مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : كيف السبيل إلى مزيد الإحاطة بالشباب وتحصينه من كل المخاطر؟

يلقى الشباب في تونس أوجها عديدة من العناية والتأطير والاهتمام ناهيك أن المسألة الشبابية بكامل تفريعاتها ظلت دائما بندا أساسيا ومركزيا في توجهات السلطة في أعلى هرمها ممثلة في رئيس الدولة الذي بقي على الدوام مستمعا للشباب ومشاغله ساعيا إلى ايجاد المبادرات والاجراءات التي تستجيب لتطلعاته وطموحاته والتي كان من آخرها مزيد ضمان فرص التشغيل ومواطن الرزق والاستشارة الوطنية الشبابية التي كشفت العديد من المعطيات التي من المؤكد أنها ستكون محل دراسة وتمحيص ومنطلقا للعديد من البرامج والمبادرات الجديدة.
لكن وبحكم التحولات الاجتماعية والثقافية وتسارع نسق التغيرات لا المحلية فقط بل وكذلك الاقليمية والدولية تفترض مزيد الحرص على إيجاد الآليات المساعدة التي يمكن أن تضاعف مجهود تأطير الشباب وضمان أعلى قدر لتحصينه وتأمينه من كل المخاطر والانزلاق إلى المظاهر السلبية والسلوكات المنحرفة والمتطرفة.
«الشروق» استمعت إلى ممثلي مختلف الأحزاب السياسية تشخيصا للواقع الشبابي الراهن واستشرافا لحلول ومعالجات يمكن تفعيلها في المستقبل تماما كما يرغب في ذلك رئيس الدولة الذي دعا هذه الأحزاب ومختلف فعاليات المجتمع المدني والنخب إلى تقديم التصورات والمقترحات التي تقارب الواقع وتستشرف المستقبل.
أودّ في البداية أن أشير إلى أننا نؤمن أن أرضية التصدي للانحراف ولكل مظاهر التطرف الفكري والسلوكي متوفرة في بلادنا وفاعلة والدليل على أنها فاعلة هو أن الأفكار والسلوكيات المتطرفة والمنحرفة لا تستهوي الشباب ولا تقع تحت وقعها المخرّب إلا قلة قليلة، وهذه الاشارة بقدر ما تجعلنا نشير إلى أهمية الانطلاق مما تحقق وندعو إلى التخلي عن المقاربة العدمية والتشاؤمية بقدر ما تحثنا على التأكيد على أهمية بذل جهود أكبر للقضاء على كل ما من شأنه أن يدفع شبابنا نحو التطرف والانحراف خاصة وأن التحولات التقنية المتلاحقة وتهيكل الفضاء الاتصالي المعلوم تعتبر كلها عوامل يتعين أخذها بعين الاعتبار حتى وان كان امكان التحكم فيها محدودا وهو ما يعني أن الجهد الذي ينصب على التصدّي للتطرف والانحراف يجب أن يكون مضاعفا.
ونحن نؤمن بأهمية البعد السياسي لأن الأحزاب السياسية هي في جانب من جوانب نشاطها فضاء للتثقيف في بعده الشامل وهو ما يفرض عليها إلى جانب وضع برامج خصوصية للشباب في ما يتعلق بتنشيط ملكاته واقحامه في الحياة العملية أن تعتمد أساليب التسيير الديمقراطي والشفاف حتى تقدم له الأسوة وتعرض أمامه القدوة. ويبدو التدريب على الحوار والتعود على الاختلاف في الرأي إلى جانب التأكيد على مفاهيم المصلحة العامة وخدمة الشأن العام من أهم القيم التي يتعين على الأحزاب السياسية التركيز عليها.
