القصرين: تدعيم المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي والمستشفى الجهوي بسبيطلة بآلتي مفراس حديثتين    عاجل/ الخارجية السورية تكشف تفاصيل التفجير الذي استهدف مسجدا في حمص..    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    عاجل/ درجة انذار كبيرة بهذه الولايات..الرصد الجوي يحذر من أمطار غزيرة..    هام/ الشركة التونسية للملاحة تنتدب..#خبر_عاجل    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    عاجل-مُنتصر الطالبي: ''نحبوا نكملو لولالين في المجموعة''    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    خبير تونسي: هاو علاش لازمك تستعمل الذكاء الإصطناعي    عاجل/ تبعا للتقلبات الجوية المرتقبة..الحماية المدنية تحذر سكان هذه الولاية..    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    سيدي بوزيد: "رفاهك في توازنك لحياة أفضل" مشروع تحسيسي لفائدة 25 شابا وشابة    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    مارك زوكربيرغ يوزّع سماعات عازلة للحس على الجيران و السبب صادم    رئاسة الحرمين تحذر: هذا شنوا يلزم تعمل باش تحافظ على خشوعك في الجمعة    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    وفاة الدكتورة سلوى بن عز الدين أحد مؤسسي المصحّة العامّة لأمراض القلب والشرايين بتونس    انطلاق توزيع 30 آلة خياطة متعددة الاختصاصات لفائدة العائلات المعوزة    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل: دار الإفتاء المصرية ''الاحتفال برأس السنة جائز شرعًا''    بطولة كرة السلة: نتائج منافسات الجولة الخامسة إيابا .. والترتيب    تونس: مساعدات عاجلة للمدن الأكثر برودة    النادي الإفريقي: محمد علي العُمري مطالب بالمراجعة    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    رئيس غرفة تجار المصوغ: أسعار الذهب مرشّحة للارتفاع إلى 500 دينار للغرام في 2026    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    بداية «الليالي البيض»    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    كرة اليد: هزم الترجي الرياضي جزائيا في مباراة "الدربي" ضد النادي الافريقي    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العين الثالثة على تونس (9) : هواجس المعتصمين واكراهات السيد القائد السبسي...


:
تبدو تونس هاته الأيام أمام تعقيدات جديدة يمر بها المشهد الوطني , فعودة تحدي الاعتصام وللمرة الثالثة الى ساحة القصبة , يعد مسألة مربكة لحكومة السيد الباجي القايد السبسي بعيد توليه لمنصب الوزارة الأولى في ظرف وطني حساس اتسم بالتشكيك في ولاءات وأجندة من سبقه الى منصب الوزارة الأولى .
استطاع السيد القائد السبسي وفي ظرف وجيز كسب جزء هام من الرأي العام من خلال تواصله الجيد مع وسائل الاعلام وعبر اتقانه لآليات الحوار , في ظرف تطلب الاقرار بشرعية الثورة والادانة الواضحة لنظام بن علي وأبرز رجالات حقبته القمعية...
لكن رغم ذلك تبدو المنافسة في تقديرنا بين من ينظر الى السيد السبسي كرجل ذي خبرة اقتضته المرحلة , وبين اسلاميين منظمين مازالوا ينظرون الى رجال الحقبة البورقيبية بكثير من الشك والريبة ...
شخصيا , وقفت على مسافة معتبرة من التجربة البورقيبية على خلفية مصادرة الرئيس الراحل بورقيبة للحريات ولتطلع التونسيين على مدار ثلاثة عقود من حكمه لمأسسة الدولة , دون أن أنسى طبعا ماأحدثه من تشويش في علاقته بالتعليم الزيتوني ورجالاته العظام الذين ساهموا بقوة في الحركة الوطنية وتعميق جذور الهوية والانتماء...
