تأجيل محاكمة راشد الغنوشي وعدد من قيادات حركة النهضة إلى سبتمبر المقبل    قضية "التآمر على أمن الدولة 2": تأجيل الجلسة إلى 8 جويلية لإعذار المتهمين والنطق بالحكم    في ذكرى استقلال بلادها.. سفارة الولايات المتحدة الأمريكية تجدد الالتزام بتعزيز العلاقة الحيوية مع تونس    عاجل/ صابة الحبوب تتجاوز 9 مليون قنطار الى حدود الخميس    مستقبل المرسى يتعاقد مع اللاعب أسامة الجبالي    الليلة: البحر هادئ وأمطار بهذه المناطق    ڨبلي: نجاح أول عملية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    وزير التجارة: صادرات زيت الزيتون زادت بنسبة 45%    الاتحاد المنستيري يعلن منتصر الوحيشي مدربًا جديدًا ويكشف عن التركيبة الكاملة للجهاز الفني    فيديو تهاطل الأمطار على كميات من الحبوب: غرفة مجمّعي الحبوب توضّح.. #خبر_عاجل    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    هالة بن سعد مديرة للمركز الوطني لفن العرائس    ملتقى التشيك الدولي لبارا ألعاب القوى: النخبة التونسية ترفع رصيدها الى 5 ذهبيات وفضيتين    ترتيب تونس ضمن مؤشر تقديم الخدمات العامة في إفريقيا.. #خبر_عاجل    عاجل -مقترح قانون للتوانسة : 500 دينار خطية إذا ولدك يعوم وحدو و توصل ل10 ملاين في هذه الحالة    سرقة اثار: الحرس الوطني يلقي القبض على 4 أشخاص ويحجز سيارتين بمكثر    عاجل - وزارة الداخلية : 3300 عون مؤجّر معنيون بتسوية وضعياتهم بعد منع المناولة    غزّة: الناس يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدّة الجوع.. #خبر_عاجل    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    مرض السكرّي يقلّق برشا في الليل؟ هاو علاش    تخدم الكليماتيزور كيف ما جا؟ هاو وين تغلط وشنوّة الصحيح باش ترتاح وتوفّر    الرحلة الجزائرية الاصدار الجديد للكاتب محمود حرشاني    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    إذا ولدك ولا بنتك في ''السيزيام'' جاب 14/20.. ينجم يدخل للنموذجي؟ شوف الإجابة!    باش تمشي تعوم؟ شوف البحر شنو حالتو في الويكاند    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    مروع: يقتل ابنه ضربا وصعقا بالكهرباء…!    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    "حماس": نناقش مع الفصائل الفلسطينية مقترح وقف إطلاق النار    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    إصابات جرّاء انفجار هائل بمحطة وقود في روما    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    إيران تعيد فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الداخلية والخارجية والترانزيت..#خبر_عاجل    عاجل/ اختراق استخباراتي إسرائيلي داخل ايران يكشف مفاجآت..!    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجته الحامل طعنا بالسكين..!!    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    بداية من 6 جويلية 2025: شركة نقل تونس تخصص 10 حافلات خاصة بالشواطئ    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص اضراب الأطباء الشبان..وهذه التفاصيل..    تشريعات جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في تونس: دعوات لتقليص الجانب الردعي وتكريس آليات التحفيز    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    بشرى سارة لمرضى السرطان..    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نابل: فيروس “كورونا” يعطل حركة الزمن، ويفرغ النزل من روادها، ويعصف بالموسم السياحي
نشر في المصدر يوم 20 - 04 - 2020

استيقظ محمد على عادته باكرا لا ليذهب الى عمله بل ليجلس في شرفة منزله بعد أن امتهن منذ شهر متابعة مرور الساعات الطوال. يحتسي رشفة من قهوته ويتأمل الدخان المتصاعد في بطء إلى السماء من سيجارته الثانية أو لعلها الثالثة او الرابعة، عساه يجيبه على حيرة أغرقته في سواد قاتم، أو أن يخفف عنه وطأة كابوس فيروس “كورونا” بعد ان بات البؤس على قاب قوسين أو أدنى من باب بيته.