ولا تقف مهمة التصدي للانحراف وللتطرف عند حدود الأحزاب السياسية لأن دور هذه الهياكل يبدو محدودا حين نقارنه بدور وسائل الاعلام وبدور المؤسسات التربوية، ففي ما يتعلق بوسائل الاعلام فإننا نعتقد أن الواجب يفرض عليها تجنب السطحية والتخلي عن التغطية «الفضائحية» للقضايا العدلية لأن في هذه التغطية ما يغوي وما يمكن أن يؤثر سلبيا على الناشئة ويوجد بالتالي أرضية يمكن أن ينمو فيها التطرف والانحراف لأن اعتماد الإثارة يلتقي أحيانا مع هشاشة في الوضعية النفسية والاجتماعية وهذا يدفع للانحراف، وإذا كان التطور التقني قد أظهر فاعلين جددا في المشهد الاعلامي واعني الفضائيات فإننا نعتقد أن البرامج المدرسية مدعوة للتأكيد على التربية على وسائل الاعلام حتى نمنح الناشئة تحصيلا معرفيا يمكن لهم بواسطته التمييز في مستوى الخطاب الاعلامي لتجنب الغث من السمين. أما في مستوى المؤسسة التربوية فإن الأمر يدعو إلى تعميق التصورات العقلانية ونجدد في هذا الصدد تأكيدنا على ضرورة منح مادة الفلسفة مكانة أفضل في التعليم الثانوي وعلى ضرورة تدريس العلوم الانسانية لأن في هذه المواد تأكيدا على النسبة ودعوة للتعقل وللمقارنة وهي مداخل هامة للتصدي للانحراف وللتطرف الذي يتغذى من التصورات الاطلاقية وتماما كما يتغذى من كل أشكال التهميش والاقصاء.
أعتقد أن تأطير الشباب يبدأ في المعاهد وذلك يفترض إعادة النظر في برامج التعليم من أجل مزيد تكريس الأبعاد العقلانية والمضامين الهادفة المساعدة على تحصين الشباب من كل الانحرافات.
كما أن الواقع يفترض إعادة صياغة تصور جديد لدور دور الثقافة والشباب والنظر إلى برامجها واطاراتها وخاصة ترك الفرصة للشباب للإبداع وابعاده عن ثقافة الانتصارية والأحادية.
ونرى أن الفكر الواحد والعقل الواحد والمنهج الواحد يولد حالة من النمطية والكلل والملل لدى الشباب مما يدفعه إلى البحث عن خيار وبديل آخر حتى وان كان في اتجاه التطرف. ان الواقع يفرض علينا مزيد ترسيخ ثقافة الاختلاف والتعددية وتكريسها كحقيقة لأن البحث عن حالة الاختلاف والتميز لدى الشباب يمكن أن تكون سببا في الوقوع في عديد المزالق، وعلى المنظمات والجمعيات والأحزاب أن تراجع خططها الموجهة للشباب بعد أن أثبتت الوقائع أن خططها الحالية لتأطير هذه الفئة لحقها الكثير من الفشل وحولها إلى مراكز للدعاية وليس للتأطير والمرافقة والعناية بهموم ومشاغل الشباب عماد المستقبل الحقيقي للبلاد.
وهذا الأمر يفترض وضع برنامج استراتيجي تتعاضد فيه جهود كل الأطراف من أحزاب ودولة وفعاليات المجتمع المختلفة لوضع الشباب في السياق المجتمعي النافع تعليميا وترفيهيا وإعلاميا.
ولابد لي من التأكيد على أهمية ترك البرامج الترفيهية المائعة لأنها تنتج تطرفا نحو العراء والانبتات وهو ما يؤدي إلى وجود أرضية خصبة لنمو الأفكار المتطرفة والتوجهات الإرهابية التي يمكن أن تعصف بكامل المكتسبات والمنجزات الوطنية.
علينا أن نؤمن الشباب من ردة الفعل وعلى التلفزة التونسية أن تنتج برامج ثقافية وترفيهية هادفة.
أن الواجب يدعونا إلى الدعوة إلى ضرورة الحرص على ايجاد رؤية كاملة لازالة كل مظاهر الاحتقان والتهميش التي يعيشها أو يمكن أن يعيشها شبابنا بحكم المتغيرات الحاصلة لأننا مقتنعون تمام الاقتناع أن حالة الفراغ والحرمان لا يمكن أن تنتج إلاّ الخراب ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى التطرف.
حتى لا يتقوقع الشباب على نفسه، وحتى لا تستهويه سلوكات سلبية، وحتى لا يتحجر ذهنه، وحتى لا يجاري أفكارا منغلقة... على المجتمع بكل مكوناته بما فيه السلطة أن يتعمق في هذا الملف المصيري بكل مسؤولية، ويعيد النظر في كل ما من شأنه أن يفعل دور الشباب في المجتمع وهذا يتطلب حسب رأيي تعميق الحوار مع الشباب حوارا بناء ومتواصلا، من أجل معرفة وتحديد مشاغله وأخذها بعين الاعتبار وإعادة النظر في دور الشباب في الجهات الداخلية خصوصا، في طرق عملها وتسييرها مع أخذ الدراسات والبحوث التي يعدها المرصد الوطني للشباب مأخذ الجد والتعمق فيها.
