لم انضم إلى هيئة مساندة أحمد نجيب الشابي المرشح للرئاسية المقبلة وأعتقد أني لن انضم إليها. ذلك أنه بالرغم من الصداقة الطويلة والصادقة التي تجمعنا، فقد اتسع تباعدنا السياسي والعقائدي بحكم التطور الفكري لكل منا إلى درجة أني أصبحت اعتبره اليوم خصما أكثر مما هو حليف. ولقد تجلت بعض جوانب هذا الخصام من خلال السجال الذي دار بيننا علنا على صفحات جريدة "الموقف" وحتى على شاشة "الحوار التونسي". وأعتقد أن الاشهر القادمة كفيلة بمزيد توضيح هذه الجوانب الخلافية التي تمثل في رأيي مشروعين مجتمعيين مختلفين وليست مجرد اختلافات سياسية برنامجية. ولكن هذا لا يمنعني من اعتبار الأستاذ الشابي من أشجع وأذكى الشخصيات السياسية الوطنية. ولقد برهن على ذلك مرة أخرى من خلال إعلان ترشحه في الظروف وبالشروط التي نعرفها. وسوف يسجّل له التاريخ، مهما كان مآل ترشحه ومهما كانت مردودية حملته، دوره الرائد في وضع المعارضة على درب العمل السياسي الفعّال بتوجهه الى المواطن بدلا من الاستمرار في "عتاب" السلطة وتغييب المواطنين. أما مبرّرات هذه التقدير فهي على غاية من البساطة.ويمكن تلخيصها في ثلاث نقاط : تفوق الامكانيات المادية والبشرية المتوفرة للسلطة بآلاف المرات على إمكانيات المعارضة، ورغم ذلك فقد بدأت السلطة حملتها الانتخابية منذ ما يزيد عن سنة. وليس من شك في كونها سوف تواصلها الى يوم الاقتراع. فهل يعقل ان تتمسك المعارضة بالرزنامة التي حددّتها لها السلطة والمتمثلة في حملة انتخابية لمدة اسبوعين؟ كما أن بدء المعارضة حملتها من اليوم يكرّس مبدأ "يجوز لك ما يجوز لغيرك". تسنّ السلطة شروطا تقصي الجميع وتتكتّم على شروط المشاركة الاستثنائية الى غاية بعض أسابيع قبل الموعد الانتخابي كطريقة من طرق "شلّ الحركة". فهل يعقل أن ندخل عن طواعية في هذا العملية الانتحارية؟ والأهم من كل هذا هو أنه لو فرضنا أن المدة الفاصلة بين تاريخ اليوم و الموعد الانتخابي سوف تفضي الى حرمان المرشح من حق المشاركة فان هذا المرشح يكون قد كسب سنتين للتعريف بشخصه وبمقترحاته وبسياسته. وليس من شك في كون هذا هو المردود المطلوب من كل عمل سياسي. هذا بالاضافة الى كون تعدد الترشحات وتكثيف الحملات سوف يكون له بالغ التأثير على السلطة عندما تلجأ مثل عادتها الى سنّ اجراءاتها الاستثنائية. فبقدر ما تكون هذه الترشحات متعددة وتكون الحملات كثيفة بقدر ما يصعب على السلطة، تجاه الرأي العام الوطني والدولي، أن تسنّ إجراءات اقصائية تماما. * مدير قناة "الحوار التونسي"