تعكف الحكومة الانتقالية في تونس على تجهيز أداتين استثماريتين ماليتين لتوجيه مليارات الدولارات من التمويل التي تأمل أن تحصل عليه من الحكومات والمؤسسات لتعزيز الفرص التي تمكن الشباب من إيجاد عمل. وبحسب جلول عايد، وهو مصرفي عمل في السابق لدى سيتي بانك وأصبح وزيراً للمالية مذ كانون الثاني (يناير)، الأداة الأولى ستقوم بتمويل مشاريع البنية التحتية الخاصة بالقطاع العام، التي تعتبر محورية لاستقطاب المشاريع التي تولد الوظائف للمناطق التونسية. ويقول: 'من دون بنية تحتية لن تكون لديك تنمية اقتصادية حقيقية ولن تتمكن من الوصول إلى المناطق النائية'. واستكمالاً لذلك سيكون هناك 'صندوق للأجيال' مع صناديق فرعية للقطاعات. وسيتيح هذا الصندوق المستثمرين الذين يتألفون من أطراف متعددة ووكالات حكومية، أن تكون لهم حصص في المشاريع ذات الأحجام المختلفة. والفكرة هي أن يتمكن المستثمرون من الخروج بعد بضع سنوات، والوقت المثالي لذلك هو بعد أن يتم إدراج الشركات في البورصة التونسية، كما يقول عايد. ومنذ أطاحت الثورة بزين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير)، كان توليد الوظائف للشباب التونسي ذي التعليم العالي نسبياً على رأس جدول أعمال الحكومة الانتقالية. وقالت مجموعة الثماني في فرنسا الشهر الماضي إن مؤسسات عديدة ستخصص مبلغ 20 مليار دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية في مصر وتونس حتى عام 2013. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن بقية الحزمة البالغة 40 مليار دولار، المخصصة 'للربيع العربي'، ستتألف من مبلغ دعم ثنائي بقيمة عشرة مليارات دولار من حكومات مجموعة الثماني وعشرة مليارات دولار من حكومات دول الخليج. ومن المقرر عقد اجتماع آخر لمجموعة الثماني في بروكسيل في 12 تموز (يوليو)، قد يتمخض عن التزامات أقوى وعن تقسيم لهذا التمويل بين تونس ومصر. وفي الوقت نفسه يقوم عايد بإجراء اتصالات مع المستشارين في البنك الدولي. 'من مجموعة الثماني' كان ذلك إعلاناً قوياً للدعم والخطوة التالية هي أن يقوم صندوق النقد الدولي بالمصادقة على إطار الاقتصاد الكلي العام الذي اقترحته تونس، كما يقول. ويعتبر محللون أن عبء الدين المترتب على البلد، البالغ 21 مليار دولار، غير مفرط. وعقب الإطاحة بابن علي خفضت وكالة موديز تصنيف دين تونس السيادي إلى درجة Baa3 – وما زال يعتبر ضمن الدرجة الاستثمارية – بينما خفضت وكالة ستاندار آند بورز تصنيف الدين بالعملة الأجنبية إلى درجة BBB- لكن سوق الأسهم ما زالت منخفضة بنسبة الخمس. إن صندوق الاستثمار الخاص بالبنية التحتية الذي تم تأسيسه على غرار صندوق الإيداع والتدبير في المغرب، مصمم بحيث لا يشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الحكومة وبحيث يسمح للمؤسسات المتعددة الأطراف وللوكالات الحكومية بأن تراقب بسهولة كيف يتم التصرف بالموارد، كما يقول عايد. والصندوق المغربي مؤسس بدوره على غرار مؤسسة فرنسية تم إنشاؤها في عام 1816 لإعادة النظام للماليات العامة بعد حكم نابليون، وبينما لا يسهب عايد في أوجه الشبه مع تونس بعد نظام ابن علي الفاشستي يقول: تمت في الأسبوع الماضي توسعة قائمة الأفراد المرتبطين بنظام ابن علي ممن تعتبر موجوداتهم عرضة للمصادرة. وبلغ إجمالي القروض البنكية التي قدمت لابن علي وأفراد عائلته والمقربين منه نحو 2.5 مليار دينار تونسي (ما يعادل 1.8 مليار دولار)، كما يقول عايد. لكنها ليست بالضرورة قروضاً معدومة، لأن كثيرا من هذه الشركات مستمر في العمل بصورة عادية تحت إشراف الحكومة، كما يقول. 'لقد أسس هؤلاء الأشخاص شركات في بعض القطاعات الممتازة والمنتجة. كانوا منتشرين في كل مكان. ومعظم الإقراض كان في الحقيقة مدعوماً بضمانات قوية، سواء أكانت أرضاً، أو أسهماً، أو عقارات وهلم جراً'. وسيترأس عايد هيئة تتولى الإشراف على الأصول التي تتم مصادرتها عندما تسير قدما عملية اتخاذ القرارات اللازمة بشأن المطالبات الخاصة بها. في الأسبوع الماضي، تم تمديد التفويض الممنوح لمجلس الوزراء المؤقت الذي يتولى الحكم الفعلي، بعد أن تم تأجيل إجراء الانتخابات من تموز (يوليو) إلى 23 تشرين الأول (أكتوبر). وتقترح بعض الأحزاب الآن أن يواصل هذا المجلس عمله بعد تشرين الأول (أكتوبر) إلى أن تضع الجمعية العامة المنتخبة دستوراً للبلد. وإذا تم ذلك، سيحرص عايد على البقاء بعيداً عن السياسة. ولأنه عمل في الخارج منذ عام 1988، يقول:'ليست لدي علاقات سياسية. إنني منشغل جداً فيما أقوم به الآن. خدمة حزب أو أحزاب ستكون لعبة مختلفة'. وينصب تركيزه على مجالات مثل إصلاح القطاع المصرفي 'لأننا في حاجة لأن تكون لدينا بنوك قوية. لدينا بنوك صغيرة جداً'. وهو يريد أيضاً أن يحسن أجور القطاع الخاص التي يعتقد أنها متدنية للغاية. وفيما يعترف بأنه إجراء 'مسكّن' في المدى القصير، تم تحديد ما يعادل 145 دولاراً أجر شهري لخريجي الجامعات الذين يبحثون عن عمل، وهذا المبلغ يخضع لشروط مختلفة. وستتم توسعة هذا الأجر، لكن بمعدل أقل لبعض الباحثين عن عمل من غير الخريجين. وفي المدى الطويل، يأمل أن يحذو التونسيون الآخرون حذوه بالعودة من الخارج، ليس على الأقل للمساهمة ببعض الخبرات المالية اللازمة لإدارة الصندوقين المقترحين. 16 جوان 2011