كما أنه لابد من إعادة النظر في بعض البرامج التعليمية ومزيد الاهتمام بالترفيه والرياضة والثقافة الموجهة للشباب المدرسي والجامعي وفتح قنوات ووسائل الاتصال والاعلام أمام الشباب لإبداء رأيه في كل المحاور التي تهمه دون قيود ودون محرمات كما أشار إلى ذلك رئيس الدولة مع إعادة النظر في برامج إذاعة الشباب وقناة 21 بما يتلاءم وقضايا وطموحات الشباب ولم لا تأثيث بعض البرامج من قبل الشباب ذاته دون وصاية، ومن ناحية أخرى، يعتبر الشباب عنصرا حيويا ومهما في المجتمع، وكذلك عنصرا مسؤولا وجيل المستقبل لذلك علينا جميعا مزيد دعم الحريات في البلاد وفتح منابر الحوار المباشرة أمام كل فئات المجتمع، مع ضمان وهذا هام جدا خروج التلفزة من البوتقة الضيقة التي تعيشها وطرح شواغل المواطنين بكل جرأة وحرية ومسؤولية وعلى المباشر طبعا، ففي معرفة الشواغل يمكن إيجاد الوصفات العلاجية في حينها قبل أن تتطور وتستفحل، لا قدر الله، فالوقاية خير من العلاج.
لا بد أن نكون موضوعيين في تشخيص واقع الشباب التونسي. وإننا نعتقد تماما أن هناك حالة فراغ حقيقية يعيشها الشباب ونحن نرى أن أسباب هذه الوضعية متداخلة ومتعددة منها الناجمة عن سياسات وبرامج محلية مرتبطة بطبيعة المنظومة التربوية والعمل الثقافي والتوعوي ومنها ما هو مرتبط بظاهرة العولمة وانفتاح الفضاء الاتصالي الدولي.
ونحن نعتقد أن جملة الاصلاحات التي لحقت المدرسة التونسية طيلة العقدين الأخيرين في حاجة الى مراجعة جذرية تعيد الى ذهن التلميذ مبادئ التنافس والجدية والمسؤولية والوطنية كما أن التعاطي مع الفضاء الجامعي والطلابي يحتاج الى دفع جديد يعيد إليه حالة الحركة التي عرف بها: حركية فكرية وسياسية ورياضية وثقافية منظمة وأكثر فاعلية لأن الشباب الطلابي قادر على تحقيق الاضافة النوعية والوعي الحقيقي لمشاكل البلاد ودوره الكبير في نهضته.
كما أن على الجامعة أن تعود الى وظيفتها وأن تعود الى وضعيتها الحقيقية في تخريج النخب لا العلمية فقط بل كذلك النخب السياسية والفكرية والثقافية وعلينا أن نثمّن الاندفاع الطلابي من أجل ضمان كفاءات يمكنها أن تعزّز العمل الجمعياتي والسياسي.
صحيح أنه في فترة ما كان لزاما علينا تحييد الجامعة بسبب ما عرفته البلاد من توظيف سياسي سلبي للشباب الطلابي مما أوجد مظاهر العنف والتطرف لكن يجب أن لا يقع استدامة تلك الوضعية. فالجامعة وفي كل العالم فضاء لإبراز الكفاءات السياسية والثقافية والرياضية، فعلى المستوى الثقافي غالبا ما اتجه العمل الثقافي ونقول هذا بكل صراحة الى تمييع الشأن الثقافي على أهميته ورسالته فالثقافة التي لا بد أن تكون موجودة هي الثقافة التي تعزز الروح الوطنية والانفتاح المتبصّر على الحضارات والثقافات المتقدمة وليس ثقافة الرقص والميوعة والترفيه الزائف والاستهلاك الساذج.
علينا أن نوجد ثقافة ترفّه وفي نفس الوقت نضمن الإرشاد والتوجيه والتثقيف والتوعية.
كما أنه لا بدّ من الإشارة الى وضعية الأحياء الشعبية والعديد من القرى والأرياف التي تفتقر الى التجهيزات الضرورية للتثقيف والترفيه ولا يفوتنا أن نشير كذلك الى مدى خطورة استقالة الأولياء والعائلة على القيام بالدور الرئيسي في التربية والتوجيه ومتابعة أبنائهم.
