بطرق ملتوية ورحم الله كل الذين رفعوا اسم تونس عاليا ورايتها خفاقة بين الأمم وخاصة عباقرة الدبلوماسية الذين تفاوضوا مع أعوان الاحتلال البغيض ولم يضعفوا أمام التهديد والوعيد ووقفوا شامخين أمام عتاة المستعمرين وانتصروا على عمليات التعجيز سواء في برج المراقبة بالمطار او بالقمارق أو بالشرطة وغيرها من ألاعيب الاستعمار الحقيرة.... عمالقة الدبلوماسية التونسية ساهموا في رفع راية تونس خفّاقة في المحافل الدولية ولن يجود الدهر بأمثالهم لأنهم يمثلون الوطنية الصحيحة بلا أطماع ولا حسابات... فيا تلاميذة اليوم في الحضانة طالعوا كتب التاريخ واعلموا ان هامات رجال تونس في السياسية والدبلوماسية كانت شامخة رافعة الرؤوس سواء في فترة الكفاح الوطني او عند مفاوضات الاستقلال الداخلي وفي مختلف فترات بناء الدولة الحديثة... شعار أبناء تونس الأبرار العزة والكرامة وتحدي الأقدار. محمد الكامل