الزهراء.. الاطاحة بعنصر تكفيري محكوم ب 5 سنوات سجنا    رئيس الحكومة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية    عاجل/ تعرّض تلاميذ كانوا يجتازون 'باك سبور' لحادث مرور.. وهذه حصيلة الاصابات    بطولة الرابطة المحترفة الاولى(مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    علامة ''هيرمس'' تعتذر لهيفاء وهبي    رمادة وطبلبة: حجز كمّيات من المشروبات الكحولية    بعد جارتها عمان: الإمارات تحذّر مواطنيها من حدوث فيضانات    مرتبطة بجائحة كورونا.. فضائح مدوية تهز الولايات المتحدة وبريطانيا    عاجل/ أطنان من السميد والفارينة والسكر: كشف مخزن عشوائي في حي النصر    عاجل/ الأردن: "لا طهران ولا غيرها مسموح لهم باختراق أجواءنا"    منوبة: رفع 741 مخالفة خلال تنفيذ ­­6617 زيارة مراقبة اقتصادية طيلة شهر    توفير فضاء افتراضي آمن وآليات مراقبة لدى ابحار الأطفال على الأنترنات    البنك الدولي يتوقع نمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ب 2.7% في العام الجاري    شيخ جزائري يثير الجدل: "هذه الولاية بأكملها مصابة بالمس والسحر"!!    للمرة الأولى.. مغني الراب التونسي "جنجون" ينضم لقائمة بيلبورد عربية    أنس جابر تنعش خزينة النجم الساحلي .. وتساهم في غلق النزاعات الدولية    تغير المناخ: تونس الخامسة في العالم الأكثر عرضة لخطر الجفاف المتزايد    وزير التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة 4 إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي    جمعية القضاة تطالب بفتح تحقيقات حول قرارات التجريد من الخطط القضائية والإيقافات عن العمل.    دليلة مصدق تقدم التهم الموجهة للمتهمين في قضية التآمر..التفاصيل    الكاف: الاتفاق على بناء خزانين جديدين للماء الصالح للشرب    تفكيك شبكة مختصة في بيع سماعات وتوابعها تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات ..    منتدى الحقوق الاجتماعية يدعو إلى إيقاف الانتهاكات التي تطال المهاجرين التونسيين في إيطاليا    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب    منوبة ..5075 مترشحا لاختبارات مادة التربية البدنية    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    الحماية المدنية: 19 حالة وفاة في يوم واحد    مرب يتذكر...مختار صخراوي ...مهنة التعليم شاقة ودون مردود مالي !    أبطال إفريقيا: إصابة نجم ماميلودي صن دانوز أيام قبل مواجهة الترجي الرياضي    يورو 2024 : منتخب فرنسا يحتفظ بريادة التصنيف الدولي لأفضل 10 منتخبات أوروبية    في الملتقى الإقليمي المدرسي للموسيقى بسليانة..إعدادية النفيضة تحصد ثلاثة جوائز    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    أول تعليق لرئيس الجمهورية على أعمال العنف في حي التضامن..    مع الشروق ..من «الصبر الاستراتيجي» إلى الرّدع ... ماذا بعد؟    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    تفاصيل القبض على مروج مخدرات وحجز 20 قطعة من مخدر القنب الهندي في سليمان    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    عاجل : خلية أحباء النادي الافريقي بألمانيا تهدد    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    أولا وأخيرا: ربيع النقل السريع    الأولى في القيادة الأركسترالية في مهرجان «Les Solistes»...مريم وسلاتي مستقبل قائدة أوركستر عالمية    صفاقس ..70 عارضا بصالون الموبيليا وجهاز العرس    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    تونس: 25 دولة ستُشارك في معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نابل: فيروس “كورونا” يعطل حركة الزمن، ويفرغ النزل من روادها، ويعصف بالموسم السياحي
نشر في المصدر يوم 20 - 04 - 2020

استيقظ محمد على عادته باكرا لا ليذهب الى عمله بل ليجلس في شرفة منزله بعد أن امتهن منذ شهر متابعة مرور الساعات الطوال. يحتسي رشفة من قهوته ويتأمل الدخان المتصاعد في بطء إلى السماء من سيجارته الثانية أو لعلها الثالثة او الرابعة، عساه يجيبه على حيرة أغرقته في سواد قاتم، أو أن يخفف عنه وطأة كابوس فيروس “كورونا” بعد ان بات البؤس على قاب قوسين أو أدنى من باب بيته.
