يوم 14 جانفي2011 كان يوما مشهودا بالنسبة لكل التونسيين، فقد عرف ذلك اليوم جملة من الأحداث التي غيرت كل مظاهر الحياة في بلادنا تغييرا كليا... تتابعت تلك الأحداث وتسارعت بشكل لم يكن ينتظره كل التونسيين، الا بعض الاستثناءات منهم وقد انكشفت تفاصيل جلّ تلك الأحداث الا في بعض جزئياتها والمتعلقة أساسا بالسؤال المحير كيف ولماذا قرر الرئيس السابق الهروب بتلك الطريقة؟ لكن هذا السؤال سيلقى لا محالة جوابا وتفسيرا حقيقيا لتلك اللحظات الفارقة في تاريخنا المعاصر. وأحداث 14 جانفي2011 بدأت قبل إقلاع الطائرة المقلة للرئيس الهارب وعائلته اذ قبل إقلاع تلك الطائرة تمّ منع أفراد من عائلة الطرابلسي من مغادرة تونس وتلى مغادرة طائرة بن علي مباشرة إيقاف عضده الأيمن امنيا السيد علي السرياطي وتتالت الأحداث بسرعة البرق ولا مجال لذكر تفاصيلها وتسلسلها... ومن بين تلك الأحداث التي تلت يوم 14 جانفي قرار مصادرة وتجميد أملاك وأموال العديد من أفراد عائلتي بن علي والطرابلسي وصدرت في هذا الشأن قائمة تضمنت 114 فردا سواء من العائلتين المذكورتين او من بعض أصهارهما وذلك في مرحلة أولى ثم ارتفعت تلك القائمة الى اكثر من 150 فردا. وقد تولت لجنة المصادرة التي يترأسها السيد فيصل بن اسماعيل والتي أحدثت بمقتضى مرسوم رئاسي صدر يوم 14 مارس 2011، إصدار القائمة الاسمية الأولى للذين شملتهم قرارات مصادرة أملاكهم وأموالهم وما تلاها من إضافات حتى بلغ عدد الذين شملتهم قرارات المصادرة أكثر من 150 فردا. ولا بد من الإشارة ان اللجنة المذكورة ما تزال تواصل عملها الصعب والدقيق واخر ما قامت به هو مصادرة أسهم بلحسن الطرابلسي في شركتي اسمنت قرطاج وسكر تونس وهي بصدد متابعة ملفي الشركتين المذكورتين فيما يتعلق باسهم شركات أجنبية مالكة يشتبه أنها تابعة هي الأخرى لبلحسن الطرابلسي. لكن وفي المقابل يسود الاعتقاد أن عمليات المصادرة هذه قد مكنت الدولة من مبالغ مالية كبيرة جدا تم ضخها في خزينتها إضافة الى العديد من العقارات المتمثلة في أراض ومبان ذات قيمة لا يستهان بها دون ان ننسى الإرث العقاري الهام الذي كان على ملك التجمع الدستوري الديمقراطي والذي عاد الى الدولة بعد قرار حله. ومع تقديرنا لقيمة العمل الذي تم الى حد الآن القيام به فيما يتعلق باسترجاع الأموال والعقارات المصادرة والتي هي ملك مشاع للمجموعة الوطنية باعتبار أنها صودرت لأنها تحولت الى ملكية أشخاص يغر وجه حق أي أنها نهبت من طرف مجموعة الفساد التابعة للنظام السابق، مع تقديرنا لكل ذلك فانه كان من المفروض ومن المنطقي ان تقدم الدولة جردا للأموال التي تمت مصادرتها وان تكشف عن خطة لصرفها تفيد المجموعة الوطنية او على الأقل الشريحة التي ستنتفع او التي هي قد بدأت تنتفع بها ونفس الشيء يمكن ملاحظته بالنسبة للعقارات وهي كثيرة ومتنوعة اذ فيها ما يمكن استعماله في مشاريع اقتصادية (مصانع، ورشات، الخ...) او مشاريع اجتماعية (مقرات لمنظمات وجمعيات الخ...) لذا نعتقد وفي إطار الشفافية التي انطلق بها العمل منذ يوم 15 جانفي 2011 فإننا ننتظر ان تقوم الحكومة وفي أسرع وقت ممكن بتقديم جرد كامل في العقارات التي "ورثتها" وان تعلن عن الطريقة التي سيتم بها استغلالها بكل وضوح وشفافية حتى يطمئن الجميع ويقتنع ام ما حصل في عهد حكم العائلات والأصهار والتجمع الدستوري الديمقراطي ليتكرر لأن الهمس الذي بدا يصدر عن البعض مفاده ان هناك جهات معينة قد بدأت تستفيد من الأملاك المصادرة دون غيرها قد يصبح في القريب صراخا... ومشاكل ما انزل بها الله من سلطان، فلنتفادى كل ذلك بمجرد تقديم جرد لكامل الأموال والعقارات التي تمت مصادرتها فهي ملك للشعب ومن حقه ان يعرف بكل وضوح ما يملك وأين تصرف أمواله وكيف تدار أملاكه. عبد اللطيف بن هدية