عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    شبهة فساد بال'ستاغ': الاحتفاظ بمعتمد واطار بنكي بهذه الولاية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    الدورة 6 لمهرجان «تريتونيس» بدقاش ..خيمة للإبداع وورشات ومعارض وندوة علمية وكرنفال    «أيام نور الدين شوشان للفنون المسرحية» دورة فنية وأدبية بإمكانيات فردية    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    الليلة الترجي الأهلي في رادس...الانتصار أو الانتصار    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت .. إجراءات لمزيد تعزيز الحركة التجارية للميناء    قانون الفنان والمهن الفنية ...مشروع على ورق... هل يغيّر وضعية الفنان؟    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    صفاقس: المناظرة التجريبية لفائدة تلاميذ السنوات السادسة    بنزرت .. مع اقتراب موسم الحصاد ...الفلاّحون يطالبون بفك عزلة المسالك الفلاحية!    سليانة .. انطلاق موسم جني حب الملوك    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    ''غرفة المخابز: '' المخابز مهددة بالإفلاس و صارت عاجزة عن الإيفاء بإلتزاماتها    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع المغاربي فشل لأنه كان نخبويا

يتفق جميع الخبراء على أن تأخير بناء التكامل الاقتصادي بين بلدان اتحاد المغرب العربي، يُكلِّف كل بلد من بلدانه خًسارة تُعادل 2% من النمو السنوي.
وفي ظل تفاقم ظاهرة البطالة، التي تُؤرق هذه البلدان وتُسبب لها احتقانات وتوترات اجتماعية مختلفة، تلتقي البدائل المطروحة لحل هذا المشكل عند ضرورة زيادة نسبة النمو بنقطتين، لاستيعاب العمالة الإضافية.
بهذا المعنى غدت الوحدة المغاربية اليوم خشبة الخلاص لتلك البلدان، التي تتزايد أمامها التحديات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الاستعداد لإقامة مِنطقة تبادل حُرّ مع الإتحاد الأوروبي والمُقررة للعام المقبل، بناءً على اتفاقيات الشراكة التي وقّعت عليها مع الإتحاد اعتبارا من سنة 1998.
ففي هذه المنطقة النامية، التي تحتاج إلى جميع سواعِد أبنائها، هاجر خمسة ملايين من السكان الذين هم في سِن العمل إلى أوروبا بحثا عن الشغل، ومن هذه المفارقة، انطلق الأمين العام الأسبق لاتحاد المغرب العربي الأستاذ مصطفى الفيلالي في تقديره للتكلفة التنموية والاقتصادية لتأخير بناء المغرب العربي أو ما بات يُعرف ب "كلفة اللامغرب".
واستدل الفيلالي، الذي كان وزيرا في أول حكومة قادها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بعد استقلال تونس سنة 1956، بإحصاءات أوردها في كِتابه الضخم "قضية العمل"، الصادر مؤخرا عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ومفادها أن مِن بين عشرة آلاف طبيب أجنبي في العاصمة الفرنسية باريس، هناك أكثر من 7000 طبيب جزائري.
وبلغة هادئة بعيدة عن الحماسة العاطفية، شرح الفيلالي لسويس انفو "خطورة النزيف الذي تتعرّض له البلدان المغاربية. فهو لا يقتصر على العمالة الماهرة، وإنما يشمل أيضا العقول والكفاءات العلمية. وفي ظل الهجرة الكثيفة للأدمغة، تساءل الفيلالي عمّن "سيصنع مستقبل هذه الأوطان بعد هجرة جُند التغيير إلى الغرب"؟
وعزا أسباب الظاهرة إلى غياب ظروف العمل العادية في البلدان المغاربية، مشيرا إلى أن تكوين طبيب واحد في المغرب العربي، يكلِّف المجموعة الوطنية 155 ألف دولار، "فعندما ندفع هؤلاء إلى الهجرة إلى الخارج، نظرا لانعدام ظروف العمل في الداخل، لا بل انعدام فُرص العمل أصلا في الفترة الأخيرة، فمعنى ذلك أننا نحن الذين نساعد فرنسا (وبلدانا مصنّعة أخرى)، وليست هي التي تساعدنا".
وأضاف الفيلالي، الذي شغل سابقا منصب مدير مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية (CERES)، التابع للجامعة التونسية، مُتحدثا عن أوروبا، إننا "نساعدها بتقديم خيرة أبنائنا ليُساهموا في بناء تقدّمها، فيما نغرق نحن في تبِعات التخلف".
"أي تنمية نختار"؟
من هنا، انتقل إلى وضع علامة استفهام كبيرة عنوانها "أي تنمية نختار؟ أهي اقتصاد السوق أم أنموذج العولمة البديلة الذي طالب به المتجمعون في القمة المضادة للعولمة في مدينة بورتو أليغري البرازيلية"؟ ولعل هذا الهاجس هو الذي حمله على اختيار "بناء المغرب العربي، مسؤولية من"؟ عنوانا للورقة المُهمة التي شارك بها مؤخرا في الندوة التي أقامتها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات على مدى ثلاثة أيام في العاصمة التونسية، حول محور "كلفة تأخير بناء المغرب العربي".
وعاد الفيلالي ليُعدَد لسويس أنفو الفُرص المهدُورة في طريق تحقيق الوِحدة المغاربية منذ مؤتمر طنجة سنة 1958، وصولا إلى إنشاء اتحاد المغرب العربي الذي نشارف اليوم على الذكرى 18 لميلاده في مراكش في شهر فبراير سنة 1989.
واستخلص من هذا المسار المتعثِّر أن المشروع فشل، لأنه كان نخبويا وغير صادر عن أصحاب القرار، مُركِّزا على إغفال موقع الشباب والإنسان عموما، مِما جعل "المُعوِّقات الباطنية (الذاتية) وذهنية الاستيلاء، أكثر تأثيرا من المُعوِّقات المُعلنة، وخاصة الخلافات على الحدود.
وتتمثل إحدى المفارقات اللافتة للانتباه التي أفرزها تأخير الوحدة المغاربية في تعميق الهوة التنموية بشكل مطّرد بين الإتحاد الأوروبي والمغرب العربي، إذ أن الفارق بين المجموعتين بات يعادل 1 إلى 27 في الميزان الاقتصادي العام، مع أن المغاربيين يملِكون عناصر قوة غير متوافرة لدى الأوروبيين، وفي مقدِّمتها الوحدة اللغوية والثقافية.
كلفة اللا مغرب
ومعلوم أن الإتحاد الأوروبي يحتاج إلى جيش مؤلّف من ثلاثة آلاف مترجم، وهو يخصص 1.1 مليار يورو سنويا لأعمال الترجمة، أي 1% من موازنته، فيما يدفع كل مواطن أوروبي 2.28 يورو سنويا، مقابل أجور المُترجمين. كيف تقدّموا إذن، رغم تناقضاتهم، وعجَز المغاربيون، رغم تجانُسهم الحضاري واللغوي؟
يكمُن بيت القصيد في رأي الفيلالي في غياب الإرادة اللاّزمة والكافية لدى القيادات السياسية لبناء وِحدة المغرب العربي، وتأسيسا على تلك الخُلاصة، اعتبر أن المسؤولية مُلقاة اليوم على عاتق المثقفين، مؤكِّدا أن الدور الأساسي في ذلك البناء ينبغي أن يكون مَوكُولا لهم، قبل المؤسسات السياسية والاقتصادية، بل وقبل صُنَاع القرار السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.