فالتطرف أول ما يبدأ يبدأ في السنوات الأولى من العمر أي في العائلة وفي المدرسة وعلينا التفطن الى هذا.
أما على المستوى الخارجي وبحكم التطور الذي عرفته التكنولوجيات الاتصالية الحديثة والذي أدى الى تعدد القنوات الفضائية خاصة وانفتاح مصادر الاطلاع ونفاذ المعلومة والصورة حتى المحظورة منها عبر اخطبوط الانترنات ولقد وجد شبابنا نفسه في حالة من الذهول والتشرّد تتقاذفه مخططات استراتيجية عالمية تتأرجح بين التطرف السياسي والديني والأخلاقي والسلوكي وفسخ مقومات الهوية والخصوصيات الحضارية. ولقد بقينا دون رؤية لتحصين شبابنا من هذا الواقع الرهيب. فإعلامنا لم يتطور بالقدر الكافي ولم يتمكن من إيجاد البديل الوطني الذي يمكنه أن يرضي تطلعات شبابنا ويدفعهم الى الوجهة الصحيحة وبالتالي فإن حالة التطرف تكون إذن منطقية في مثل هذه الحالات ولا بد من اعلام يواكب التغيرات النفسية والسوسيولوجية والثقافية والسلوكية التي يعيشها شبابنا وتتعامل معها بروح من النزاهة والعلمية والمصداقية.
كما لا يفوتنا التأكيد على أن الأبحاث السوسيولوجية الشبابية لا تزال منقوصة وهو ما يتطلب مزيد تشريك الخبراء والمختصين في علم النفس وعلم الاجتماع التربوي وعلم الاجتماع وعلوم الاعلام والاتصال حتى تزداد معرفتنا العلمية بالظروف التي يعيشها الشباب بصفة يومية وتتمكن من ثم من إيجاد الحلول الملائمة والمناسبة لها.
* ثامر ادريس (حركة التجديد): الاهتمام بالشأن العام أكبر حصانة للشباب، وضمان المشاركة مصيريّ
ان الحديث عن تحصين الشباب من التطرف هو حديث عن المستقبل وعما يجب أن يكون، ولا معنى للحديث عمّا نريده إذا لم نأخذ بعين الاعتبار مدى توفر الامكانات المتاحة في الواقع، وحتى يكون الحوار حول الشباب والمواطنة والديمقراطية مجديا، لا بد لنا أن نكف عن مجرّد تسجيل ما يقال من دون تأثر بالرأي الآخر.
ولا بد من المراهنة على الرأي العام وعلى المواطن الذي يجب تشريكه بحثا عما هو أكثر صواب، ولا بدّ لنا من أن نقنع الشباب بأن الشأن العام يهمه ويحصنه، بل يحصننا جميعا، لأن الحرية، والحق في العمل، والحق في التعليم وفي العلاج والسكن يهمنا جميعا.
ولا بدّ من الكف عن ابقاء الشباب معزولين عن السياسة ومقسومين إلى ذرات صغيرة، طالما ان الشباب فرادى لن يكونوا قادرين على تحديد معالم الأمور بصورة حسنة، خاصة إذا لم تكن لهم ميول ثقافية قوية ويقرأون قليلا ويعممون ما يقرؤونه سريعا، وهؤلاء يبدون قابلية كبيرة للقيام بأعمال عنيفة وسريعة دون حاجة إلى مجهود لاقناعهم فكريا بجدوى ما سيفعلونه.
بمعنى آخر لابد من الكف عن اعادة النظر إلى المشاركة على انها حكرا على «المسؤولين» وإبقاء بقية الناس متفرجين والشباب يدرك هذا جيدا، لذلك هو لا ينصاع لشريعة تطبق على كل من خالف الرأي، وتحاول اجتثاث فضول استكشاف الأمور بأنفسهم عبر سكب ذواتهم في قوالب لا تفكر.
ومازال هناك الكثير مما يجب فعله لتحصين الشباب من التهميش ومن مشتقاته كالتطرف والعنف، بدءا بتربية الأطفال والكف عن التخلي عنهم إلى أنظمة رعاية غير كفأة زمن عمل الأمهات، مرورا بجعل تربية الأطفال في مدارسنا قيمة اجتماعية، وصولا إلى تحقيق نقلة نوعية في الممارسة السياسية تضفي على السياسة حيوية تفتقدها لسنوات عديدة.
