مساندة متواصلة للفئات الضعيفة.. قريبا انطلاق معالجة مطالب التمويل    وفد من الحماية المدنية في الجزائر لمتابعة نتائج اجتماع اللجنة المشتركة التقنية المنعقد في جانفي الماضي    عاجل : انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز أكساد    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. قصّر يخربون مدرسة..وهذه التفاصيل..    الحكم الشرعي لشراء أضحية العيد بالتداين..!    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقّعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    الرابطة الأولى: جولة القطع مع الرتابة في مواجهات مرحلة التتويج    قرعة كأس تونس 2024.    جندوبة: الحكم بالسجن وخطيّة ماليّة ضدّ ممثّل قانوني لجمعيّة تنمويّة    مفزع/ حوادث: 15 قتيل و500 جريح خلال يوم فقط..!!    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    بدرة قعلول : مخيمات ''مهاجرين غير شرعيين''تحولت الى كوارث بيئية    عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    البحيرة: إخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين من المهاجرين الأفارقة    حفاظا على توازناته : بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله الى 69 مليون دينار    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    خليل الجندوبي يتوّج بجائزة أفضل رياضي عربي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    وسط أجواء مشحونة: نقابة الصحفيين تقدم تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بسبب دعمها للكيان الصهيوني    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    بنزيما يغادر إلى مدريد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استقال الأحد وأعلن قناعته بمجلس تأسيسي: من كان فعلا يعرقل عمل محمد الغنوشي؟
الباجي قايد السبسي، وزيرا أولا جديدا صحة مواقف الاتحاد ألّبت عليه « القاعدين»
نشر في الشعب يوم 05 - 03 - 2011

تسارعت الاحداث السياسية منذ الجمعة 25 فيفري بنسق غير مسبوق، ففيما كان اعتصام القصبة المطالب بإسقاط حكومة السيد محمد الغنوشي مستمرا بشكل سلمي، هادئ ومنظم، جَرت مظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة انطلقت في البداية بشكل سلمي لكن ما فتئ ان اندس في صلبها عدد من الشباب يرتدون لباسا موحّدا، أخذوا بعد دقائق في إلقاء الحجارة على أعوان الأمن الموجودين في الشارع وخاصة أمام مقر وزارة الداخلية الذي تمّ رشقه وتكسير بلور نوافذه ومحاولة مداهمته.
أعوان الأمن ردّوا باطلاق القنابل المسيلة للدموع بل وباطلاق الرصاص الحيّ ممّا أدّى في الجملة إلى وفاة خمسة أشخاص وجرح الكثيرين وإلقاء القبض على العشرات. من جهة أخرى استهدفت الاعتداءات واجهات المحلات التجارية والادارية وبعض مصالح الأمن في باب بحر، إضافة إلى عمليات سرقة ونهب وحرق.
ورغم أنّ وزارة الداخلية اضطرت إلى تفعيل اجراءات الطوارئ بمنع الجولان على كامل شارع بورقيبة والانهج المحيطة، فإنّ الاضطرابات تجددت يومي السبت والأحد لتسْفر عن أضرار جسيمة قدّرها الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة بتونس العاصمة بحوالي سبعين مليارًا من المليمات.
❊ دعوة متجددة
أمام هذا الوضع، سارع المكتب التنفيذي للإتحاد بالاجتماع صباح الأحد للتداول فيما حصل وانتهى إلى نتيجة خلاصتها أنّ التردّي يعود إلى »الاداء المرتبك والمتذبذب للحكومة« مثلما اعترف بذلك صباح الثلاثاء الاستاذ أحمد نجيب الشابي، زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية الجهوية المستقيل، وقد تجلّى هذا الاداء المرتبك بالخصوص في:
عجز الحكومة الحالية عن ضمان أمن المواطنين وعموم الشعب وعن الدفاع عن مؤسسات الانتاج وعن الممتلكات العمومية والخاصة.
عدم التسريع بحل هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي من أجل الاستجابة لمطلب كافة المكوّنات المدنية والسياسية وعموم الشعب.
عدم الملاحقة الفعلية للمتسببين في الفساد المالي والإداري الذي ميز حكم الرئيس المخلوع وزمرته.