رغم خلافي مع شخصية الرئيس الراحل في هاته الموضوعات , الا أنني أقر بما للرجل من فضل في بناء الدولة وتحديثها وتشييد مؤسسات صحتها وتعليمها , وهو ماأتاح لتونس فرصا من النمو والتقدم نلمس أثرها في نضج النخب واتساع دائرتها ...
لاننسى في الضفة الأخرى توازن بورقيبة في سياسته الخارجية , وهو ماجنب تونس صراعات وهزات اقليمية في مرحلة الحرب الباردة ومااتسمت به من استقطابات خطيرة أثرت على سياسات جل دول العالم .
لايضيرني شخصيا أن يتولى أحد وزراء بورقيبة منصب الوزارة الأولى في ظل حكومة مؤقتة سيقع حلها أوتوماتيكيا بعد انتهاء فترة تصريف الأعمال وافراز مجلس وطني تأسيسي يتمتع بالشرعية ..
مايهمني فعليا هو وفاء السيد القائد السبسي لدماء الشهداء وتطلعات الشعب نحو حماية مكاسب الكرامة والحرية , ومن ثمة عمله جاهدا على الحفاظ على التوازن بين متطلبات الأمن ومقتضيات الحفاظ على الحريات الفردية والجمعية .
أقدر في نفس السياق حساسية الظرف الاقتصادي الوطني وهشاشته في المرحلة الراهنة , وهو مايجعل لموضوع التنمية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والحرمان والعطالة أولوية في سياسة الدولة , الا أن ذلك لايبرر مطلقا التعدي على الحريات أو مصادرة حق الآخر في التعبير السلمي على أساس مشروع من الاختلاف .
تأسيسا على ماذكرت فانني وبالمقابل أرفض تعاطي الحكومة المؤقتة وبشكل فض مع محاولة تشكيل الاعتصام الثالث قبالة قصر القصبة , اذ يبدو الأمر في تقديرنا استدراجا من المعتصمين للحكومة نحو فخاخ ابرازها بمظهر العاجز في اختبار الحرية ...
قد أختلف مع المعتصمين هاته المرة وعلى عكس المرات السابقة في توقيت الاعتصام ومدى مشروعيته في ظل ظرف اقتصادي وأمني أكثر من هش , اذ يخشى الكثير من أبناء الوطن من ضياع الصالح العام في ظل توق شبان تونس الى المطالبة بكل شيء في ظرف زمني وجيز ..., الا أنني بالمقابل أتفهم هواجس المعتصمين ومخاوفهم من التلكؤ في محاكمة عادلة لرموز الفساد والاستبداد في النظام السابق , أو من اعادة تولية نفس الحرس القديم لمهمات التنفيذ والادارة بالداخل التونسي ...
هناك وبلاشك مطالب أكثر من وجيهة قد يطرحها بعض المعتصمين , الا أن الشفافية والوضوح قد يساعدان حكومة السيد القائد السبسي على امتصاص مايمكن أن يتحول مع تفاعل عامل الزمن الى غضب شعبي ...
قد يفيد السيد الوزير الأول المؤقت كثيرا أن يشرح للرأي العام خلفيات تعيينه لوزير الداخلية الجديد , وقد يساعده أكثر على استعادة الثقة تفكيك شفرة بقاء بعض رموز العهد السابق خارج دائرة المحاسبة أو التباطؤ في محاكمة آخرين , بل قد يفيدنا جميعا أن نعرف المغزى من تصريحات السيد عياض بن عاشور حين يؤكد على غياب الرقابة الدولية في انتخابات المجلس التأسيسي , بعد أن كان رئيس وزراء تونس السابق في الحكومة المؤقتة السيد محمد الغنوشي يتحدث وبصوت عال عن نزاهة هاته الانتخابات وشفافيتها في ظل رقابة دولية منتظرة ومؤكدة...
