تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لخطاب الرئيس بن علي بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية

ألقى الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة إشرافه يوم الأربعاء على موكب الاحتفال بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية خطابا في ما يلي نصه:
"بسم الله الرحمان الرحيم
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
يحتفل شعبنا اليوم بذكرى تاريخية مجيدة إنها الذكرى الخمسون لإعلان الجمهورية وهي مناسبة لاستحضار كفاح شعبنا وتضحيات أجياله المتعاقبة من اجل العزة والكرامة.
فقد كان إعلان الجمهورية يوم 25 جويلية 1957 تحريرا لإرادة الشعب واستكمالا لمقومات سيادته وحريته التي جاء بها الاستقلال يوم 20 مارس 1956 وإذ أهنيء بهذه المناسبة جميع من سينالهم بعد حين شرف التكريم بوسام الجمهورية فاني أكبر كل الجهود المساهمة في تثبيت اركان النظام الجمهوري ونشر قيمه ودعم انجازاته وإثراء مكاسبه.
إن إرساء النظام الجمهوري ببلادنا جسم معاني المواطنة بالنسبة إلى كل تونسي وتونسية وجعل من الشعب المرجع والفيصل في تصريف شؤون الوطن وفي مقدمتها الانتخاب الحر المباشر لمن يتولي شؤونه ولمن يمثلونه في السلطة التشريعية والمجالس البلدية.
وانه لمن حسن الصدف أن نحتفل هذه السنة بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية وبالذكرى العشرين للتحول ففي ذلك من الرموز والمعاني السامية ما يربط الصلة بين أمجاد ماضينا ومكاسب حاضرنا وآفاق مستقبلنا.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إننا نعتز بان تونس كانت من أوائل دول العالم التي عرفت منذ القدم أشكالا راقية للحكم القائم على المشاركة والمؤسسات.
فقد نوه أرسطو في كتابه"السياسة" بدستور قرطاج وبدواليب دولتها ونظمها وطرق تكوينها ولا بد من التذكير أيضا بان الإعجاب بالنظام الجمهوري كان حاضرا في وجدان رواد حركة الإصلاح التونسية وأدبياتهم منذ القرن التاسع عشر فقد تحدث أحمد ابن أبي الضياف في كتابه "الإتحاف" عن النظام الجمهوري ووصفه وصفا دقيقا وبين مزاياه.
وكان الفكر الإصلاحي احد منطلقات إعداد بلادنا للتوجه نحو اختيار النظام الجمهوري إضافة إلى ما ميز فترة النضال التحريري من أساليب المقاومة وحسن التنظيم وما أنجبه شعبنا من قيادات أيقظت نخوته ووحدت صفوفه ودربته على العمل الجماعي وعلى ترتيب حياته الوطنية بما يتناسب مع إمكانياته واختياراته وهو ما فسح المجال لإعلان الجمهورية بأسلوب سلمي حضاري ودستوري استجاب لمشيئة الشعب في ظل دولة الاستقلال الفتية.
وظلت أركان الجمهورية تتعزز في مختلف مناحي حياة الدولة الوطنية الحديثة في إطار قيم مرجعية وفقت بين مقتضيات التطوير والتحديث وثوابت الهوية الوطنية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إنها مناسبة نعرب فيها عن وفائنا لأرواح الشهداء وتقديرنا لأولئك الرواد الوطنيين الذين زرعوا في شعبنا بذور الوعي الوطني ونظموا صفوفه ليخوض معارك التحرير والتحرر ونتوجه بمشاعر الإكبار إلي جيل البناة الذي ركز أسس الجمهورية وقام بناءها وفي مقدمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية.
