أوضح الوزير التركي أن "التهديد الوحيد على الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية، ليس الإسلام، وإنما النهج الاستشراقي المتبع في تحليل قضايا الشرق، موضحا أنه عند شروع المختصين بتحليل المجتمع المسيحي، لا يدخلون في تصنيفات متعددة كتلك التي يضعونها عند تحليلهم للمسلمين. سامي معروف قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إن "كرامة الإنسان تمثل القيمة الأساسية للقرآن الكريم، والديمقراطية معا، ومن ثم فهما أي الديمقراطية والإسلام مكملان لبعضها، ولا يتناقضان، فكرامة الإنسان فيهما جزء أصيل لا ينفصل عنهما." جاء ذلك في كلمة للوزير التركي ألقاها أمام الجلسة التي شارك فيها، اليوم، تحت عنوان "هل تفوز الديمقراطية ؟" بالمنتدى الاقتصادي العالمي الذي انطلق أمس في مدينة دافوس السويسرية، وشارك في تلك الجلسة كل من عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، و"نافي بيلاى" مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، والكاتب الأميركي "توماس فريدمان". وأوضح الوزير التركي أن "التهديد الوحيد على الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية، ليس الإسلام، وإنما النهج الاستشراقي المتبع في تحليل قضايا الشرق، موضحا أنه عند شروع المختصين بتحليل المجتمع المسيحي، لا يدخلون في تصنيفات متعددة كتلك التي يضعونها عند تحليلهم للمسلمين. وأضاف داود أوغلو أن العقول والذهنيات في الدول الإسلامية في طور التغير، موضحا أن الشباب الموجودين في ميدان التحرير، ينشدون نفس المطالب التي يتطلع إليها نظرائهم من الأوروبيين، مؤكدا على أن الإسلام لا يمكن أن يشكل عائقا أمام الديمقراطية، ولا المطالب المشروعة. "يجب عدم اتباع النهج الاستشراقي" وأوضح داود أوغلو أن كرامة الإنسان من أهم عناصر الربيع العربي، مشيرا إلى أن الديمقراطية أفضل نظام يمكن به البحث عن العزة والكرامة. وذكر أن المجتمعات العربية اصبحت لديها القدرة على الحفاظ على كرامتها، بعد أن تيسر لها تخطي الجسور والعقبات النفسية التي كانت تقبع ورائها خائفة لسنوات طوال، لافتا إلى أن بعض المجتمعات في اوروبا لازالت تعاني في موضوع الديمقراطية، مستشهدا بمنطقة البلقان كمثال على ذلك. وناشد داود أوغلو الغربيين بعدم تناول موضوع الربيع العربي باتباع نهج استشراقي يقومون من خلاله بطرح عدة أسالة لا يحق طرحها، كصيغة سؤال الجلسة التي تقول "هل يمكن للديمقراطية أن تفوز؟". وتابع قائلا "أحب أن أطمئنكم على فوزر الديمقراطية ، فالمجتمعات العربية والإسلامية، يمكن أن يكون لديها نفس القدر من الديمقراطية الذي ترونه مثاليا"، مبينا أن استمرار الديمقراطية ودوامها، يمكن له أن يتحقق بإرادة الشعوب ذاتها، لا بالدعم الدولي. وأوضح الوزير التركي أن الحرب الباردة انتهت في أوروبا منذ وقت كبير، وتابع قائلا "أما الحرب الباردة في منطقتنا، ستنتهي بعد 20 عاما على أقل تقدير، وفي نهاية المطاف سيكون النصر حليف الديمقراطية". وفي رد منه على سؤال حول ما إذا كانت الدول التي اندلع فيها الربيع العربي، ستنعم بالديمقراطية أم لا، قال داود أوغلو "لو كنا عقدنا جلسة اليوم، قبل عامين، ما كان أحد يمكنه التفكير على الإطلاق أن تتحقق ديمقراطية في تونس أو مصر، فعلينا أن نتسم بالعدل تجاه تلك الشعوب التي فعلت الكثير خلال العامين الماضيين، ولازال أمامنا طريق طويل حتى يتسنى إرساء قواعد الديمقراطية فيها بشكل كامل" "مبارك فشل في مقاومة "تويتر" من جانبه قال "فريدمان"كاتب عمود الشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز وأحد أكثر الكتاب والصحافيين الأمريكيين شهرة في العالم العربي، إنه شهد بعينيه التحولات والتغيرات في مصر من قلب ميدان التحرير، لافتا أن شعر حينها وكأن الشعب المصري نمر خرج حرا طليقا من قفص ظل محبوسا فيه خمسين عاما، مضيفا أن هذا "النمر لا يمكن إعادته إلى قفصه مرة ثانية، أو الركوب عليه". واتفق الوزير التركي مع الكاتب الأميركي في تشبيهه للشعب المصري بالنمر، واصفا تلك الفترة التي تشهد التغيرات الكبيرة في مصر والعالم العربي، بالتاريخية التي ستظل راسخة على مدار أعوام بل وقرون طوال في أذهان الجميع يتوارثونها جيلا بعد جيل. وعرض داود أوغلو موقفا دار بينه وبين ابنته الصغرى، حينما دخلت غرفته ورأت آلة كاتبة قديمة، في أحد اركان الغرفة، فسألته باستغراب عنها، فقال لها "هذه آلة كاتبة، استخدمتها في كتابة رسالتي العلمية، وحينها كان مبارك في السلطة، وجاء بعد ذلك الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي "فيس بوك و"تويتر"، ولايزال مبارك في السلطة، لكن تفوق عليه "تويتر"، وفشل في مقاومته"، مؤكدا أن الأنظمة القديمة لن تعود مرة ثانية على الإطلاق. "المهم هو مشاركة التجربة" وذكر الوزير التركي أنه منذ اليوم الأول لاندلاع الربيع العربي، وتركيا تقوم بفعل كل ما هو ضروري من الناحية الدبلوماسية حيال الثورات، لافتا إلى أنهم يدعمون سياسيا واقتصاديا الدول التي تعيش مرحلة تحول ديمقراطي، ومؤكدا على ضرورة أن تتبادل تركيا خبرات التجارب التي مرت بها، لاسيما أنه نجحت في غضون السنوات العشر الأخيرة بإحدث إصلاحات كبيرة في مختلف المجالات، ومشيرا إلى أنهم يحاولون حاليا تبادل تلك الخبرات والتجارب. وتابع الوزير التركي قائلا إن تركيا تدعم دول الربيع العربي مثل مصر وتونس، إما بالمساعدات المالية، أو بالاتفاقيات التي تبرمها معهم لتعضديد أواصر التعاون الاقتصادي في العديد من المجالات، لافتا إلى أنهم مستمرون في هذا النهج، ومؤكدا على مسألة تبادل التجربة بشكل فعلي، وألا يقتصر الأمر على مجرد تصريحات وكلمات. ولفت إلى أن أكبر مشكلة تواجه دول الربيع العربي، إنما هى العادات والموروثات التي وُرثت عن الأنظمة القديمة، والبيروقراطية المقيتة، مبينا أن تلك الدول تخطت العتبات النفسية، ولم يبقى أمامها سوى تغيير العادات والمواقف القديمة التي تعيق حركة التقدم. 24/1/2013 08:21 ( 25/1/2013 17:01)