بداية من هذا التاريخ: لا مجال للفواتير الورقية... والغرامات تصل إلى آلاف الدنانير    تحذير صحي عاجل: ''لا تستهلكوا الأسماك النافقة بسواحل المنستير''    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف    مضيق هرمز يُغلق: من المتضرر؟ وهل تشمل الأضرار تونس؟    صفاقس الأولى وطنياً في باكالوريا 2025: نسبة نجاح تتجاوز 55%    معبر رأس جدير: احباط تهريب 22440 حبة "إكستازي" و2200 غرام من الكوكايين    مدينة قليبية تعيش على وقع الدورة 38 لفيلم الهواة من 16 إلى 23 أوت 2025    من منوبة: توأم يحصد المجد في باكالوريا 2025    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    تقدّم موسم الحصاد بنسبة 26% وتجميع 4.5 ملايين قنطار إلى حدود 19 جوان 2025    بنزرت: اختتام الدورة الأولى لمعرض الورود ومنتجات النحل بمعتمدية تينجة    الهجوم الأمريكي على مواقع نووية إيرانية: غوتيريش يحذر من "تصعيد خطير" و"تهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين"    تحذيرات من موجة حرّ شديدة تسبق مواجهة تشيلسي والترجي في كأس العالم للأندية    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    لقاءات للشراكات التضامنية بين ناشرين مستقلين من العالم العربي والفضاء الفرنكفوني يوم الإثنين بتونس العاصمة    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    أوفيدو يعود إلى "الليغا" بعد 24 عاماً من الغياب    عاجل: دليل التوجيه الجامعي 2025 متاح الآن.. وكلمة العبور بداية من هذا التاريخ    باكالوريا 2025: 104 مترشّحًا فرديًا ينجحون في الدورة الرئيسية وشعبة الآداب تتصدّر    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    الرقبي 7 – كأس الأمم الإفريقية بموريشيوس 2025: فوز لتونس في الدور الثاني    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    القيروان: وفاة أب بعد سماعه خبر نجاح ابنته في الباكالوريا    إيران: لا تلوث إشعاعي بعد القصف الأمريكي على منشآت نووية    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    ترامب يوجه خطابا للأمة والعالم بعد قصف منشآت إيران النووية    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    النادي الافريقي: انتخاب محسن الطرابلسي رئيسا جديدا    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب فضل الله يطرح أسئلة عن المرجعية الشيعيّة

مع تشييع العلامة السيد فضل الله اليوم يخلو لبنان من المراجع الكبار باعتبار ان المبدأ الشيعي الخاص ب "التقليد" في أمور العبادات والمعاملات يوجب على المكلف ان يختار شخصية يرى فيها الكفاءة الدينية للإفتاء في أمور الدين والدنيا. ويطرح غيابه علامات استفهام على واقع المرجعية الدينية الشيعية والتحديات المستقبلية التي تواجهها، بعدما استطاع فضل الله أن يؤسس لواقع جديد في هذه المرجعية طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية، خصوصاً وأن المرجعية شأن لا يورث.
أجمع اللبنانيون كما لم يفعلوا من قبل على الإشادة بصفات المرجع الشيعي العلامة السيد محمد حسين فضل الله التنويرية والإنفتاحية في بيانات نعي ومواقف تعزية، وإن لم يخل بعضها من طابع اللياقات لاختلاف أصحابها الكلي فكريا مع العلامة الراحل، وتقاطرت الشخصيات الرسمية والوفود والفاعليات من كل حدب وصوب على "مستشفى بهمن" في ضاحية بيروت الجنوبية حيث توفي السيد فضل الله لتقديم التعازي إلى عائلته والقيمين على مؤسسته والمشاركة في تشييعه إلى حيث يدفن في صحن مسجد الإمامين الحسنين، وذلك وسط مظاهر حداد شعبي واسع رافقه حداد رسمي، فأقفلت المؤسسات الرسمية وجزء واسع من القطاعات الخاصة في عموم لبنان.
وكان أبرز من حضروا إلى المستشفى للتعزية الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي كسر نظامه الأمني الصارم كي يلقي النظرة الأخيرة على جثمان العلامة الراحل، وهذه من المرات النادرة جدا ان يخرج نصرالله من مقره السري ويجازف بحياته وأمنه مما يؤشر إلى مكانة المرجع فضل الله العالية لدى السيد نصرالله الذي كان أحد مريديه في بدايات نشاطه السياسي- التثقيفي في محلة النبعة بضاحية بيروت الشرقية قبل اندلاع حرب لبنان عام 1975.
وبغياب المرجع فضل الله عن 75 عاما بعد صراع طويل مع المرض يخلو لبنان من المراجع الكبار باعتبار ان المبدأ الشيعي الخاص ب "التقليد" في أمور العبادات والمعاملات يوجب على المكلف ان يختار شخصية يرى فيها الكفاءة الدينية للإفتاء في أمور الدين والدنيا. وقد كان فضل الله في هذا الإطار المرجعية اللبنانية شبه الوحيدة، بينما ينقسم الباقون بين تقليد السيد علي سيستاني في العراق ومرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي. ويطرح غياب المرجع فضل الله علامات استفهام على واقع المرجعية الدينية الشيعية والتحديات المستقبلية التي تواجهها، بعدما استطاع فضل الله أن يؤسس لواقع جديد في هذه المرجعية طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية. علما أن ثمة عددا كبيرا من المراجع في الطائفة الشيعية ممن لا يحظون بنسبة مقلدين كبيرين، فلا يعدون مرجعيات جامعة.