وقد جعل دستور بلادنا من الجمهورية قاعدة ثابتة لنظام الحكم لا يمكن المساس بها أو التراجع فيها ومكسبا ثمينا تقع مسؤولية الحفاظ عليه على جيل الرواد وعلي سائر الأجيال المتعاقبة ببلادنا باعتباره رمزا لسيادة الشعب ولقيم الحرية والمساواة والعدالة في ظله حكم شعبنا نفسه بنفسه لأول مرة منذ عهود طويلة ونجح في إرساء مقومات الحداثة بأبعادها المتكاملة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن إرساء النظام الجمهوري وانجاز المشروع الثقافي التحديثي جعلا من تونس بلدا عصريا حريا بان يواصل مساره بثبات علي درب التقدم والبناء إلا انه تم الزيغ بالنظام الجمهوري بإعلان الرئاسة مدى الحياة وإقرار الخلافة الآلية التي لا دخل للشعب فيها وبذلك مرت البلاد بمرحلة من عدم الاستقرار هددت مكاسب الجمهورية ومنجزاتها بالتراجع والتلاشي.
وكانت الأوضاع المتردية قبل التحول سنة 1987 تتطلب حسما سريعا فاخترنا من منطلق الوعي بالواجب الوطني المقدس واعتمادا على مقتضيات الدستور تحمل المسؤولية التاريخية كاملة لإنقاذ الدولة من الوهن الذي أصابها قبل فوات الأوان ورد الاعتبار إلي الجمهورية وإحياء قيمها.
وأعلنا منذ فجر التغيير أن شعبنا بلغ من الوعي والنضج ما يسمح لكل أبنائه وبناته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه في ظل نظام جمهوري يولي المؤسسات مكانتها ويوفر أسباب الديمقراطية المسؤولة وعلى أساس سيادة الشعب.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن تحول السابع من نوفمبر كان مشروعا حضاريا استلهمنا جذوره ومبادئه من حركة الإصلاح ومن مسيرة الحركة الوطنية ومن طموحات شباب تونس وسائر قوى شعبنا الحية.
وأردناه تواصلا وتطويرا وتحديثا وازدهارا ورفضنا فكرة إرساء الجمهورية الثانية لمجرد تقليد الغير.
وقد أوفينا بما تعهدنا به من إصلاحات في بيان السابع من نوفمبر 1987 وكان في طليعتها إعادة الاعتبار إلي النظام الجمهوري وقيمه بوضع حد للرئاسة مدى الحياة والخلافة الآلية لرئيس الجمهورية.
وتتالت الإصلاحات الدستورية لدعم النظام الجمهوري وترسيخ سيادة الشعب وتعددت المبادرات في هذا السياق وتضمنت بالخصوص توسيع مجال الاستفتاء التشريعي وإقرار الاستفتاء الدستوري لأول مرة في التعديل الذي ادخل على الدستور سنة 1997 حيث أصبح الشعب هو المرجع في كل ما يتعلق بالقضايا الوطنية وفي المسائل الهامة التي تتصل بمصلحة البلاد العليا.
وترسيخا لسيادة الشعب وضمانا لتمثيل أوسع للجهات ولمختلف مكونات المجتمع بادرنا سنة 2002 بإحداث مجلس للمستشارين حرصا علي تمثيل المنظمات المهنية والجهات والشخصيات والكفاءات الوطنية.
وقد مكن إحداث هذا المجلس من تعزيز الوظيفة التشريعية وتطويرها وهو ما ادخل حركية جديدة على الحياة السياسية.
ولما كان تكريس علوية الدستور مقوما أساسيا من مقومات النظام الجمهوري فقد بادرنا منذ الأسابيع الأولي للتحول بإحداث المجلس الدستوري وعملنا علي تطويره وعززنا مكانته بإدراجه في نص الدستور وإضفاء الصبغة الإلزامية علي أرائه بالنسبة إلي جميع السلطات العمومية فأصبحت من صلاحياته رقابة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعملية الاستفتاء.
وهو اليوم دعامة أساسية من دعائم دولة القانون وضمان لسلامة دستورية القوانين وشفافية الانتخابات وعمليات الاستفتاء.