الاعتصامات الجماهيرية الوطنية والجهوية الداعية إلى اسقاط الحكومة وإلى انتخاب مجلس تأسيسي خطوة أساسية في اتجاه ارساء الديمقراطية وحرية الاختيار.
من جهة أخرى، سجّل المكتب التنفيذي أنّ الحكومة لم تستجب إلى شروط الهيئة الادارية الوطنية، المرفقة بقرارها القاضي بالتعامل مع الحكومة والمتمثلة في:
حلّ اللجان وإعادة تركيبها بالتشاور مع المكوّنات الاجتماعية والسياسية والمدنية، وبتشكيل مجلس لحماية الثورة يضمن التمثيل السياسي والمدني والجهوي يُمكّن من آليات القرار ومن حق مراقبة أعمال الحكومة ونشاطاتها وتوكل له مهمة اعداد قانون انتخابي انتقالي يعتمد لانتخاب مجلس تأسيسي انتخابا شعبيا ديمقراطيا.
لذلك كلّه، أصدر المكتب التنفيذي المجتمع ظهر الأحد بيانا دعا فيه:
أ الحكومة الحالية (برئاسة الغنوشي) إلى الاستقالة فورا وإلى التخلي عن ادارة دواليب البلاد باعتبار عجزها التام عن ضمان أمن المواطنين وعن أداء دورها الانتقالي طبقا لما تأسست عليه.
ب إلى بعث مجلس تأسيسي منتخب من الشعب يضمن الديمقراطية وحرية الاختيار.
ج إلى تكليف شخصية وطنية مستقلة يتوافق عليها الجميع لتشكيل حكومة تصريف أعمال تتألف من تكنوكراتيين (Technocrates) تنتهي مهامهم بانتخاب المجلس التأسيسي ولا يكون لهم حق الترشح لأية مسؤولية سياسية.
د اعداد مرسوم ينص على تشكيل مجلس لحماية الثورة طبقا للشروط المنصوص عليها آنفا.
❊ نداء الواجب
في الضاحية الشمالية للعاصمة وربّما في نفس الوقت أو بعده بقليل، كان الحوار جاريا بين الرئيس المؤقت الاستاذ فؤاد المبزع والوزير الاول السيد محمد الغنوشي بحضور عدّة شخصيات منهم بالخصوص السيد فرحات الراجحي وزير الداخلية والفريق رشيد عمار رئيس هيئة أركان الجيش، حول الاوضاع في البلاد.
وبعد فترة زمنية معينة، دعي الصحافيون لحضور مؤتمر صحفي أعلن فيه السيد محمد الغنوشي استقالته من رئاسة الحكومة المؤقتة »ليقينه أنّها في خدمة تونس وأنّها اي الاستقالة قد تساعد على استتباب الأمن«. لكنّه توجّّه باللوم إلى وسائل الاعلام التونسية التي حسب رأيه، لم تنقل خطابات الحكومة بالشكل المطلوب وبحرفية حيث ركزت على نقل احتجاجات الشارع المطالبة باستقالة الحكومة وبابعاد الوزير الأول وكذلك اصداء الاضرابات المهنية والاجتماعية.
ولاحظ أن الاعلام التونسي لم يشر إلى مجمل المكاسب الهامة التي تحققت رغم قصر مدة عمل الحكومة والضغط الكبير المسلط عليها ومن ذلك العفو التشريعي العام وعودة المنفيين والانفتاح السياسي والاجراءات التي اتخذت بهدف استرجاع الاموال المنهوبة ومصادرة املاك عائلة الرئيس السابق واصهاره.
وشدد على ضرورة مضاعفة العمل والمثابرة في ذلك من أجل توفير المناخ الملائم للاستحقاقات السياسية والانتخابية المقبلة واحكام الاستعداد لها على جميع المستويات.
❊ وزير أول جديد وأوّل ردّ فعل
بعد ذلك مباشرة دعا الرئيس المؤقت إلى مكتبه الاستاذ الباجي قايد السبسي وكلّفه بتولّي الوزارة الاولى فقبل المهمة. وبطبيعة الحال فإنّ الامر تم بسرعة قياسية، حتى أنّ عديد الاطراف بل كلّها ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل قد فوجئت بالقرار، ولذلك فإن الاخ عبد السلام جراد وفي تعليق منه على التعيين لاحدى الاذاعات الخاصة أبرز الصبغة المرتجلة للتعيين وخاصة عدم التشاور بشأنه وبشأن الشخصية المختارة.
