اتّجهت الأنظار في المدّة الأخيرة إلى معتمدية المتلوي التي طالت مدّة تخلّفها عن دائرة الاحتجاج، خاصّة منذ 15 ماي تاريخ دخول 14 مواطنا في إضراب جوع للمطالبة بإرجاعهم إلى عملهم. والملاحظ أنّه طيلة مدّة الإضراب كانت المساندة والزيارات محدودة سواء من قبل الأحزاب السياسية أو من قبل المنظمات الوطنية وكان إجمالي الحضور اليومي بدار الاتحاد المحلي للشغل بالمتلوي يتلخّص في المضربين وعائلاتهم وعدد قليل من نقابيي الجهة. انتظم ثاني اجتماع عام منذ انطلاق الإضراب عن الطعام أمام الاتحاد المحلي للشغل بالمتلوي بحضور أهالي المضربين، ومن ثمّة قام عدد من النساء بغلق الطريق الرئيسي أمام دار الاتحاد قصد القيام بمسيرة رمزيّة ثانية، إلاّ أن كادرا أمنيا برتبة رائد قام بالاعتداء على زوجة المضرب بنّاني المنصوري وهو ما استفزّ الحضور وكان بمثابة ساعة الصفر لانطلاق انتفاضة عاصمة الحوض المنجمي، حيث ردّ المواطنون مباشرة بالضرب على الرّائد ومن ثمّة اتجهوا في مسيرة نحو وسط المدينة وباقي أرجائها إلا أن قوات الأمن حاولت تفريقها وهو ما أدّى إلى اندلاع مواجهات عنيفة وإفقاد التحركات طابعها المطلبي السلمي مما جعل المتظاهرين يتوجّهون إلى المعتمديّة ملحقين بها أضرارا جسيمة. وقد قامت قوّات الأمن يومها بإلقاء القبض على أربعة أشخاص أطلقت فيما بعد سراح ثلاثة منهم وأبقت على السيد "السعيد بخايريّة" وهو صحفي يعرف في الجهة بجرأته ومتابعته المتواصلة لكلّ الأحداث بالمتلوي. تواصلت المواجهات إلى ساعات متأخرة وتميّزت بانتشارها في عدد من الأحياء وهو ما جعل قوّات الأمن تشتّت طاقاتها وتقوم بإطلاق القنابل المسيلة للدّموع بصفة عشوائيّة طالت حتّى المنازل. كما قام المواطنون بإغلاق جميع الطرقات الرئيسيّة سواء المؤدّية إلى أم العرائس أو إلى توزر. وهو ما دفع السّلطات الجهويّة تطلب التّهدئة وتحدد موعدا لممثّلي المضربين مع والي ڤفصة. السبت 31 ماي 2008: اتّجه كلّ من فتحي سهيل وبناني المنصوري ومحمد الساسي غومة وهشام بن على رحالي إلى ڤفصة لمقابلة الوالي إلا أنه اعتذر وفوّض المعتمد الأول. وانطلقت الجلسة منذ حوالي التاسعة بحضور عمارة العباسي الذي رفض في البداية مطالب المضربين إلا أنّه ومع انتهاء الجلسة باتّفاق موثق في محضر جلسة مع ممثل الوالي قرّر تبنّي الاتحاد لمطالبهم، وفي خصوص الاتّفاق فقد كان كما يلي: - محمد الساسي غومة يرجع إلى سالف عمله في الإبان. - بناني المنصوري وعلى بن محمد الصدراوي يتمّ إرجاعهما إلى سالف عملهما في أجل قصير بما أنهما يعملان في القطاع العمومي. - حبيب جريدي وبوزيان بلقاسم السحيمي، يعانيان من أمراض بالقلب والكلى كما أن مدّة عملهما تقارب 27 سنة، لذا تمّ الاتفاق على تسوية وضعيّتهم مع الضمان الاجتماعي وإحالتهما على التقاعد. - بقيّة المضربين تمّ الاتفاق على عودتهم أيضا إلى سالف عملهم ولكن ستتمّ دراسة الملفات حسب الأولويّة أي حسب الظروف الاجتماعيّة وذلك في جلسات أخرى أوّلها يوم الاثنين. وفي المتلوي اندلعت المواجهات من جديد منذ العاشرة صباحا وكالعادة قامت قوات البوب بإطلاق مكثف للقنابل المسيلة للدّموع إلا أنهم كل ما حاولوا الدخول إلى الأحياء (خاصّة الطرابلسيّة والسوافة والملاجئ ولاڤار) إلاّ وتكبّدوا عدّة خسائر خاصة لدى الأعوان. تواصلت المواجهات منذ الصباح إلى حدود الثانية صباحا والرابعة صباحا في بعض الأحياء وقتها قامت الجرّافات بفسح الطرقات الرئيسيّة. الأحد 1 جوان 2008: تميّز بتزايد كبير لقوّات الأمن من البوب والحرس وانتشارهم في كامل أرجاء المتلوي وبالهدوء الذي تواصل إلى حدود الرابعة مساء لتعود المواجهات من جديد والتي لا تتوقف إلا في ساعات مبكرّة من صبيحة الغد.