وإيمانا منا بان الدساتير توضع للحاضر والمستقبل بادرنا بالتعديل الجوهري للدستور سنة 2002 ليتضمن المبادئ التي جاء بها المشروع المجتمعي للتحول والتي تشكل أبرز خياراتنا السياسية ومصدر الإصلاحات والتشريعات التي وقع إعدادها منذ التغيير بهدف تامين حقوق الإنسان وكرامة الفرد و دولة القانون والتعددية والتضامن والتآزر والتسامح بين الأفراد والفئات والأجيال.
ومن أهم الإضافات التي جاء بها الدستور الجديد الإعلان عن ضمان الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها.
فالحقوق المدنية والسياسية لا تكتمل إذا لم تقترن بتامين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق الأخرى من الأجيال اللاحقة.
ورسخنا في الواقع دولة القانون الذي لا يعلو عليه احد مهما كانت مكانته و ذلك هو المغزى العميق لدولة القانون التي يقوم عليها نظامنا الجمهوري.
واعتبارا لأهمية هذا الإصلاح الذي ارسي دعائم جمهورية الغد بادرنا بعرضه على استفتاء الشعب بعد موافقة مجلس النواب عليه حتى يكون تكريسا لخيار شعبنا وطموحاته.
وحرصا منا علي مزيد حماية حقوق الأفراد وتأكيد حق الملكية الذي يضمنه الدستور نأذن اليوم بإعداد مشروع قانون لتطوير أساليب الطعن في أحكام المحكمة العقارية وذلك بإقرار الاستئناف أو التعقيب حسب الحالة مما يمكن المتقاضين من عرض نزاعاتهم العقارية أمام جهة قضائية أخرى دون المساس بنسق تصفية الأوضاع العقارية وتطهيرها.
إن إقامة الجمهورية علي مبدأ التعددية خيار جوهري من خيارات التغيير. ويعني ذلك تعدد الأحزاب والتنظيمات الشعبية والجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني.
كما يعني التعددية الفكرية والاختلاف في الرأي والاجتهاد. وان إدراج مبدأ التعددية في الدستور من شروط ترسيخ الديمقراطية فلا مجال للحزب الواحد أو للرأي الواحد.
إن النظام الجمهوري يقترن بانتخاب رئيس الجمهورية. والانتخاب يعني حق الاختيار ولا يكتسب الاختيار معناه الحقيقي إلا في ظل تعدد الترشحات لرئاسة الجمهورية.
وإذا كان الانتخاب قد اتخذ في السنوات الأولى للجمهورية منحي مبايعة المرشح الواحد فإننا عملنا على تجسيم حق الشعب في اختيار رئيس الجمهورية في إطار التعددية من منطلق إيماننا العميق بنضج شعبنا وبحقه في اختيار المرشح الأجدر لتسيير شؤون البلاد.
لذلك سعينا إلى تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وهو ما سمح لأول مرة في تاريخ البلاد بتنظيم انتخابات رئاسية تعددية سنتي 1999 و2004 .
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن ما تحقق من مكاسب وانجازات على امتداد خمسين سنة من قيام النظام الجمهوري قد غير وجه الحياة بصفة جذرية في كامل أنحاء البلاد بمدنها وقراها وأريافها على حد سواء.
فقد ارتفع متوسط الدخل الفردي إلى أربعة آلاف دينار وانخفضت نسبة الفقر إلى 8ر3 بالمائة مما أسهم في توسيع الطبقة الوسطى في المجتمع التونسي لتصل إلى حدود 80 بالمائة وارتفع أمل الحياة عند الولادة إلى 74 سنة.