وكان هذا التعليق مدعاة لتهجّم سخيف على الاتحاد وعلى الأخ عبد السلام جراد شخصيا، وتذرّع المنتقدون بأنّ الاتحاد ممنوع من السياسة، وتشدّق بعض دعاة الديمقراطية فلاموا على جراد كونه يطالب بالتشاور في أيّ مسألة. فما معنى الديمقراطية إذا لم يكن فيها تشاور؟
وهل من الجرم في مثل هذا الظرف ان يتم التشاور مع كلّ الجهات المعنية في الأمر؟ في نفس الوقت، خرج بعض المواطنين (مئات وربّما آلاف) وتجمعوا أمام بيت السيد محمد الغنوشي طالبين منه التراجع عن الاستقالة وأهداه الكثيرون باقات جميلة من الورد، ثم تحوّلوا قريبا من قصر الرياضة بالمنزه ورفعوا في الغالب شعارًا موحّدًا عنوانه »نحبّو نرجعو للخدمة« ناحين باللائمة دوما على الاتحاد ملقين على عاتقه مسؤولية الاضطرابات، والحال ان الاتحاد كان قد بادر منذ يوم 16 جانفي بدعوة الشغالين إلى استئناف العمل وحماية المؤسسات وأحصى مع مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية المؤسسات المتضررة من النهب والحرق كما أحصى عدد العمال الذين فقدوا مواطن عملهم نتيجة الأحداث (انظر جريدة الشعب عدد 1112 الصادر بتاريخ 5 فيفري 2011). وكم نتمنّى أن يكون هؤلاء راغبين حقيقة في العمل والبذل؟
على ذلك، وبحكم مواكبتها لكل الذي سبق وتقديرا منها لخطورة الهجمة الموجهة ضدّ الاتحاد، بادرت هيئة مجلس حماية الثورة باصدار بيان جاء فيه:
إن اعضاء المجلس الوطني لحماية الثورة المجتمعين اليوم الاثنين 28 فيفري بمقر عمادة المحامين بتونس على اثر تقييمهم لما يتعرض له الاتحاد العام التونسي للشغل من هجمات منظمة وما يتعرض له مناضلوه من تهديدات متكرّرة ومن حملات تشويه مغرضة الهدف منها النيل من استقلالية قرارالمنظمة والتشكيك في دورها التاريخي في مقاومة كل مظاهر الديكتاتورية من أجل بناء مجتمع ديمقراطي حرّ يقطع قطعا فعليا مع الماضي:
1/ ينددون بكل الذين يقودون حملات التشويه والتهديد وبكل الواقفين وراءها والمحرّضين عليها.
2/ يحذرون كافة الاجراء ومناضلات ومناضلي شعبنا من خطورة الانسياق وراء محاولات التضليل ويدعون الى الدفاع عن منظمة الشغالين حرّة مستقلة ديمقراطية ومناضلة.
3/ يؤكدون عزمهم على الدفاع عن كافة المناضلات والمناضلين السياسيين الذين طالهم التهديد والتشويه بكافة أشكاله.
❊ فجر يوم جديد
جرى كل الذي سبق يوم الأحد، مع العلم وأنّّه كانت للاتحاد في نفس الوقت عين على ما يجري في الحدود مع ليبيا حيث توافد آلاف العمّال الهاربين من جحيم المعارك الدائرة بين أنصار العقيد القذافي والثوار المنتفضين عليه.
وماهي إلا دقائق على بدء دوام عمل الاثنين حتّى رنّ الهاتف في مكتب الامين العام الأخ عبد السلام جراد، وعلى طرف الخط الآخر كان الاستاذ الباجي قايد السبسي الوزير الاول الجديد.
ولانّ المجالس بالامانات، فانّنا نعتذر عن تفصيل محتوى المكالمة لكن نحتفظ منها باتفاق الرجلين على اللقاء في اليوم الموالي اي يوم الثلاثاء.
تمّ ذلك فعلا، وفي أعقابه أدلى الأخ عبد السلام جراد بتصريحات صحفية إلى عدد من وسائل الاعلام منها بوجه خاص إذاعة شمس والتي قال لها إنّ المقابلة كانت ممتازة وأنّها ستسفر عن قرارات هامة.