ومازال هناك الكثير مما يجب فعله كجزء جوهريّ في عملية الاصلاح السياسي، وفي مقدمتها عملية تحديث التصورات السياسية والخطاب السياسي لضمان الشروط الكفيلة باخراج الحياة السياسية من رتابتها وركودها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى الكثير من الخيال المبدع، لا سيما وان الشباب متأثر أيما تأثر بالتحولات التي يشهدها العالم.
وستظل مسألة تقوية الأحزاب والحياة الحزبية من الأمور العاجلة عبر مقاومة ثقافة الفكر الواحد، وإزالة العراقيل ومواطن الخلل التي لم تعد خافية على كل مراقب وطني نزيه.
* منذر ثابت (الاجتماعي التحرري): لا بدّ من وضع استراتيجية تقطع مع التناولات الجزئية لقضايا وشواغل الشباب
نعتقد ان التفكير في ايجاد صيغة لاتحاد شبابي ديمقراطي يجمع كل الشباب دون نظر إلى خلفياتهم أو مرجعياتهم الفكرية أو السياسية هي الغاية الاستراتيجية التي من المفروض أن نطلبها ونسعى إلى تحقيقها كقوى ديمقراطية تحديثية. وكل تفكير في حماية الشباب من مخاطر التطرف والارهاب يحتاج وضع أسس تصور شمولي يقطع مع التناولات الجزئية التي لا تتخطى مستوى المسكنات المؤقتة. إن تأسيس هذه الاستراتيجية يحتاج في تصورنا الأخذ بعين الاعتبار جملة من العناصر من أهمها أن الشباب يشكل نصف المجتمع التونسي في بنيته الديموغرافية الراهنة (55.6 أقل من 29 سنة وفق احصاءات 2004) كما أن الشريحة الشبابية بمفعول تطور النظم التعليمية مستهلك للفكر والاعلام ومحتاج لهما دون أن ننسى أن التطور الراهن الذي تشهده وسائل الاتصال وتكنولوجيات التواصل تعرضه لكل أنماط التطويع الايديولوجي واشكال الانحراف المسلكي.
بالاضافة إلى أن عجز المنظمات والأحزاب القائمة على استيعاب هواجسه والولوج إلى بنيته النفسية والذهنية المفككة يدفعه إلى القطيعة والهامشية.
كما نود أن نشير إلى أن قضية البطالة تمثل بلا منازع الواجهة الأساسية التي يفترض العمل على كسبها.
إن قضية اخراج الشباب من مطلب الهامشية واللامبالاة تفترض وضع استراتيجية شاملة تستوعب مختلف عناصر الوجود الاجتماعي فثقافيا يمثل نشر الفكر التنويري التحديثي الواسطة الأساسية لتقطع الطريق أمام ايديولوجيات التطرف والقصوية ويحتاج البرنامج التعليمي في مختلف المستويات ايلاء أهمية بالغة للمواد الانسانية.
أما في المستوى الاعلامي والسياسي فإن تجذير الاصلاح وتوسيع دائرة المشاركة يمثل السبيل الأساسي لاعادة الشباب إلى مساحة العمل المدني ومصالحته مع ثقافة المؤسسات.
إن تجديد الخطاب السياسي وارساء دعائم إعلام تعددي مواكب لتطورات العصر بعيدا عن الاشكال النمطية المنغلقة يمثل الوجه الضروري لتشكيل رأي عام معافى من الأحادية والتعصب.
وفي كل الحالات تحتاج هذه الخطة حالة حوار مفتوح ودائم مع الشباب وهو ما يطرح ضرورة تأطيره في إطار ديمقراطي يجمع بين مختلف المستويات التي تستوعب خصوصية الوجود الشبابي نعني تأسيس «اتحاد شباب ديمقراطي» مفتوح لمختلف مكونات المجتمع السياسي الوطني.
