وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقادا شديد اللهجة إلى باريس على خلفية اعتزام البرلمان الفرنسي بحث مشروع قانون يجرم أي شخص ينكر ما يزعم أنه إبادة جماعية للأرمن في الحرب العالمية الأولى. وحذر أردوغان في كلمة له أمام المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه، من أن إقرار مشروع القانون سينعكس سلبا على العلاقات بين البلدين. قائلا "نأمل أن تتفادى باريس هذه الخطوة الخاطئة وهذا الحادث السياسي الذي سيضر بالعلاقات التركية الفرنسية". وحث أردوغان أمس الاتحاد الأوروبي -الذي بدأت أنقرة العام الماضي مباحثات الانضمام إليه- أن يقف في مواجهة "غياب الحكمة" في فرنسا. ودعا رئيس الوزراء التركي فرنسا إلى النظر إلى ماضيها الاستعماري في أفريقيا بدلا من أن تهاجم تركيا فيما يتصل بإبادة مزعومة للأرمن. قائلا "فرنسا ينبغي أن تنظر فيما حدث في السنغال وتونس وجيبوتي وغينيا والجزائر، إنني لا أعيد التذكير بأن هذه الأحداث أججت جمرات الغضب وغطاها التاريخ بالرماد". وستتخذ لجنة العدل في البرلمان التركي قرارا اليوم الأربعاء بشأن ما إذا كانت ستطرح مشروع قانون للتصويت يجرم إنكار وقوع إبادة جماعية في الجزائر التي حكمها الاستعمار الفرنسي في الفترة بين العامين 1830 و1962. ودعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة فرنسا مرارا إلى الاعتراف بدورها في مجزرة قتل 45 ألف جزائري خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالاستقلال عام 1945. لكن أردوغان استبعد في حال إقرار مشروع القانون الفرنسي يوم غد الخميس، أن ترد تركيا بتشريع مماثل يصف مجازر الفرنسيين في الجزائر ب"الإبادة" ويجرم نفي هذه المجازر، مبررا بأنه "لا يمكن تنظيف الوسخ بالوسخ". وحذرت أنقرة في وقت سابق من أن الشركات الفرنسية ستمنع من المشاركة في المناقصات بما في ذلك في المناقصة لمشروع بناء أول محطة نووية في البلاد، في حال تم إقرار مشروع القانون. وهددت غرفة التجارة في أنقرة التي تضم 3200 مؤسسة واتحاد المستهلكين بمقاطعة المنتجات الفرنسية. وفي العام 2001 منعت تركيا الشركات الفرنسية من المشاركة في المناقصات العامة وألغت مشاريع فازت بها مؤسسات فرنسية بعدما اعتمد البرلمان قرارا يعترف بأن "المجازر" التي تعرض لها الأرمن "إبادة". نأي فرنسي وقد نأت الحكومة الفرنسية بنفسها مجددا عن مشروع القانون الذي عرضته المعارضة الاشتراكية واعتبرته "ليس ضروريا". وشدد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي على أن النص الذي قدمه برلمانيون "لا يلزم الحكومة". وينص مشروع القانون الفرنسي على عقوبة السجن لعام واحد وغرامة قيمتها 57 ألف دولار لكل من يدلي بتصريحات تنفي أن تكون "المجازر" التي ارتكبت بحق الأرمن في الأناضول في ظل الإمبراطورية العثمانية بين 1915 و1917، تشكل "إبادة". ويدعي الأرمن أن نحو 1.5 مليون منهم قضوا في "إبادة" دبرتها السلطنة العثمانية، في حين تؤكد أنقرة أن 300 ألف أرمني ومثلهم من الأتراك لقوا مصرعهم خلال أحداث تسبب بها تمرد الأرمن على العثمانيين وتحالفهم مع الجيوش الروسية التي كانت تحارب الأمبراطورية، نافية وقوع "إبادة".