وكان فضل الله ترجم توجهه الاسلامي العالمي من خلال طرح الاسلام كفكر عام غير حزبي وغير طائفي وغير مذهبي، وسعى الى ان يكون عامل جذب متنوعا لكل من أراد التزام الاسلام بلا عقد وحواجز. كما من رواد الحوار الاسلامي المسيحي، والحوار المذهبي السني الشيعي، ولعل الاستجابة التي لاقتها دعوته هذه من عدد كبير من علماء الدين المسيحيين والغربيين عموما جعلت اسمه من الأسماء الاسلامية الكبيرة التي يحترم فكرها وآراؤها لصدقيتها ولمضمونها الديني الانساني الذي يحترم الانسان بمعزل عن لونه وقوميته وانتمائه الحضاري.
وعرف عنه تشجيعه الشديد للتحصيل العلمي واعترافه بالانجازات العلمية، إلى درجة إفتائه بجواز تحديد الشهر القمري بالوسائل العلمية واعترافه بشرعية الاستنساخ البشري وحقوق للمرأة تحفظ عنها تاريخيا مراجع آخرون. أما في السياسة فوقف بكل قوة طوال حياته ولا سيما بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران في الإستيلاء على السلطة في وجه ماكان يسميه "الاستكبار ومقولاته" وخططه، ودعا الى تأسيس مراكز أبحاث علمية دولية محايدة تضع حدودا للمصطلحات والتعريفات مثل "الارهاب" و"محور الشر".
وتمتع فضل الله بدائرة واسعة من الأتباع والمريدين في لبنان ودول الخليج وبلاد المهجر في أفريقيا والولايات المتحدة وكنداوأميركا اللاتينية وأستراليا، مما وفر له إمكانات مالية ودعائية ضخمة، ساعدت على الترويج لمرجعيته الدينية للشيعة العرب، فأنشأ عشرات المدارس والمستشفيات والمؤسسات الإنسانية والإجتماعية التابعة لجمعية المبرات الإسلامية والتي يشرف عليها وتهتم بآلاف الأيتام والفقراء والمرضى.
وهو كان من أول الذين أعلنوا تواصلهم مع الثورة الاسلامية في ايران. وطوال الفترة الممتدة من عام 1980 حتى مطلع عقد التسعينات صار السيد فضل الله المدافع العنيد عنها وعن مواقف قائدها الإمام الراحل الخميني، وكان يعد المرشد الروحي ل"حزب الله"، كما كان الخطيب الابرز في كل مهرجاناته واحتفالاته، والناطق باسمه في المقابلات الاعلامية ولا سيما مع الصحافة الاجنبية. لكن الوضع اختلف لاحقا والسبل تفرقت بين السيد فضل الله من جهة، وطهران و"حزب الله" من جهة اخرى. إذ تدهورت علاقة السيد بإيران تدهورت بعد عام 1990إثر وفاة الامام الخميني والتغييرات التي أفضت الى الاطاحة بالتيارالقريب من فضل الله في قيادة "حزب الله".
ووصل الخلاف الى ذروته أواخر التسعينات مع الحملات التي شنت ضده من كل حدب وصوب من شخصيات شيعية كثيرة قريبة وبعيدة عن السلطة طهران، ووصل الأمر إلى توزيع كتيبات ومنشورات تهاجمه في أحياء ضافية بيروت الجنوبية على قاعدة رفض مبدأ " التحديث" الذي كان يدعو اليه في" محاولة لتخليص الفقه من التعقيدات التي أفرزها تأثر الممارسة الاستنباطية والتنظير الأصولي بالفلسفة التجريدية، مما أدى الى تشويش الفهم العرفي في تعامله مع النص في دلالته ومعطياته" على ما كان المرجع الراحل يوضح لسائليه.
ولم يكن الافتراق بين الحزب والسيد فضل الله حبياً، اذ نشأت على هامشه مساجلات فقهية وفكرية أبرزها قضية"ضلع الزهراء" التي أتت على شكل كتب صدرت ضد السيد فضل الله لتشكك بعلمه ومرجعيته، ولا سيما بعد محاضرة له رفض فيها مقولة تعتبر من معتقدات الشيعة، وهي ان السيدة الزهراء تعرضت لهجوم على منزلها من بعض الصحابة أدى الى كسر أحد أضلاعها. ولم تنطو صفحة هذا الخلاف الا قبل أعوام قليلة، على اساس ان يمضي السيد فضل الله قدماً في مرجعيته المستقلة والمؤسسات التابعة لها، على ان يتابع في المقابل دفاعه عن "المقاومة الاسلامية" وعن الجمهورية الإسلامية في ايران.
وتوافرت للسيد فضل الله الكثير من المقومات والمعطيات التي حفزته على إعلان مرجعيته عام 2003 على نطاق كل العالم الاسلامي. وسيدير المؤسسات التي أنشأها من بعده نجله السيد علي محمد حسين فضل الله ونجله الآخر السيد جعفر على ما أوضح قريبون من العائلة ل "إيلاف"، علما أن للمرجع أبناء آخرين لم يظهروا مرة إلى الإعلام. كما أن شقيقه السيد محمد باقر فضل الله يتولى المسائل الإدارية في "المبرات " بمعاونة فريق من أعضاء مجلس الأمناء. أما المرجعية فشأن آخر ولا تورث. وسيكون على المريدين والمسلمين واللبنانيين جميعا انتظار سنوات طويلة ربما قبل أن تبرز من بينهم شخصية على غرار المرجع السيد فضل الله، فأمثالهم لا يجود الزمن بهم كثيرا.
ايلاف الالكترونية-الثلائاء 6 يوليو 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.