بالأمس كان محمد يستيقظ فجرا مستبشرا ليتوجه الى عمله بأحد النزل السياحية بنابل؛ نزل كانت لا تتوقف فيها الحركة منذ الساعات الاولى من الصباح بين مغادر او وافد او مقيم اختار السباحة فجرا. اليوم عطل فيروس كورونا حركة الزمن. أقفرت النزل وذبلت بهجتها وخيم عليها حزن لا يقطعه الا شدو عصافير خلت لها الارض والسماء.
يتمتم كلمات ” الحمد لله اننا بخير ولم نصب بكورونا”. يحدث نفسه قائلا “كنا نعد لزواج ابننا الأكبر وننتظر انطلاق الموسم السياحي لنحصل ما بقي من مصاريف اقامة الحفل وتجهيز المنزل؛ كنا بدأنا في ادخارها منذ ثلاث سنوات، واليوم اجلنا كل شيء، وبعد قرابة شهر من الحجر الشامل جراء كورونا اللعينة ها قد بدأنا في استهلاك ما جمعناه لنؤمن حاجياتنا اليومية”. “الاهم اننا بصحة جيدة والباقي بيد الله”.
محمد هو أحد العاملين في القطاع السياحي؛ قطاع يوفر في ولاية نابل اكثر من 22 الف موطن شغل مباشر و 52 الف موطن شغل غير مباشر. يزور الجهة سنويا أكثر من مليون سائح وتصل طاقة ايوائها الفندقية الى نحو 52 ألف سرير موزعة على 150 وحدة فندقية. عدد الاسرة يترجم بدوره الى موارد رزق لعائلات هي اليوم كما غالبية التونسيين تنتظر رحمة الله.
“قطاع السياحة يعيش اليوم على وقع زلزال “كورونا” الذي ضرب العالم وموسمنا ذهب هباء” كلمات لخصت بها، في حديث ل(وات)، رئيسة الجامعة الجهوية للنزل شيراز بوعسكر حالة القطاع .
وتتابع بوعسكر “يخطئ الكثيرون بتهجمهم على قطاعنا ويحز في أنفسنا تخويننا والتشكيك في وطنيتنا وفي حبنا لبلادنا في هذا الظرف العصيب الذي ساهمنا فيه طوعا بتوفير 5 الاف غرفة للخاضعين للحجر الصحي الاجباري على سبيل الذكر.
وتؤكد أنه من غير المعقول أن يتهم المهنيون بانهم غير معنيين بوضعية عمالهم خاصة وان زلزال “كورونا” ضرب الجميع ولا يفرق بين العامل او ارباب الاعمال، فجميعهم في مركب واحد، وتابعت: “نحن ابناء هذه البلاد نأكل من خيراتها ونفرح لفرحها ونحزن لحزنها ونتألم لأوجاعها”.
نسبة الاشغال باغلب الوحدات الفندقية قاربت في شهر مارس 2019 بولاية نابل ال70 بالمائة وفق تقارير سياحية جهوية بينما هي اليوم لا تكاد تتخطى الصفر بعد ان اقفرت النزل واقتصر عمل عدد منها على استقبال المودعين في الحجر الصحي الاجباري.
تقول بوعسكر وفي صوتها لوعة ” لقد اختارت الازمة توقيتها لتصيبنا في مقتل في منتصف شهر مارس” اذ ان استئناف النشاط السياحي بولاية نابل غالبا ما يتزامن مع العطلة المدرسية ومع الاحتفالات بمهرجان الربيع وبموسم الزهر وهي ذات الفترة التي يتحصل فيها اصحاب النزل على تسبقات مالية من وكالات الاسفار العالمية بعنوان الحجوزات المبكرة “الارلي بوكينغ”.
ولاية نابل قطب سياحي متميز بجمعها لنحو 40 بالمائة من طاقة الايواء الوطنية، وقطاعها السياحي قطاع استراتيجي ومحرك رئيسي للتنمية. يعرف اهالي الوطن القبلي السياحة ب”قاطرة التنمية” فالنزل والمطاعم السياحية هي من اهم حرفاء الفلاح والبحار والجزار ومربي الدواجن لترويج خضرهم وغلالهم واسماكهم، والسياحة هي مورد رزق لسائق التاكسي والحرفي الذي يبيع منتوجه التقليدي وحتى لعطار الحي واغلب حرفائه من العاملين في القطاع بصفة مباشرة او غير مباشرة.
