في كل مرة نصحو من نومنا مبتسمين على خبر جديد عن سقوط حاكم آخر إلى قاع الهاوية يجب علينا أن نقول شكراً لك يا تونس بهاء رحال-شبكات اعلامية-الوسط التونسية: في كل مرة يسقط فيها حاكم عربي من سدة الحكم إلى الهاوية، يجب علينا أن نقول شكراً لك يا تونس، وفي كل مرة نرى فيها حاكماً عربياً يتنحى أمام هبة الجماهير وثورتها يجب علينا أن نقول شكراً لك يا تونس، وفي كل مرة تنتصر فيها إرادة الحياة على الخوف، والحرية على الظلم والدكتاتورية يجب علينا أن نقول لك يا تونس شكراً، شكراً على كل ما صنعه رجالك حين انتفضوا وثاروا في وجه الظلم وانتصروا، وحين أسقطوا نظام بن علي. كان لذلك الانتصار شرارة البداية التي انتقلت سريعاً إلى البلدان العربية وبدأ حكامها يتهاوون واحداً تلو الآخر ويتدافعون بالسقوط، وكان حكمهم أهون من بيت العنكبوت بعدما كسرت الشعوب العربية حاجز الخوف وتألقت بإرادة وعزيمة لم تقهرها أجهزة الأمن، بل قهرت هي حكم الطغاة وبددت أوهامهم التي كانت تحاول البقاء للأبد، في حالة من حالات التمرد الشعبي الجميل والذي كان يتشكل من كل الألوان والفئات والخلفيات، وقد تعاهدوا فيما بينهم وكانت إرادتهم هي الأقوى وأوفوا بما عاهدوا عليه منتصرين على جبروت الحكام الذين لم يكونوا يرأفون بهم ولم يرقبوا إلاًّ ولا ذمة. وفي كل مرة نصحو من نومنا مبتسمين على خبر جديد عن سقوط حاكم آخر إلى قاع الهاوية يجب علينا أن نقول شكراً لك يا تونس، وفي كل مرة ننظر فيها إلى انفسنا ونحاكي ما كان يسكننا من خوف بعدما تبدد من داخلنا ورأينا كم كنا مخطئين، حين اعتقدنا أن هذه الأنظمة أقوى من إرادتنا، ثم عدنا واكتشفنا الحقيقه فكنا الأقوى وكانت إرادة الشعوب تنتصر وتبدد أحلام الطغاة الذين حاولوا قهر هذه الإرادة لعشرات السنوات، وتربعوا على عروشهم التي تتساقط الآن نظاماً بعد آخر، يجب علينا أن نقول شكراً لك يا تونس، وفي كل مرة نفتح نافذة البيت ونطل منها على موج بشري لا تعرف بدايته من نهايته، وقد اجتمعوا بكل ألوان الطيف ومن كل الأحزاب والتوجهات العقائدية والفكرية بصوتهم الواحد المزلزل في سوريا وليبيا ومصر وتونس التي كانت بداية البداية يجب علينا أن نقول لك يا تونس شكراً. شكراً يا تونس على كل شيء، ليس فقط لأنك حافظت طويلاً على ذاتك وحفظت جمالك كما أوصاك شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش في لحظات الوداع الأخيرة، بل لأنك ازددت تألقاً بعدما تخلصت من الدكتاتور وأنت تقبلين على الحرية التي لم تمنحيها لنفسك فقط، بل منحتها لكل الوطن العربي المنتفض الآن في العديد من الدول، فشعبك الحر الذي أشعل شعلة الحرية التي تتناقل من بلد إلى آخر يستحق أن نقول له شكراً في كل مرة يسقط بها دكتاتور عربي وفي كل مرة يحاكم فيها دكتاتور عربي وفي كل مرة يحرق فيها دكتاتور عربي، وفي كل مرة يسقط فيها نظام عربي، فشكراً لك يا تونس وأنت تدخلين التاريخ بشكلك الحضاري وبكل ما تحملينه من تاريخ مشرق وتراث عميق وقدرة على صنع المجد. ومع سقوط نظام القذافي الذي أراد أن تتحول ليبيا إلى بحر من الدماء، بعدما حارب شعبه طوال ستة أشهر بكل ما امتلك من أدوات وأسلحة قتالية، فقد أصبح ثالث نظام عربي يسقط بعد مصر وتونس. وفي انتظار ما ستبشر به الأيام القليلة القادمة من انتصارات في بعض الدول التي تتصاعد فيها نقمة الشعوب على أنظمتها يبقى على لساننا كلمة الشكر هذه لتونس أرضاً وشعباً. العرب أون لاين- 24-8-2011