بالأمس كان محمد يستيقظ فجرا مستبشرا ليتوجه الى عمله بأحد النزل السياحية بنابل؛ نزل كانت لا تتوقف فيها الحركة منذ الساعات الاولى من الصباح بين مغادر او وافد او مقيم اختار السباحة فجرا. اليوم عطل فيروس كورونا حركة الزمن. أقفرت النزل وذبلت بهجتها وخيم عليها حزن لا يقطعه الا شدو عصافير خلت لها الارض والسماء.
يتمتم كلمات ” الحمد لله اننا بخير ولم نصب بكورونا”. يحدث نفسه قائلا “كنا نعد لزواج ابننا الأكبر وننتظر انطلاق الموسم السياحي لنحصل ما بقي من مصاريف اقامة الحفل وتجهيز المنزل؛ كنا بدأنا في ادخارها منذ ثلاث سنوات، واليوم اجلنا كل شيء، وبعد قرابة شهر من الحجر الشامل جراء كورونا اللعينة ها قد بدأنا في استهلاك ما جمعناه لنؤمن حاجياتنا اليومية”. “الاهم اننا بصحة جيدة والباقي بيد الله”.
محمد هو أحد العاملين في القطاع السياحي؛ قطاع يوفر في ولاية نابل اكثر من 22 الف موطن شغل مباشر و 52 الف موطن شغل غير مباشر. يزور الجهة سنويا أكثر من مليون سائح وتصل طاقة ايوائها الفندقية الى نحو 52 ألف سرير موزعة على 150 وحدة فندقية. عدد الاسرة يترجم بدوره الى موارد رزق لعائلات هي اليوم كما غالبية التونسيين تنتظر رحمة الله.
“قطاع السياحة يعيش اليوم على وقع زلزال “كورونا” الذي ضرب العالم وموسمنا ذهب هباء” كلمات لخصت بها، في حديث ل(وات)، رئيسة الجامعة الجهوية للنزل شيراز بوعسكر حالة القطاع .
وتتابع بوعسكر “يخطئ الكثيرون بتهجمهم على قطاعنا ويحز في أنفسنا تخويننا والتشكيك في وطنيتنا وفي حبنا لبلادنا في هذا الظرف العصيب الذي ساهمنا فيه طوعا بتوفير 5 الاف غرفة للخاضعين للحجر الصحي الاجباري على سبيل الذكر.
وتؤكد أنه من غير المعقول أن يتهم المهنيون بانهم غير معنيين بوضعية عمالهم خاصة وان زلزال “كورونا” ضرب الجميع ولا يفرق بين العامل او ارباب الاعمال، فجميعهم في مركب واحد، وتابعت: “نحن ابناء هذه البلاد نأكل من خيراتها ونفرح لفرحها ونحزن لحزنها ونتألم لأوجاعها”.
نسبة الاشغال باغلب الوحدات الفندقية قاربت في شهر مارس 2019 بولاية نابل ال70 بالمائة وفق تقارير سياحية جهوية بينما هي اليوم لا تكاد تتخطى الصفر بعد ان اقفرت النزل واقتصر عمل عدد منها على استقبال المودعين في الحجر الصحي الاجباري.
تقول بوعسكر وفي صوتها لوعة ” لقد اختارت الازمة توقيتها لتصيبنا في مقتل في منتصف شهر مارس” اذ ان استئناف النشاط السياحي بولاية نابل غالبا ما يتزامن مع العطلة المدرسية ومع الاحتفالات بمهرجان الربيع وبموسم الزهر وهي ذات الفترة التي يتحصل فيها اصحاب النزل على تسبقات مالية من وكالات الاسفار العالمية بعنوان الحجوزات المبكرة “الارلي بوكينغ”.
ولاية نابل قطب سياحي متميز بجمعها لنحو 40 بالمائة من طاقة الايواء الوطنية، وقطاعها السياحي قطاع استراتيجي ومحرك رئيسي للتنمية. يعرف اهالي الوطن القبلي السياحة ب”قاطرة التنمية” فالنزل والمطاعم السياحية هي من اهم حرفاء الفلاح والبحار والجزار ومربي الدواجن لترويج خضرهم وغلالهم واسماكهم، والسياحة هي مورد رزق لسائق التاكسي والحرفي الذي يبيع منتوجه التقليدي وحتى لعطار الحي واغلب حرفائه من العاملين في القطاع بصفة مباشرة او غير مباشرة.