لابد أن أنوه في هذا السياق الى أن ماطرحه بعض المعتصمين ليلة البارحة وعلى شاشة المستقلة اللندنية الموقرة من مخاوف ومبررات كان أمرا مشروعا , وان كان توقيت الاعتصام ومكانه وشكله مثيرا لكثير من الجدل في هذا الظرف الزمني تحديدا ...
يهمنا كتونسيين أن نرفض قطعيا أسلوب العنف كطريقة في فض الاعتصام , كما يهم أبناء تونس أن يتحلى المعتصمون بالواقعية والعقلانية , اذ لانستطيع في تقدير موضوعي محاسبة الوزير الأول على أدائه في ظرف زمني مقداره ثلاثة أسابيع ...
لابد أن نتيح فرصة حقيقية للحكومة المؤقتة كي تنجز وتعمل , ولنا أن نحاسبها بمشروعية بعد ذلك , ولابد أن نبتعد في هذا السياق عن منطق العداء للوزير الأول , لمجرد أنه جزء من خارطة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة , فمثل هذا المنطق والتعليل قد يفتح الباب ومن جديد أمام صراع قديم مقيت قد يتجدد ...
من الضروري أن نبتعد جميعا عن الطهورية , وعلى اخواني في التيار الاسلامي أن يتفهموا مفاسد الاقصاء ومخاطره الكارثية , فلدي احساس بأن البعض لازال لايرى في البيت الوطني الا مربعاته الاسلامية , وهو ماقد يعيد عقارب الساعة الى الأشهر الأولى السابقة لانتخابات أفريل 1989 ...
متطلبات الساعة والظرف وقداسة الوطن , تدعو أيضا بعض المتلاعبين باتجاهات الرأي العام عبر عمليات سبر رأي مغالطة ومغلوطة الى الابتعاد عن اختزال تونس في الأساتذة راشد الغنوشي وأحمد نجيب الشابي والباجي قائد السبسي , اذ أن بن علي اختزل الوطن في شخصه وعائلته فتفجرت الثورة , ومن أراد اعادة تونس الى تلكم اللحظات عبر الغاء وشطب المئات والآلاف من النخب والرموز سيكون سائرا في نفس الاتجاه السيء...
لابد أن نطمح مستقبلا الى السياسي الخادم , بدل السياسي الصنم والمقدس , فهؤلاء أو غيرهم هم جزء من خارطة الوطن , وثمة في النهر مالايوجد في البحر , وعلينا أن نعلم بأن المنشود في المستقبل هو دولة القانون والمؤسسات بدل دولة السمو والفخامة أو الشيخ أو الزعيم .
سبر الآراء نتركه اليوم الى صندوق الاقتراع , والى الاعلام الحر الذي يتيح فرصا متكافئة للجميع , بدل احتكار المنابر وجعلها فضاء قصريا وحصريا على علية القوم أو أصحاب الأموال أو أصحاب الأحزاب , والحال أن المنتظم السياسي التونسي يزخر بآلاف الكفاءات من المستقلين والمستقلات الذين قبر أسماءهم رئيس تونس المخلوع أو اعلامه المأجور .
أقدر أهمية المشهد الحزبي في تشكيل الدولة ومؤسساتها , الا أنني أدعو شباب تونس وكفاءاتها الى عدم التفريط في استقلالية الرأي والقرار وعدم الخضوع الى ماكينة المال والتنظيم حين يشتغلان بشكل تعبوي محازب ضيق لايرى في تونس الا مشهد الزعيم .
هي لحظة نشارك فيها جميعا بالرأي والموقف , ونرشد فيها الاختيار بالحوار الناضج والرصين , وأظن أن آليات النضال قد تتغير بين لحظة زمنية وأخرى , غير أن المقدس والمقدم لدى كل الوطنيين الخلص هو حب هذا الوطن والتفاني في خدمته بعيدا عن الاصطفاف والمحاكاة حين يكونان مدخلا لتكريس الانقسام وتعميق الهوة بين من يمثل الدولة وبين من يتحدث بنبض الشارع والمجتمع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.