منذ الشهر الماضي طلب البنك المركزي من البنوك التجارية الاحتفاظ باحتياطيات مساوية للقروض الاستهلاكية الجديدة التي تصرفها مما يجعل منح البنوك لهذه القروض أعلى تكلفة. اتخذ البنك المركزي التونسي إجراءات صارمة بشأن طفرة في القروض الاستهلاكية وهي خطوة ربما تكون صائبة من الناحية الاقتصادية لكنها تهدد بإغضاب الكثير من التونسيين ممن يعانون الفقر والبطالة وقد تترتب عليها آثار سياسية. ومنذ الشهر الماضي طلب البنك المركزي من البنوك التجارية الاحتفاظ باحتياطيات مساوية للقروض الاستهلاكية الجديدة التي تصرفها مما يجعل منح البنوك لهذه القروض أعلى تكلفة. ودوافعه في هذا هو كبح التضخم لمنع الاقتصاد من الدخول في حلقة من النمو التضخمي وضمان توجيه القروض المصرفية لمشاريع منتجة والحد من واردات السلع الكمالية التي تستنزف احتياطيات تونس من العملات الأجنبية. وربما تطمئن هذه الإجراءات المستثمرين الأجانب الي أن البنك المركزي لاتزال لديه رغبة في القيام باختيارات سياسية لا تتمتع بشعبية لكن لها ضرورة اقتصادية بعد الانتفاضة التي اندلعت العام الماضي وأطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. لكن قرار تقييد إقراض المستهلكين له حساسية سياسية. وكان الغضب من الظروف الاقتصادية قد أذكى الانتفاضة. ويجازف البنك المركزي من خلال فرض قيود على الإقراض بأن يعتبره بعض ابناء الشعب التونسي جزءا من المشكلة. وستؤثر نظرة الناخبين للاقتصاد على نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو حزيران القادم والتي ستحدد مصير الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية المعتدلة وتولت حركة النهضة الحكم من خلال أول انتخابات حرة تشهدها تونس في اكتوبر تشرين الأول العام الماضي. ويقول محمد بنور (26 عاما) وهو فني في شركة للاتصالات بتونس إنه أحد من تأثروا بقرار البنك المركزي. وبعد القواعد الجديدة المتعلقة بالاحتياطيات رفض البنك الذي يتعامل معه إقراضه 20 الف دينار (12600 دولار) من أجل زفافه الذي يقول إنه قد يضطر الآن لإلغائه. وقال بنور "أشعر بالاحباط... كان من المنتظر أن يكون موعد زفافي في 30 ابريل العام القادم لكن هذا الموعد سيتأجل فيما يبدو أو ربما يلغى اذا لم أحصل على قرض يغطي تكاليف الزفاف." وأضاف قائلا "كنت أنتظر الحصول على قرض لشراء الأثاث للمنزل وسداد تكاليف قاعة الزفاف وشراء احتياجات خطيبتي. الآن لا يبدو اي من هذا ممكنا." ويقول محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري إنه يدرك أن سياسة البنك مؤلمة للكثير من الأسر التونسية لكنه اضطر للتحرك لحماية الاقتصاد الذي يواجه زيادة في التضخم وخفضا لقيمة العملة وهما عاملان قد يعززان أحدهما الآخر اذا خرجا عن نطاق السيطرة. وقال العياري لرويترز إن معدل التضخم بلغ 5.7 بالمئة في سبتمبر ايلول وإن البنك لا يستهدف معدلا معينا للتضخم لكن يجب الا يتجاوز خمسة في المئة. واضاف قائلا "التضخم يقلقني كثيرا. سأحاربه بأدوات نقدية." وهناك عامل اخر للقلق هو مستوى احتياطيات تونس من العملات الاجنبية الذي هبط الي ما يعادل 94 يوما من واردات البلاد في اكتوبر تشرين الاول وهو اضعف مستوى في عقود وانخفاضا من 120 يوما قبل عام و145 يوما قبل عامين. وقال العياري انه يخشى ان الافراط في الائتمان الاستهلاكي قد ينفق على الواردات مما يؤدي الي مزيد من الاستنزاف للاحتياطيات. (إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير وجدي الالفي) من طارق عمارة Wed Nov 14, 2012 3:12pm GMT