طالب فقهاء وأساتذة في الشريعة الإسلامية الدكتور حسن الترابي بالكف عن الفتوى، مُرْجِعين ذلك إلى أن عدداً من فتاواه جاءت مخالفة للشريعة الإسلامية، وخارجة عن قواعد الاجتهاد الأصيلة القائلة بعدم الاجتهاد مع النص أو الإجماع، أو الاجتهاد في الغيبيات. وصدرت هذه المطالبات من الدكتور عبد المعطي بيومي والدكتور محمد رأفت عثمان (العضوان بمجمع البحوث الإسلامية) التابع للأزهر الشريف، والدكتور كمال إمام أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، وذلك خلال ندوة عقدتها شبكة "إسلام أون لاين.نت" الثلاثاء 20-6-2006 بعنوان: "فتاوى الترابي.. قراءة في المنهج والتطبيق" معتبرين أن الترابي "رجل قانون وليس له علاقة بأصول الفقه واستنباطاته". وألمح الدكتور عبد المعطي بيومي إلى أن الترابي "ضحى بالنصوص في سبيل ما يراه هو مصلحة شرعية، وموائمة"، كما أنه "خلط بين الفقه والأصول والأحكام والقواعد وبحث في قضايا لا يفيد الاجتهاد فيها سوى مخالفة أحكام شرعية ثابتة". وأكد بيومي على أن "الاجتهاد لا بد أن يكون صادرًا من أهله وفي محله في الشيء القابل للاجتهاد التي تكون فيه النصوص محتملة". فتاوى مثيرة للجدل وتضمنت الندوة التي جاءت بناء على ورقة أعدها الباحث الشرعي بالموقع مسعود صبري طرح عدد من فتاوى الترابي المثيرة للجدل وتحليلها، ومن بين تلك الفتاوى المثيرة: قوله بجواز زواج المسلمة من الكتابي، وأن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماما، وأنه يجوز للمرأة أن تؤم المسلمين في الصلاة، وأن الحجاب مقصود به غطاء جزء من الصدر، وإنكاره للحور العين كخلق خاص، وكذلك إنكاره نزول عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان. د.عبد المعطي بيومي (يمينا) بجواره د.محمد رأفت عثمان خلال الندوة وتعليقاً على هذه الفتاوى قال الدكتور بيومي: "نحن نخالف الترابي في عدة فتاوى أهمها إباحة زواج المسلمة من كتابية، حيث أقام مرجعيته على أنه لا يوجد نص في الكتاب والسنة مع أن النص موجود في قوله تعالى: {وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}. وألمح الدكتور بيومي إلى أن فتوى الترابي حول إمامة المرأة للرجل "مردودة؛ لأنه قول تجاوز حدود الاجتهاد، حيث هناك إجماع على أن إمامة المرأة لا تجوز، كما أنه لا يوجد هناك مصلحة في أن توأم المرأة الرجل في الصلاة". "ليس متخصصاً في الفقه" أما الدكتور محمد رأفت عثمان فقد وجه انتقادا شديدا للترابي قائلا: "إن الترابي يفاجئنا بآراء فقهية مع أنه ليس متخصصا في الفقه الإسلامي فهو رجل قانون وليس له علاقة بأصول الفقه واستنباطاته"، وأكد أن الفقيه المجتهد "لا بد فيه من عدة هي الإلمام باللغة العربية ومقاصدها، وأصول الفقه، ومقاصد الشريعة". وبالنسبة للحجاب وما قال به الترابي حول عدم فرضيته، أرجع الدكتور عثمان هذه الفتوى إلى كلام ردده البعض بحجة أن كلمة حجاب لم تأت في القرآن إلا لنساء الرسول، وقال: "في هذا نقول نعم لأن الحجاب المذكور لنساء النبي هو التستر التام، أما الحجاب الذي هو بتغطية الشعر فهو أمر ثابت والخلاف في الوجه واليدين وليس في تغطية الشعر". ومن جانبه رأى الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية أن "أزمة الترابي الحقيقية في منهجه الأصولي، وأن الأولى به أن يشتغل بالقضايا السياسية في السودان وغيرها، كقضايا حقوق الإنسان، ولمّ شمل الوحدة، بدلا من أن يثير زوبعات فقهية وعقدية لا محل لها من الصحة". وأوضح إمام أنه "لا يجوز للمسلم أن يسقط واجبًا بتغير المكان، فهو أينما كان يحمل معه خطاب الله له ويطبقه، وعليه فلا يجوز أن يزوج المسلم بناته من غير المسلمين باعتبار أن المجتمع يقبله، فيصبح زواجا مدنيا". وفي السياق ذاته عقب الشيخ عبد الخالق حسن الشريف من علماء مصر على فتوى الترابي حول إنكار قضية نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، وقال: "إنها قضية اعتقاديه لكن لها آثار في واقع المسلمين وغير المسلمين، حيث روى فيها أكثر من 50 حديثا عن رسول الله، علاوة على 35 حديثا مرسلا، و35 أثرًا، وبالتالي تكون فتوى الترابي فيها بإنكار نزول عيسى مخالفة لتلك النصوص الشرعية". ويرى مسعود صبري الباحث الشرعي ب"إسلام أون لاين.نت" أن ما ذهب إليه الترابي "خالف في غالبه منطوق القرآن والسنة وإجماع علماء المسلمين، وأنه مع كونه يرى وجوب الاجتهاد في أصول الفقه، فإنه لم يلتزم بمنهجه في الاجتهاد". وأضاف أن "منهج فهم النصوص الشرعية عند الترابي يحتاج إلى مراجعة أصولية، وفق منهج علماء الأصول، وليس وفق منهج الفلاسفة والمناطقة".