منحت لجنة تحكيم مهرجان قرطاج السينمائي مساء السبت فى اختتام الدورة الواحدة والعشرين وبعد ثمانية ايام من العروض والمنافسة جائزتها الكبرى لفيلم "اخر فيلم" للتونسي نوري بوزيد وهي المرة السادسة التى تحرز فيها تونس على "التانيت الذهبي" منذ انطلاق التظاهرة عام 1966. ويرصد الفيلم رحلة شاب بسيط يدعى "بهتة" الذى يحلم بمستقبل افضل ينسيه وضعه الاجتماعي السيء لكن امام انسداد الافاق امامه يجد نفسه تائها فيتلقفه اصحاب "الفكر الديني المتطرف" ويحاولون غسل دماغه حتى يصير قادرا على تحمل مسؤولية عمل ارهابي". لكن الشاب لم يكن يتصور انه سيقدم على قتل بشر اخرين وحين يدرك ذلك يخاف ويهرب ليصبح بذلك عرضة لمطاردة الاسلاميين من جهة و للشرطة من جهة اخرى. واعتبر بوزيد "الجائزة انتصارا على الخوف " واهداها الى الجمهور الذي شاهد الفيلم خلال المهرجان باعداد غفيرة. وسبق لنوري بوزيد ان احرز التانيت الذهبي لايام قرطاج السينمائية سنة 1982 عن فيلمه "ريح السد" والتانيت الفضي عن فيلم "عرائس الطين" عام 2004. ومنحت لجنة التحكيم التى يتراسها الروائي والصحفي اللبناني الياس خوري التانيت الفضي لفيلم "دارات موسم جاف" لمحمد صالح هارون من التشاد الذى يحكي قصة الطفل "اتيم" الذى يرسله جده محملا بسلاح ناري للانتقام من الشخص الذى قتل اباه خلال الحرب الاهلية التى دمرت التشاد. لكن الطفل يعدل عن ذلك بعد محاولات متعددة حبا بزوجة القاتل التى يتعاطف معها نتيجة ما يسلطه عليها من تعذيب. وفاز بالتانيت البرونزي فيلم "الانتظار" لرشيد المشهراوي من فلسطين. ويطرح المشهراوي قضية اربعة ملايين لاجىء فلسطيني من خلال فكرة بسيطة تتمثل فى بحث مخرج عن وجوه تصلح لتشكيل نواة لمسرح وطني فلسطيني فى غزة. ينطلق المخرج برفقة مذيعة مشهورة ومصور تلفزيوني فى رحلة البحث عن الممثلين عبر المخيمات الفلسطينية فى كل من الاردن وسوريا ولبنان وتتمحور عملية "الكاستينغ" حول مفهوم الانتظار. وعلى لسان الشخصيات المستجوبة يكشف المشهراوي عن اختلاجات اللاجئين وحلمهم بالعودة الى فلسطين الذى طال انتظاره. وحصلت الممثلة المغربية ثريا العلوي على جائزة احسن ممثلة عن دورها في فيلم "باب بحر" او "طرفاية" حول مخاطر الهجرة السرية لداوود اولاد سياد. في حين فاز الممثل التونسي لطفي عبدلي بجائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم "اخر فيلم" لنوري بوزيد. واهدى عبدلي "الجائزة لكل المبدعين التونسيين الذين يناضلون من اجل فن حر". ونالت الممثلة التونسية فاطمة بن سعيدان جائزة احسن دور ثانوي نسائي عن دورها في فيلم "اخر فيلم". في حين احرز الممثل العراقي بشير الماجدي جائزة احسن دور ثانوي رجالي عن دوره في فيلم "احلام" لمحمد الدراجي. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم "باماكو" للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيسيكو ونوهت بفيلم "عرس الذيب" للتونسي جيلاني السعدي. وفيما يتعلق بالافلام القصيرة حصل فيلم "ع سكت" لسامح الزوابي من فلسطين على التانيت الذهبي بينما حصل الفيلم "خيط الحكاية" لفاطمة الزهراء زعموم من الجزائر على التانيت الفضي. وحصل فيلم "النهار ده 30 نوفمبر" لمحمود سليمان من مصر على التانيت البرونزي. وفي مسابقة قسم الفيديو اسندت لجنة التحكيم جائزة افضل عمل للفيلم الفلسطيني الطويل "من يوم ما رحت" لمحمد البكري من فلسطين. واحرز فيلم "البنات دول" للمصرية تهاني راشد على جائزة لجنة التحكيم. وبالنسبة للافلام القصيرة كانت جائزة افضل عمل من نصيب الروائي "ديوينيتي" للسينغالي ديانا غاي بينما احرز فيلم "يا لها من قوارير" للتونسي فيتوري بلهيبة على جائزة لجنة التحكيم الخاصة. ويحصل الفائز بالتانيت الذهبي فى فئة الافلام الطويلة على مكافاة قيمتها عشرة الاف دولار. واكدت لجنة التحكيم خلال حفل الاختتام في صالة الكوليزيه التي حضرها ممثلون ومخرجون من الدول المشاركة على "اهمية ان تحظى الافلام بحرية اللقاء مع الجمهور بدون تدخل الرقابة التى تشكل خطرا يهدد الفن كاداة معرفة وخيال". كما انتقدت اللجنة كيف ان "مهرجان مثل ايام قرطاج السينمائية يعد من اعرق المهرجانات والوحيد فى مستواه لا يملك بنية مؤسساتية مستقلة" ودعت الى تحويل المهرجان الى مؤسسة ثقافية تحظى بالدعم الرسمي. وعرض فى اختتام ايام قرطاج السينمائية التى بدات فى 11 تشرين الثاني/نوفمبر من جديد فيلم "اخر فيلم" لنوري بوزيد. وتنافس فى الدورة الواحدة والعشرين التى حملت هذا العام شعار "التنوع الثقافي فى سينما الجنوب" 15 فيلما طويلا و14 فيلما قصيرا من 16 دولة عربية وخمسة افريقية. كما اختارت الدورة 12 فيلما وثائقيا لمسابقته التى تحمل عنوان "فيديو للافلام الروائية والوثائقية القصيرة والوثائقية الطويلة". وتعد تونس البلد العربي الافريقي الذى احرز اكبر عدد من الجوائز منذ انطلاق المهرجان عام 1966. من بين الافلام التى احرزت على التانيت الذهبي نجد فيلم "عزيزة" لعبد اللطيف بن عمار عام 1980 تلاه نوري بوزيد ثم فريد بوغدير عن فيلم "حلفاوين" ف"صمت القصور" لمفيدة التلالي.