رئيس الجمهورية يشرف بمقر المجلس الاعلى للتربية والتعليم على الاحتفال بعيد الشجرة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    بطولة الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 14 – الدفعة 2): النتائج والترتيب    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    بشرى للشتاء المبكر: أول الأمطار والبرق في نوفمبر في هذه البلدان العربية    عاجل/ تعلّيق عمل شركة "شي إن" الصينية في فرنسا..    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    من صفاقس إلى منوبة: تفاصيل صادمة عن مواد غذائية ملوّثة تم حجزها    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العين الثالثة على تونس"22" :"شرشبيل" يصيح : لقد انتهيت , لقد انتهيت !

img src="http://www.tunisiealwasat.com/images/medium/1310672737-1-3.PNG" alt="هل استنفذ \"شرشبيل\" مافي جعبته من أحقاد ؟" class="img_article" / مرسل الكسيبي: "حين تمردت سلطة الشعب وسلطة الجيش على سلطة القصر سقطت مساحيق التجميل ومفاعيل السحر , وباتت طيبة وبراءة البنت "حليمة" وحيدة في قصر فرعون , ليعود بن علي الى قبلات ودموع ودع بهما السلطة وصاح : لقد انتهيت , لقد انتهيت !..."
مشاهدو التلفاز في عالمنا العربي وفي العالم كله , يعرفون جيدا شخصية "شرشبيل" الساحر الماكر , أو "قارقاميل" كما تحبذ النسخة الألمانية من الرواية تسميته...
ساحر خبيث اجتمعت فيه صفات المكر والدهاء في مواجهة عالم البراءة والطيبة لدى السنافر , أو العالم الجميل للأقزام ذات اللون الأزرق السماوي ...
قصة شرشبيل مع قرية السنافر , اشتهرت بمقدمتها التي تتحدث عن القرية الآمنة أو البلد الطيب الذي تعيش فيه أقزام اتسمت بالحركية والذكاء والفعل , فيما عدى نماذج قليلة وطريفة مثلت الاستثناء في عالم طريف ومثالي جمع بين الرمزية وعمق دلالات محاكاة الواقع البشري في بعض جوانبه القاتمة أو المضيئة ...
قرية السنافر كانت على الدوام قرية جميلة ورائعة , تستهدف مع كل حلقة روائية جديدة من قبل "شرشبيل" , الذي كان لايدخر وسعا من أجل تحويل السنافر الى مخلوقات طيعة أو شريرة تأتمر بامرته وتصفق بحمده بمفعول سحري تحضره له ساحرة شريرة تستعمل كل المساحيق التجميلية من أجل اخفاء وجهها القبيح في مواجهة العالم الخير الذي يكتسح طبائع وجبلة مخلوقات السنافر...
شرشبيل كان يتوعد السنافر بالويل والثبور في نهاية كل حلقة , بعد فشله في الحاق الأذى بالسنافر أو تدمير قريتهم الجميلة , الا أنه أحيانا كان يصيح متحسرا حين تغلب كفة المقاومة لفائدة السنافر : لقد انتهيت , لقد انتهيت ! , وأحيانا أخرى يتوعدهم بجولة جديدة تعيد القرية الى الفوضى والظلام : "سأقضي عليكم , سأقضي عليكم ولو كان ذلك في آخر مشوار من حياتي !..."
تبدو فصول حلقات قصة السنافر مع "شرشبيل" الماكر , أقرب ماتكون الى ذهني حين أطالع بعض فصول كتاب "في ظل الملكة" لمؤلفه السيد لطفي بن شرودة , الذي سبق له أن اشتغل وللحظة الأخيرة طاهيا بالمطابخ الرئاسية لديكتاتور تونس المخلوع ...
طبعا شخصية ليلى الطرابلسي تبدو حاضرة بقوة ومركزية في الكتاب , الذي يروي تفاصيل اعتماد الأخيرة على الطقوس السحرية من أجل تطويع زوجها واخضاع العرش لسلطة وراثية تلغي الجمهورية وتحول الفضاء السياسي والاقتصادي وحتى الأمني الى مجال فعل قروسطي ..!
كانت ليلى في الكتاب بمثابة الساحرة التي يعتمد عليها "شرشبيل" , والتي تنتهي محاولاتها لتطويع عالم السنافر الى عالم أشرار بالفشل ! , ولعل طموح الساحرة الى اعتلاء عرش شرشبيل هو المعجل بانقلاب السحر على الساحر , ليصيح بن علي في ساعاته الأخيرة من صالونه الأحمر ويتردد صوته في كامل أرجاء القصر : " لقد انتهيت , لقد انتهيت ! " ...
