تعهد الرئيس التونسي بالانابة فؤاد المبزع أمس، ب"القطع التام مع الماضي" وبتحقيق "آمال ثورة الحرية والكرامة" التي أنهت حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في وقت جدد أكثر من ألف متظاهر مطالبتهم بانسحاب اعضاء الحكومة السابقة من فريق الوزارة الانتقالية التي أضعفتها استقالة أربعة وزراء ينتمي ثلاثة منهم الى النقابات، ومواجهتها اليوم معضلة فصل الدولة عن الحزب الحاكم سابقاً. وتجدّد مساء أمس إطلاق النار قرب العاصمة التونسية بين الجيش التونسي مع أفراد مشبوهين كانوا على متن سيارة. وقال التلفزيون الوطني إنه تم توقيف 33 شخصاً من أقارب بن علي وأصهاره، ولكنه آثر عدم اعلان أسمائهم إلى حين ثبوت التهم بحقهم. وأكدت السلطات أمس كذلك أنها أطلقت سراح 1800 معتقل من السجناء السياسيين من مختلف سجون البلاد، وفتحت تحقيقاً بشأن ممتلكات الرئيس التونسي المخلوع وعائلته، كما قررت سويسرا تجميد ممتلكات بن علي على اراضيها. الرئيس التونسي بالانابة فؤاد المبزع توجه امس في كلمة الى الشعب التونسي ب"القطع التام مع الماضي" وتعهد بأن "تتحقق آمال ثورة الحرية والكرامة" التي أنهت حكم بن علي. وقال "سأحرص شخصياً على ان تفي الحكومة بكل تعهداتها للشعب وأولها القطع مع الماضي ثم اعلان العفو العام". وأضاف "أتعهد لديكم ان ابذل قصارى جهدي وكل صلاحياتي لتتجاوز بلادنا هذه المرحلة الصعبة بسلام ولتحقق آمال الانتفاضة الشريفة(..) وهذه الثورة، ثورة الحرية والكرامة". وهذه اول كلمة يلقيها المبزع الذي كان يرأس قبل سقوط النظام مجلس النواب وكان ينتمي الى حزب بن علي قبل أن يستقيل منه أول من امس. وأعلن الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) عبد السلام جراد، ان المنظمة "ترفض" المشاركة في الحكومة الانتقالية. وقال جراد بعيد لقاء مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي أمس، ان "موقفنا هو عدم المشاركة" في الحكومة إذ يصعب على الاتحاد المشاركة في حكومة فيها رموز سابقة" في اشارة الى وجود وزراء من نظام بن علي في حكومة الوحدة الوطنية التي اعلنت الاثنين. وأكد الامين العام للمنظمة التي قامت قواعدها وهياكلها خصوصا في الجهات بدور كبير في الانتفاضة الشعبية في تونس، ان "الاتحاد لا يمكنه ان يكون في الحكومة لأن مطالبه لم تلب". وأعلن وزير التنمية الجهوية والمحلية نجيب الشابي ان الحكومة الجديدة ستعقد اجتماعا صباح اليوم. وقال مصدر حكومي آخر ان "النقطة الاهم التي سيتم التطرق اليها ستكون مشروع العفو العام" الذي تحدث عنه رئيس الوزراء محمد الغنوشي الاثنين لدى اعلانه الحكومة. والموضوع الآخر الحساس على جدول الاعمال هو تطبيق مبدأ فصل الدولة عن الحزب الحاكم الوحيد السابق التجمع الدستوري الديموقراطي. وأثار ابقاء ثمانية وزراء من هذا الحزب في الحكومة وخصوصا في الوزارات الاساسية (الداخلية والدفاع والخارجية) غضب آلاف المتظاهرين أول من امس في جميع انحاء تونس وخصوصا في العاصمة حيث فرقت الشرطة تظاهرة بالقوة. ورفع المتظاهرون الذين طوقهم عدد كبير من رجال الامن علم بلادهم أمس، وهتفوا مطالبين ب"برلمان ودستور جديد"، كما رفعوا شعارات تدعو الى "الثورة ضد بقايا نظام بن علي"، كذلك رفعوا لافتات عليها "حزب بن علي ارحل" و"يا بوليس يا ضحية.. تعال وشارك في الثورة" قبل ان ينشدوا النشيد التونسي. وأعلنت الحكومة التونسية امس تخفيف حظر التجول اعتبارا من أمس "بسبب تحسن الاوضاع الامنية"، إلا أنها أبقت على اجراءات حالة الطوارئ الاخرى بما فيها منع التجمع في الاماكن العامة لأكثر من ثلاثة اشخاص والسماح لقوى الامن بإطلاق النار على الذين يهربون من عمليات التفتيش. وتبادل الجيش التونسي النار مساء أمس مع افراد مشبوهين كانوا على متن سيارة في الضاحية الجنوبية لتونس حسبما ذكرت مواطنة تونسية. وقالت هذه المواطنة مفضلة عدم الكشف عن اسمها ان احدى لجان الدفاع الذاتي التي شكلها السكان في الاحياء لحمايتها من التعديات التي تقوم بها ميليشيات موالية للرئيس المخلوع، رصدت سيارة مشبوهة في المروج 4. وأضافت ان اللجنة ابلغت دورية عسكرية كانت بالقرب من المكان وقامت الدورية بملاحقة السيارة المشبوهة التي ترجل منها ركابها ولاذوا بالفرار سيرا على الاقدام. وعندها بدأت عملية تبادل اطلاق نار بين المجموعتين. وحلقت مروحية للجيش فوق المنطقة بتوجيه من العسكريين على الارض. وبعد تبادل اطلاق النار هذا الذي لم يستمر طويلا ولم يعرف ان كان قد سقط فيه ضحايا، عاد الهدوء الى المنطقة، ولكن المروحية استمرت في التحليق فوق المنطقة. وأمرت النيابة العامة التونسية بفتح تحقيق عدلي بتهمتي "الاستيلاء على املاك" و"مسك وتصدير عملة اجنبية" ضد الرئيس المخلوع وعائلته. ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن مصدر مأذون ان التحقيق يشمل بن علي وزوجته ليلى و"اشقاء واصهار ليلى بن علي". وفي سويسرا أمرت الحكومة بتجميد اي اموال يمكن ان تكون لبن علي فيها، على ما أفادت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي. وتم اعلان هذه الخطوة بعد اجتماع منتظم للحكومة اعقب ضغوطا سياسية داخلية ودعاوى قضائية تقدم بها تونسيون منفيون في سويسرا هذا الاسبوع. وفي باريس اعلنت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" انها خفضت الدرجة السيادية لتونس بسبب مخاوف اقتصادية وسياسية تؤثر على هذا البلد الذي يشهد اضطرابات خطيرة "منذ التغيير غير المتوقع للنظام".