في نفس الوقت، أو لنقل بعد ذلك بقليل، جرى الاعلان عن خطاب للرئيس المؤقت مبرمج ليوم الخميس، وأشارت التوقعات (أعددنا مقالنا هذا صباح الخميس) الى ان يكون قد تضمّن الاستجابة إلى عدد كبير من المطالب المطروحة منذ أيام والمتعلقة بانتخاب مجلس تأسيسي والاعلان عن تكوين المجلس الوطني لحماية الثورة والحيلولة دون ترشح اعضاء الحكومة المؤقتة للانتخابات الرئاسية أو التشريعية القادمة فضلا عن الاعلان عن التشكيلة الجديدة للحكومة برئاسة الاستاذ الباجي قايد السبسي.
ولا نريد أن نمرّ هنا دون الاشارة إلى مسألة مهمة أثارها السيد محمد الغنوشي وهي قناعته كمواطن مثلما قال بأن الأولوية في الاصلاح السياسي تمرّ عبر انتخاب مجلس تأسيسي.
وهنا نجد أنّه يلتقي مع عدّة أطراف في مقدمتها مجلس حماية الثورة الذي أصدر ظهر يوم الاثنين بلاغا مفصلا حدد فيه موقفه من الحكومة وضبط مطالبه عارضا المقترحات البديلة الكفيلة بالانتقال الديمقراطي السلس.
وجاء في هذا البلاغ:
❊ بيان المجلس الوطني لحماية الثورة
وفاء لدماء شهداء ثورة شعبنا وشبابه من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية وتجاوبا مع المطالب الشعبية من خلال الاعتصامات والاحتجاجات ومختلف التحركات في العاصمة وفي الجهات من أجل تغيير حقيقي لنظام الحكم يقطع مع الاستبداد والفساد ويؤمّن انتقالا ديمقراطيا تكون فيه الانتخابات الحرّة والنزيهة أساسا للشرعية السياسية.
ووعيا منا بالمخاطر الداخلية والخارجية التي تتربص ببلادنا وتصدّيا لمحاولات ارباك ثورتنا باستهداف منظّم لأمن المواطنين وممتلكاتهم وتعريض مكاسب مجتمعنا للمخاطر.
وحرصا منّا على استمرار الدولة والمرافق العمومية في اداء مهامها واستعادة الدورة الاقتصادية لنشاطها،
يعلن المجلس الوطني لحماية الثورة المنعقد بمقرّ الهيئة الوطنية للمحامين بقصر العدالة بتونس يوم الاثنين 28 فيفري 2011 ما يلي:
❊ أولا: تقديم مقترح مرسوم رئاسي ردّا على المشروع الذي تقدّم به الرئيس المؤقت في الغرض، وذلك لتقنين المجلس بتدقيق أهدافه وتركيبته وسير أعماله.
❊ ثانيا: دعوة الرئيس المؤقت إلى حلّ الحكومة الحالية والدخول بصورة عاجلة في مشاورات واسعة من أجل ضمان أوسع وفاق وطني حول اختيار الوزير الاول وتشكيل حكومة مؤقتة لتصريف الاعمال مشهود لاعضائها بالكفاءة وبعدم التورّط مع النظام السابق، وتنتهي مهامها بانتخاب المجلس التأسيسي، ولا يكون لاعضائها حقّ الترشح للانتخابات اللاحقة للفترة الانتقالية (الرئاسية والتشريعية).
❊ ثالثا: تعهد المجلس بتقديم خطة متكاملة ومحدّدة في الصيغ القانونية والعملية وفي التوقيت، من أجل انتخاب مجلس تأسيسي يضع دستورا جديدا للجمهورية ويتولى ادارة المرحلة الانتقالية تكريسا للشرعية الشعبية على أن ينحلّ المجلس الوطني لحماية الثورة فور انتخاب المجلس التأسيسي.