تشدد رئيسة الجامعة الجهوية لاصحاب النزل من جهتها: ” اولى اولوياتنا اليوم انقاذ مواطن الشغل، وقد دفعنا بعد أجرة شهر مارس وانطلقت الجامعة الوطنية في التفاوض مع المنظمة الشغيلة لايجاد حلول لاجرة شهر افريل وللاشهر القادمة في ظل ضبابية الرؤية”. تزداد كلماتها اهمية خاصة وان المطروح اليوم على اصحاب القرار ايجاد انجع الاليات للمحافظة على مواطن الشغل وانقاذ قطاع هو من ابرز موفري العملة الصعبة.
وزير السياحة السابق روني الطرابلسي اعلن في موفى شهر ديسمبر 2019 ان القطاع السياحي حقق خلال الموسم الفارط عائدات فاقت 5 ملياردينار. وفاق عدد السياح الوافدين على تونس عتبة 9 ملايين سائح من بينهم 2 فاصل 6 مليون سائح جزائري.
– الموسم السياحي انتهى قبل بدايته
اتفقت عديد التحاليل الاقتصادية التي درست تداعيات “كورونا” على السياحة العالمية على أن إلغاء الحجوزات وتوقف حركة المطارات بعد ايقاف الرحلات ومواصلة تطبيق الحجر في كل البلدان الموفدة للسياح هو “ضربة موجعة قد تقسم ظهر القطاع السياحي في عديد الوجهات العالمية وخاصة بلدان جنوب المتوسط”.
ذهبت رئيسة الجامعة الجهوية لاصحاب النزل الى اعتبار القطاع السياحي قطاعا “منكوبا”، مبرزة أن اكثر المختصين تفاؤلا يتوقعون بان 30 بالمائة من اسطول الفنادق سيضمحل في تونس بسبب ازمة كورونا.
ولعل الاهمية الاستراتجية للقطاع السياحي في تونس الذي يساهم باكثر من 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بالاضافة الى توفيره لنحو مليون موطن شغل مباشر وغير مباشر، تؤكد حاجته الملحة الى اليات او اجراءات استثنائية تساعده على الصمود امام إعصار قد ياتي على الاخضر واليابس.
من المهنيين من بدأ التفكير في الموسم السياحي القادم 2021 بعد أن قبل مكرها بان الموسم السياحي قد انتهى قبل أن يبدأ .
نرجس بوعسكر ابرزت ان المسالة تزداد تعقيدا حتى بالنسبة للموسم السياحي القادم خاصة في ظل ضغوطات وكالات الاسفار العالمية التي لم تتوان عن استغلال الازمة وعملت على استضعاف النزل بالمطالبة بتحويل عقود 2020 لسنة 2021 مع الإبقاء على نفس الأسعار والامتيازات الممنوحة في إطار عقود الحجوزات المبكرة، مع المطالبة بتطبيق تدابير سلامة صحية أكثر صرامة وتجهيز النزل بمعدات للتوقي من العدوى والسلامة الصحية.
تشير توقعات رجال الاقتصاد والمختصين بأن القطاع السياحي في تونس سيعرف أكبر ازمة في تاريخه. ازمة ستتسبب في فقدان مئات الآلاف من مواطن الشغل وفي خسائر يمكن ان تصل الى 4 آلاف مليار دينار.
أرقام تؤكد أن القطاع في حاجة ماسة الى إفراده بإجراءات خاصة، وإلى التفكير في سبل تجاوز ارتدادات “كورونا” والمحافظة على مواطن الشغل، خاصة وأن آلاف العاملين في القطاع مقتنعون بأن القطاع سيصمد فقد عاود الوقوف بعد حادثة سبتمبر 2001 وبعد الثورة التونسية في 2011 وبعد الأحداث الارهابية التي عرفتها تونس.
رغم قساوة الظرف ما يزال العاملون في القطاع السياحي في انتظار بصيص من الامل، وكلهم تفاؤل بان الاقدار ستستجيب لدعواتهم، وبان السياحة ستعود كما كانت أو أحسن، وهنا يؤكد لنا محمد، بعد ان استرق من الحيرة ابتسامة “سنتغلب على “كورونا” وستعود الحركة ويدور “الدولاب”، وسأقيم حفل زفاف ابني، وسأدعو كل أقاربي وكل اصحابي واحبابي لفرحة العمر”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.