على رغم أن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي غادر داكار مع حاشيته الضخمة بعد حضوره احتفالات تنصيب الرئيس السنغالي عبدالله واد، فإن «أخطاء بروتوكولية» ارتُكبت خلال الزيارة لا تزال موضوعاً بارزاً في وسائل الإعلام السنغالية. وأثار القذافي موجة من الانتقادات اللاذعة في الصحف والتلفزيونات والإذاعات السنغالية التي وصف بعضها تصرفاته بأنها «خرقاء»، خصوصاً بعدما حاول - على ما وصفت وسائل الإعلام المحلية - «سرقة الصورة» من الرئيس واد خلال وضع حجر الأساس لمشروع مطار «جاس» الدولي في داكار. واستنكرت الصحف مظاهر «الأبهة المفرطة» التي أُحيط بها القذافي، وتوسطه الرؤساء الذين حضروا وضع حجر الأساس للمطار، محتلاً موقع الرئيس السنغالي. وتقضي القواعد البروتوكولية بأن يكون رئيس الدولة المضيفة في «قلب الصورة»، على أن يحيط به رؤساء الدول الأخرى من ضيوف الشرف. لكن الزعيم الليبي تصدر المشهد، فبدا وكأنه المعني الأول بمشروع المطار السنغالي الجديد، فيما «انحشر» واد في الزاوية اليمنى للصورة، وبالكاد ظهر الوزير المسؤول شارحاً لرئيسه ما يراه على طاولة تبرز مجسماً للمشروع. واضطرت وسائل الإعلام المحلية إلى تجاهل اللقطات التي يتوسطها القذافي، ونشرت بدلاً منها تصوراً تقريبياً لشكل المطار بعد الانتهاء منه خلال 20 شهراً. غير أن القذافي لم يكتف بهذه «الخطأ البروتوكولي»، على ما يبدو، إذ غادر موقع الاحتفال من دون أن يودع الرئيس السنغالي، وسط حيرة بعض الحضور ودهشته. وعاد القذافي بعد نحو نصف ساعة، وكانت وقائع الحفلة ما زالت مستمرة، قائلاً إنه «نسي» توديع واد. وكانت هذه الواقعة سبباً في موجة انتقادات أكثر حدة للزعيم الليبي، فراحت إذاعات خاصة تعرض تصرفات مماثلة له في دول أخرى، كما كالت له التهم وذكّرت الجمهور بأنه أعطى وعوداً في السابق بتقديم دعم مالي وأعلن في وسائل الإعلام عن مشاريع تنموية كبرى لكن لم يُنفّذ منها سوى الجزء اليسير. واستنكر بعض وسائل الإعلام «صبر» زعماء أفريقيا على قرارات ليبية تسمح لأبناء بعض دول القارة بدخول الجماهيرية للعمل فيها، «ثم يصدر قرارُ بطردهم إلى العراء». وصبت إذاعة «سيود أف أم» جام غضبها على الزعيم الليبي منتقدة «ظهوره بمظهر الزعيم الأوحد». وركزت وسائل إعلام سنغالية على طلب القذافي إمامة صلاة الجمعة في مدينة توبة (طوبى) شبه المقدسة لدى الطائفة التيجانية، مشيدة بموقف نجل إمام المدينة وشيخها حين رفض أن يؤم الزعيم الليبي الصلاة، أو أن يتحدث إلى المصلين، مرحباً به فقط مشاركاً في الصلاة «من دون أي مظاهر جلبة». على أن هذه «الأخطاء» في التصرفات لم تكن وحدها وقود حملات النقد في الإعلام السنغالي، إذ ابتعدت صحيفة «والف غران بلاس» عن تصرفات الزعيم الليبي وركّزت على تصريحاته خلال الزيارة. وفي زاويتها الشهيرة «هذا لا يجوز»، كتبت الصحيفة منتقدة حديث القذافي إلى واد عن الهجرة غير المشروعة. وقالت إن «القذافي استغل صفته ضيف شرف في يوم السنغاليين الكبير - يوم الاستقلال - وتناول في كلمته التي أصر على إلقائها من دون وجه حق بروتوكولي شؤوناً تزعج الرئيس واد تجاه الهجرة، وليته حدثنا هذه المرة عن التعصب العرقي في دارفور الذي ذهب ضحيته خمسة من الجنود السنغاليين قبل أيام».