❊ رابعا: تجنّد جميع مكوّنات المجلس ودعوتهم اللجان الجهوية والمحلية لحماية الثورة وكافة المخلصين من أبناء شعبنا إلى الوقوف صفا واحدا قصد التصدي للمؤامرات التي تحاك ضدّ شعبنا وثورته والكف عن جميع المنخرطين في الاعمال التخريبية ومن يقفون وراءهم وإحباط مخططاتهم وصيانة الممتلكات العامة والخاصة، حتى نساعد على توفير الأمن مع كل أبناء تونس المخلصين لها ولاهداف ثورتها.
❊ خامسا: إدانة الممارسات القمعية والمطالبة بحلّ البوليس السياسي.
❊ سادسا: اكبار المجلس لنضال المعتصمين والمحتجين بالعاصمة والجهات وتبنّيه لمطالبهم في صيانة أهداف الثورة والقطع مع الاستبداد والفساد وفي ضمان الانتقال الديمقراطي المنشود.
❊ سابعا: تحيّة اكبار وتقدير لثورة الشعب الليبي الشقيق ومساندة نضالات الجماهير العربية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وبالطبع نفهم من قول السيد محمد الغنوشي انّّه كان يلاقي صعوبة شديدة في تطبيق رأيه المنسجم كما نرى مع مطلب المعتصمين في القصبة والجهات ومطلب مكونات مجلس حماية الثورة وجبهة 14 جانفي وغيرها جميعا من المجموعات إضافة إلى العديد من رجال القانون الدستوري والمحللين والصحافيين وقدماء المسؤولين من أمثال الاخوة أحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي والصادق علوش ومن أمثال الاساتذة أحمد المستيري والباجي قايد السبسي والحبيب بولعراس ومصطفى كريّم وغيرهم كثير.
وبالطبع نفهم أيضا أنّ السيد محمد الغنوشي، من خلال مناداته بانتخاب مجلس تأسيسي، كان يريد القطع مع الدستور القديم، وأنّه منطقيا كان يرفض المرور مباشرة إلى انتخابات رئاسية، وهي إرادة لم يستطع تطبيقها بالنظر إلى ما كان يلقاه من معارضة شديدة صلب الحكومة التي كان يرأسها.
وبالطبع، نفهم مرة أخرى من خلال تسلسل الاحداث التي لحقت من أين كانت تأتيه المعارضة، وعلى اي قدر من الشراسة كانت، ونستطيع ان نجزم أنّها لم تكن صادرة عن الفريق رشيد عمّار وعن المؤسسة العسكرية، فلو كانت كذلك، لتواصلت مع الوزير الأول الجديد.
❊ استقالات
رئيس الحكومة الجديد الباجي قايد السبسي قال رأيه في الخطوات الواجب القيام بها منذ يوم 17 جانفي في تصريح لاحدى التلفزات الخاصة.
ولانّه سياسي بالدرجة الاولى، ولانّ المطالب سياسية أيضا، مضى قايد السبسي منذ الوهلة الاولى مباشرة إلى الهدف، فأعلن برنامجه وشروطه. بذلك، سقط القناع عن القناع.
فجاءت سلسلة من الاستقالات، وهي في نظرنا من ثلاثة أنواع:
النوع الاول يهم السيدين عفيف شلبي ونوري الجويني واللذين استقالا، ودون أدنى شك، تضامنا مع السيد محمد الغنوشي الذي كان قد دافع عنهما وتمسك بهما بكامل القوة عند تشكيل الحكومتين الأولى والثانية وهذا طبيعي ومعقول بل ومقبول منهما.
النوع الثاني يهمّ جماعة التكنوقراط، ولا سيما القادمين من الخارج والمحسوبين على رجل الظلّ السيد حكيم القروي ونعني السيدين إلياس الجويني وسامي الزاوي، أمّا السيدة فوزية الشرفي كاتبة الدولة للتعليم العالي، فقد عللت استقالتها بأسباب شخصية.
أمّا النوع الثالث، وهو المختلف تماما فهو الذي تعلّق باستقالة السيدين أحمد نجيب الشابي وزير التنمية الجهوية وأحمد ابراهيم وزير التعليم العالي والبحث العلمي.
وقد برر السيد أحمد ابراهيم استقالته بتطورات الوضع السياسي في البلاد مؤكدا حرصه وحرص حركة التجديد على نجاح الشعب في تحقيق أهداف الثورة وقيمها. كما عبر عن اقتناعه بان مساهمته وحركة التجديد في انجاز الاهداف التي قامت من أجلها الثورة والطموحات التي ناضل في سبيلها الشعب وشبابه ونخبه طيلة عقود ستكون أكثر فعالية وأكثر نجاعة من خارج الحكومة.
