دعا الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة الفنانين العرب الذين يمثلون ثقافة مغايرة للثقافة العربية السائدة الى توحيد جهودهم لضمان مستقبل الثقافة العربية التي تشکل الخندق الاخير في مواجهة الانحطاط . جاءت دعوة خليفة خلال مؤتمر صحافي عقد في مؤسسة المورد الثقافي الاهلية العربية التي تنظم مهرجان (الربيع عاد من تاني) ويشارك خليفة فيه بتقديم امسيتين موسيقيتين في دار الاوبرا المصرية والمرکز الثقافي غير الحکومي ساقية الصاوي . وقال خليفة في البيان الذي قام بقراءته خلال المؤتمر: انه في هذا الخندق الاخير - خندق الثقافة - سنحاول ان نرابط مع قليلين مدافعين عن القيم الانسانية والحق العربي، محاولين الصمود ايضا في وجه جرافة الانحطاط . موضحا: ان الانحطاط الذي نتعرض له ليس ناتجا عن قصور ذاتي في الاشخاص بوصفهم افرادا تنقصهم المعرفة والموهبة، ولکنه نتاج موضعي للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي الذي تحميه المؤسسات والسلطات وتقوم عليه . واعتبر ان حرمان المجتمع من البوح الحر يؤدي عبر الوقت الى صدأ الحساسية الثقافية فلا بد من طرح اسئلة بسيطة يجري تفاديها الان مثل العدالة، الحرية، الاحتلال، المقاومة، الاخلاق، الطائفية، المذهبية، القيم المهدورة، الاختلاف، الفوارق، المادية الناضحة، حيث مقابل الغنى الفاحش فقر فادح . وتساءل: هل يتحمل الواقع العربي مثل هذه الاسئلة دون ان يتعرض السائل لقائمة الاتهام والخلل الحاصل بالسلطة وبحقوق المجتمع المدني وقواه الحية . ودعا خليفة الفنانين والمثقفين العرب الى التحاور وبعمق عن عجز الحکام وتسلطهم وتکاذب الحکم والهدر الکبير لطاقات الناس المنومة والمخصية للقدرات الذهنية والعلمية. وقال: ربما يقودنا هذا الحوار الصريح الى اکتشاف طرقنا السلمية الى الحرية والديمقراطية . وتابع: لنصل اليها بمبادرة ذاتية ونقطع على المحتلين سجل الادعاء بانهم قادمون لهدايتنا وايصالنا الى الطريق الصحيح بواسطة الصواريخ والمدافع والقتل والتشرد والتدمير المقصود لثقافتنا وتراثنا وذاکرتنا وارضنا في العراق وفلسطين . وطالب خليفة المبدعين العرب بادراك وسائل عملهم في هذه اللحظات البالغة في التسارع والتحولات في مواجهة الملابسات التي تسعى دوما لمحاصرة الابداع الانساني الحقيقي، والحد من امکانيات تحققه وفاعلية دوره الاجتماعي، خصوصا فيما يتعلق بالمفاهيم الغامضة لشروط السوق والتسليع الفاجر للفنون . وهاجم خلال حديثه اهدار النفط العربي على فضائيات عملت على شرذمة العالم العربي بدلا من توسيع مدارك المواطنين, والغت الثقافة الجادة مقابل ما نشاهده على هذه الفضائيات من فيديو کليب ومن مسلسلات رمضانية لا تعبر عن واقع الجائعين والحفاة في وطننا العربي بقدر ما تعبر عن هؤلاء الذين افحشوا بثرائهم على حساب المجتمع، حيث تظهر مثل هذه الثقافة انفصاما في الشخصية ولا احترام فيها للانسان. وأعاد خليفة محدودية حضوره الى مصر الى توقيع اتفاقيات کامب ديفيد (1979) وما تمخض عنها مشيراالى ان عدم حضوره يتحمل مسؤوليته هو والمصريون بحد سواء، فهو لم يحضر وهم لم يقوموا بدعوته. وقام مارسيل خليفة مؤخرا بجولة شملت اليمن والبحرين وسيغادر مصر بعد مشارکته في فعاليات مهرجان الربيع عاد من تاني الى السودان لاحياء امسية غنائية في العاصمة الخرطوم کونها العاصمة الثقافية العربية لهذا العام. ومؤسسة المورد الثقافي مؤسسة اهلية عربية يشارك فيها مندوبون من مختلف الدول العربية، وتعمل على تقديم الثقافة المغايرة للسائد على صعيد المسرح والموسيقى الى جانب رعايتها للمبدعين الشباب العرب الجدد باقامة الدورات والمسابقات وتقديم الخبرات الممکنة لهم.