* الأزهر الضيفي (عضو اللجنة المركزية للتجمع): لا بدّ من الحرص على تحقيق طموحات الشباب عبر برامج تزيد في فسح المجال للتعبير والمشاركة الايجابية
تعتبر مسألة الشباب من القضايا الأساسية التي تشغل الدولة وهياكلها من ناحية الرعاية والتأطير والتواصل بين الأجيال حيث أفرده رئيس الجمهورية ببند في برنامجه الانتخابي لتونس الغد 2004 2009 ايمانا منه بأن بناء مستقبل تونس لا يتم إلا على أساس هذه الشريحة من المجتمع، لذلك كان دائم الحرص على تحسين أوضاعه وتشريكه في الحياة العامة وفي مختلف المؤسسات الدستورية ونسيج المجتمع المدني باعتباره محورا أساسيا للسياسة التربوية والصحية والتشغيلية والترفيهية.
كما دأب التجمع الدستوري الديمقراطي، انطلاقا من هذا الحرص الرئاسي على تحقيق طموحات الشباب، على استنباط البرامج التي من شأنها أن تزيد في فسح المجال للتعبير والمشاركة الايجابية في المسيرة الوطنية.
وان يرى البعض ان مجهود الدولة في خدمة الشباب يُقاس بمدى احداث مواطن الشغل لحاملي الشهادات العليا، اعتقد أن تونس لا تنفرد باشكالية هذه الشريحة الشبابية بل هي ظاهرة عالمية نجدها خاصة في البلدان ذات المؤشرات التصاعدية للنمو التي تفرض نقلة في مسالك التكوين والتربية والتعليم العالي والتي تستوجب فترة زمنية للوقوف على مردود تلك التحولات.
ويدرك عامة الناس في تونس والمهتمين بالشأن التونسي في الخارج مجهود الدولة التونسية في اعتماد سياسة تشغيلية نشيطة من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من خريجي الجامعات وسيدرك هؤلاء أيضا أننا سنقف على مرحلة ستظهر فيها حاجة السوق التونسية ليد عاملة ذات قدرات معرفية عالية وذات اختصاصات متنوعة. وأعتقد ان تطور مسالك الانتاج وما ينجر عنه من تطوير في مسالك التعليم يفرض بطءا في تحقيق النتائج المرجوة في التشغيل وبالتالي انتهجت الدولة سياسة تأطير للشباب تصاحب الاجراءات التشغيلية الموضوعة على ذمته تعتمد على مزيد الاصغاء إلى مشاغله ومزيد تفعيل الأطر التشاركية المفتوحة إليه من أجل ضمان تحصينه من العديد من الظواهر وأمواج التيه التي ترسلها بعض الأوضاع نتيجة كبت بعض الشعوب التي نتقاسم معها هويتنا العربية الاسلامية والتي نختلف معها تماما في منوالنا السياسي والتنموي وخاصة في مجال الديمقراطية التشاركية والتعددية المسؤولة لذلك، إن شبابنا سليم في أهوائه وفي تفكيره ومتجذّر في هويته التونسية العربية الاسلامية، رافض لكل تطرف وعنف أكدته الدراسات والاستشارات التي أنجزها المرصد الوطني للشباب، يتميز بتفتحه على الآخر وبقدرته على الانصهار في واقعه مهما كانت مشاكله. وانه من الخطأ اعتبار البطالة سببا من أسباب انخراط القلة النادرة للشباب في حلقات تتعارض مع مقومات هويتنا المتسمة بالتسامح والتآزر والاعتدال وان الأصوات التي جدت في نهاية السنة المنصرفة تؤكد ذلك.
ومن هذا المنطلق يحرص سيادة الرئيس زين العابدين على أن يبذل الجميع من أحزاب وهياكل ومنظمات وجمعيات قصارى الجهد لتأمين التكوين والاعلام والرعاية لشبابنا حتى يبقى دائم الادراك بمخاطر الأوهام التي تبثها الوسائل الاعلامية المتطورة والموجهة لخلق الفتن والانقسامات داخل المجتمعات في إطار سياسة تهدف إلى ارساء منظومة ديمقراطية الفوضى وضغط المجموعات وكذلك نظام الطوائف.
فبقدر ما يتحمل التجمع الدستوري الديمقراطي المؤتمن على الحكم والمنتشر في كافة أنحاء البلاد الدور الرئيسي في رعاية الشباب والذي حقق انجازات ومبادرات رائعة في إطار هياكله والمنظمات الملتحمة به والفضاءات الذي ينشطها والتي يشعّ عليها، تبقى المسؤولية جماعية تخصّ كل الأحزاب والهياكل التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بشبابنا المعتز بوطنه والغيور على استقلاله وعلى مناعة بلاده والمؤمن بمستقبله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.