أمّا السيد أحمد نجيب الشابي فقد ذهب مذاهب شتّى في تبرير استقالته حيث ذكر عدّة أسباب منها:
انه تمّ اعلامه بان الوزير الأوّل الجديد والرئيس المؤقت قد انصاعا إلى قرارات الخصوم السياسيين.
عدم اجراء انتخابات رئاسية، مقابل إجراء انتخابات مجلس تأسيسي.
عدم مشاركة اعضاء الحكومة في الانتخابات المقبلة، تشريعية ورئاسية.
الاستجابة للابتزاز المسلط على الحكومة.
عدم علم الوزراء ببعض القرارات.
الاداء المرتبك والمتذبذب للحكومة ومسؤولية الغنوشي في ذلك.
عدم استشارته من طرف الوزير الأول الجديد الذي بادر في المقابل بلقاء عبد السلام جراد، أمين عام الاتحاد.
وإضافة إلى هذا، قدح الاستاذ أحمد نجيب الشابي في المجلس الوطني لحماية الثورة كما حذّر من الاطار السياسي الجديد واعتبر أن ما يحصل من شأنه آن يمهد الطريق لكي يتدخل الجيش ويمسك بمقاليد الحكم مما سيفقد المؤسسة العسكرية ما عرفت به من حياد.
❊ لا تأثير لها
بالطبع نفهم أنّ الأحمدين أضطرّا للاستقالة باعتبار أنّ الوزير الأول الجديد جاء ببرنامج جاهز قريب ان لم يكن مطابقًا لمطالب أوسع الفئات وفي مقدمتها مكونات مجلس حماية الثورة، وهو برنامج لا يتوافق مع برامجهما حيث أنّهما من خلال تصريحاتهما، كانا يرغبان في البدء باجراء انتخابات رئاسيه لاعتقادهما، دون شك، بقدرتهما على الفوز فيها.
لكن خصومهما تفطنوا للأمر وسدّوا أمامهما هذا المنفذ باعتبار الاداء المرتبك للحكومة في رمتها وباعتبار ما يتوفر للأحمدين من فرضية استعمال امكانات الدولة في حملتيهما الانتخابيتين.
وزاد الخصوم مثلما سماهم السيد أحمد نجيب الشابي فتمسكوا بالمجلس الوطني لحماية الثورة باعتباره رقيبا على الحكومة، علما وأنّه هيكل جمع عددا كبيرًا من المنظمات والأحزاب والجمعيات، توافقت على اختلاف مشاربها حول عدد من المطالب منها على سبيل الذكر انتخاب مجلس تأسيسي.
مؤشرات كثيرة (جهزنا هذا المقال صباح الخميس) تدفع إلى الاعتقاد بالتوصل مع الوزير الاول الجديد إلى تحقيق جلّ أو كل المطالب المطروحة منذ مدة على الساحة وخاصة من خلال الاعتصامات التي انتظمت في القصبة بالعاصمة وصفاقس وعدد من مدن البلاد الداخلية ولا شكّ ان اعلان تحقيقها سيفجر بركان الفرح والابتهاج ويشرّع أحقية الاحتفال بانتصار جديد للثورة. تذكروا جيدا أننا لم نحتفل بالثورة مثلما فعل أشقاؤنا المصريون، لانّ الأعداء أفسدوا اعتصام القصبة الأوّل بمكيدة كادت تعصف بالبلاد والعباد، لما تعجّلوا انهاءه بالعصا الغليظة.
أصبح بعيدا ذلك اليوم الأغبر، وانفتح الباب الآن على مصراعيه أمام احتفال متعدد الجوانب نأمل ان نشهده جميعا في القصبة بالعاصمة وبصفاقس وغيرهما من مدن الخضراء، لكن نحبّ أن نشهده أيضا في القلوب والمهج وكذلك أيضا في عقول جميع التونسيين فيأمنوا ويواصلوا العمل، على غرار ما طالب به المعتصمون في قبّة المنزه، ويمضوا، بالفكر والساعد، بالمال وبالعمل في بناء هذا البلد، تونس الخضراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.