كان الشعب التونسي في نظر بن علي وليلاه , عالما محتقرا من السنافر ! , وكان البعض من مقربي ديكتاتور تونس الفار وزوجته الساحرة يطلقون على المتظاهرين صفة "الزعران" ...! , تماما كما هو شأن القذافي حين يصف معارضيه من الثوار بالجرذان !!!
وحيدة وغريبة كانت البنت "حليمة" في القصر تعتقد أن أباها مازال قادرا على انقاذ الوضع , بعد أن تعود على مدار عشرين سنة على قمع عالم الطيبة والبراءة والعدل لدى أبناء وبنات شعبه ! , كان بن علي طيلة عشرين سنة أو أكثر يتلذذ بتعذيب معارضيه والتنكيل بهم , كان ساديا في تجويعهم وقهرهم وحرمانهم حتى من حقوق العمل والتنقل و العلاج أو حتى تقبيل أطفالهم دون قضبان فاصلة بين الفينة والأخرى ...
تلذذ "شرشبيل" بتعذيب السنافر في كل حلقة , وتوعدهم بالموت والحرب الأبدية , تماما كما هو شأن ديكتاتور تونس الذي أصر على تعذيب معارضيه وسحلهم وتخوينهم حتى آخر لحظة...!
استعان في أداء مهمته بليلى الساحرة التي تلذذت بوضع أكثر من حرباء على النار , لتصيح الحرباء لهول النار التي اكتوت بها , لكن دون شفقة أو رحمة ! , فكيف للشفقة والرحمة أن تعرف طريقها للاثنين بعد أن تلذذ الأخيران بقتل معارضين في أقبية الاعتقال وزنازين الموت البطيء...!
كانت السلطة لدى بن علي معبودا من دون الله , أورثها حبا كما هام بسحر وحب ملكة القصر الماكرة ! , فتحول القصر الى دار ل"شرشبيل" تمارس فيها لعبة السادية على عالم من السنافر !
أخطأ ديكتاتور تونس الفار , في قراءة الخارطة البشرية التونسية , فقد ظن التونسيين عالما سنفوريا طيبا يسهل خداعه ! , لينسى حقيقة الذكاء والفاعلية والارادة لدى أبناء وطنه , أو حتى لدى عالم السنافر على افتراض أنه دخل في محاكاة ارادية أو حتى غير واعية لأدوار شريرة طالما لعبها شرشبيل !
لم يعد "شرشبيل" في الحالة التونسية الى حقيقة هزيمته وضعفه وفشل مفاعيل سحر ساحرته الماكرة , الا حين أحاطت الجماهير أو من وصفتهم الحاشية الفاسدة ب"الزعران" بجدران قصره ...!
حين تمردت سلطة الشعب وسلطة الجيش على سلطة القصر سقطت مساحيق التجميل ومفاعيل السحر , وباتت طيبة وبراءة البنت "حليمة" وحيدة في قصر فرعون , ليعود بن علي الى قبلات ودموع ودع بهما السلطة وصاح : لقد انتهيت , لقد انتهيت !...
هكذا كانت الصورة في مشهدها المؤثر والتراجيدي يوم 14 جانفي 2011 , فقد أدرك بن علي قبالة الطائرة بثكنة العوينة وبعد فوات الأوان أنه ابن هذا الوطن وأنه لايريد مغادرته ..., لكن ارادة الشعب ومروءة الجيش وأوامر السرياطي ومكر ليلى الساحرة كانت أقوى فصول مسرحية تراجيدية انتهت بسقوط نموذج لشرشبيل عربي , مازال أشقاء له يمارسون نفس اللعبة , فقد احترق وجه وجسد شرشبيل آخر لكنه عاد ليمارس لعبة الموت والقتل في بلد يوصف بالسعيد !...
أما في ليبيا أو سوريا فما أبشعها من لعبة يقوم بها أشقاء شرشبيل العربي ..اذ لازال هؤلاء يصيحون : سوف نقضي عليكم , سوف ننال منكم ولو كان هذا آخر عمل في حياتنا ! , في انتظار أن يطلقوا صيحتهم الأخيرة : لقد انتهينا , لقد انتهينا ! , ولكن ليس قبل تدمير جزء هام من مقدرات أوطان وشعوب !!!
حرره مرسل الكسيبي بتاريخ 13 جويلية 2011
كاتب واعلامي تونسي مقيم بالغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.