تشدد رئيسة الجامعة الجهوية لاصحاب النزل من جهتها: ” اولى اولوياتنا اليوم انقاذ مواطن الشغل، وقد دفعنا بعد أجرة شهر مارس وانطلقت الجامعة الوطنية في التفاوض مع المنظمة الشغيلة لايجاد حلول لاجرة شهر افريل وللاشهر القادمة في ظل ضبابية الرؤية”. تزداد كلماتها اهمية خاصة وان المطروح اليوم على اصحاب القرار ايجاد انجع الاليات للمحافظة على مواطن الشغل وانقاذ قطاع هو من ابرز موفري العملة الصعبة.
وزير السياحة السابق روني الطرابلسي اعلن في موفى شهر ديسمبر 2019 ان القطاع السياحي حقق خلال الموسم الفارط عائدات فاقت 5 ملياردينار. وفاق عدد السياح الوافدين على تونس عتبة 9 ملايين سائح من بينهم 2 فاصل 6 مليون سائح جزائري.
– الموسم السياحي انتهى قبل بدايته
اتفقت عديد التحاليل الاقتصادية التي درست تداعيات “كورونا” على السياحة العالمية على أن إلغاء الحجوزات وتوقف حركة المطارات بعد ايقاف الرحلات ومواصلة تطبيق الحجر في كل البلدان الموفدة للسياح هو “ضربة موجعة قد تقسم ظهر القطاع السياحي في عديد الوجهات العالمية وخاصة بلدان جنوب المتوسط”.
ذهبت رئيسة الجامعة الجهوية لاصحاب النزل الى اعتبار القطاع السياحي قطاعا “منكوبا”، مبرزة أن اكثر المختصين تفاؤلا يتوقعون بان 30 بالمائة من اسطول الفنادق سيضمحل في تونس بسبب ازمة كورونا.
ولعل الاهمية الاستراتجية للقطاع السياحي في تونس الذي يساهم باكثر من 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بالاضافة الى توفيره لنحو مليون موطن شغل مباشر وغير مباشر، تؤكد حاجته الملحة الى اليات او اجراءات استثنائية تساعده على الصمود امام إعصار قد ياتي على الاخضر واليابس.
من المهنيين من بدأ التفكير في الموسم السياحي القادم 2021 بعد أن قبل مكرها بان الموسم السياحي قد انتهى قبل أن يبدأ .
نرجس بوعسكر ابرزت ان المسالة تزداد تعقيدا حتى بالنسبة للموسم السياحي القادم خاصة في ظل ضغوطات وكالات الاسفار العالمية التي لم تتوان عن استغلال الازمة وعملت على استضعاف النزل بالمطالبة بتحويل عقود 2020 لسنة 2021 مع الإبقاء على نفس الأسعار والامتيازات الممنوحة في إطار عقود الحجوزات المبكرة، مع المطالبة بتطبيق تدابير سلامة صحية أكثر صرامة وتجهيز النزل بمعدات للتوقي من العدوى والسلامة الصحية.
تشير توقعات رجال الاقتصاد والمختصين بأن القطاع السياحي في تونس سيعرف أكبر ازمة في تاريخه. ازمة ستتسبب في فقدان مئات الآلاف من مواطن الشغل وفي خسائر يمكن ان تصل الى 4 آلاف مليار دينار.
أرقام تؤكد أن القطاع في حاجة ماسة الى إفراده بإجراءات خاصة، وإلى التفكير في سبل تجاوز ارتدادات “كورونا” والمحافظة على مواطن الشغل، خاصة وأن آلاف العاملين في القطاع مقتنعون بأن القطاع سيصمد فقد عاود الوقوف بعد حادثة سبتمبر 2001 وبعد الثورة التونسية في 2011 وبعد الأحداث الارهابية التي عرفتها تونس.
رغم قساوة الظرف ما يزال العاملون في القطاع السياحي في انتظار بصيص من الامل، وكلهم تفاؤل بان الاقدار ستستجيب لدعواتهم، وبان السياحة ستعود كما كانت أو أحسن، وهنا يؤكد لنا محمد، بعد ان استرق من الحيرة ابتسامة “سنتغلب على “كورونا” وستعود الحركة ويدور “الدولاب”، وسأقيم حفل زفاف ابني، وسأدعو كل أقاربي وكل اصحابي واحبابي لفرحة العمر”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.