ولما كانت بلادنا اليوم من أوائل الدول في العالم من حيث مؤشر نسبة امتلاك العائلات لمساكنها وباعتبار ما للسكن من أهمية في تعزيز مقومات العيش الكريم والرفاه العائلي فإننا نأذن بإضفاء مزيد المرونة على قروض السكن وتخفيف الضغط على دخل الأسرة وذلك بالتمديد في مدة استخلاص القروض المسندة إلى خمس وعشرين سنة حسب قدرة البنوك المقرضة على تعبئة موارد طويلة الأجل.
كما نأذن أيضا بالترفيع في مدة القروض المسندة في إطار نظام الادخار السكني إلى خمس وعشرين سنة بما يسهم من جهة أخرى في مزيد تنشيط هذا الصنف من الادخار.
لقد كسبت بلادنا رهان تعميم التعليم وارتفع عدد الطلبة اليوم إلى حوالي 360 ألف طالب وانتشرت الأقطاب الجامعية في مختلف جهات الجمهورية وتقلصت نسبة الأمية من 85 بالمائة في بداية الاستقلال إلى ما دون 20 بالمائة اليوم وتوسعت التغطية الاجتماعية لتشمل كل الفئات.
كما تحسن مستوى عيش السكان بتطوير الخدمات الأساسية كالتنوير الكهربائي والماء الصالح للشراب.
وتعززت مقومات مجتمع المعرفة بدعم البنية الأساسية الاتصالية والثقافة الرقمية وتكثيف الارتباط بشبكة الانترنات والنفاذ إلى التكنولوجيات الحديثة للاتصال.
وشهدت جميع مؤشرات جودة الحياة نقلة نوعية كبرى بوأت بلادنا مكانة متميزة في سائر تقويمات المنظمات والهيئات الدولية من حيث التنمية البشرية والرعاية الصحية والاجتماعية.
وإنها مكاسب وانجازات ستتعزز خلال تنفيذ المخطط الحادي عشر للتنمية الذي وقعنا على وثيقته منذ أيام قليلة وذلك في مجالات تحديث البنية الأساسية بالشروع في انجاز الطريق السيارة تونس/رأس الجدير على أقساط والجزء الرابط بين وادي الزرقاء وبوسالم وإقامة الوصلات لربط مدن باجة وجندوبة والكاف وبوعرادة والفحص والقيروان بالطريق السيارة وانجاز المطار الجديد بالوسط الشرقي والشروع في إحداث ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية المرتبطة به علاوة علي تركيز شبكة عصرية للنقل الحديدي الحضري بتونس العاصمة وبناء احد عشر منعرجا حول المدن وسبعة وعشرين جسرا وتأهيل شبكة الطرقات المرقمة علي طول 724 2 كيلومترا ومد شبكة المسالك الريفية علي طول 900 4 كيلومتر.
إن المجهود الذي سيتم بذله في مجال البنية الأساسية سيشمل جل القطاعات والجهات بما يخدم أولوياتنا الوطنية وفي مقدمتها الرفع من فرص التشغيل ودفع الاستثمار وإحداث المؤسسات وتنشيط التصدير.
لذلك سيتم توسيع شبكة المراكز الجهوية للعمل عن بعد لتشمل تدريجيا كل الولايات وتعميم مراكز الأعمال عليها قبل موفي سنة 2009 مع مواصلة برنامج إحداث الأقطاب التكنولوجية ومحاضن المؤسسات إضافة إلى تهيئة ستة مائة هكتار من المناطق الصناعية وانجاز ثلاث عشرة منطقة سياحية بطاقة إيواء تقدر ب81 ألف سرير.
وستتدعم هذه المشاريع بمواصلة تنفيذ خطة تعبئة الموارد المائية بانجاز احد عشر سدا وحفر ما يزيد على مائتي بئر استكشافية وتهيئة عشرين ألف هكتار من المناطق السقوية الجديدة.
ولكي نحقق ارفع المستويات لمقومات التنمية البشرية بما يستجيب لطموحاتنا ويكرس أهدافنا وأولوياتنا الوطنية سيتم خلال فترة المخطط الحادي عشر توسيع وتجديد طاقة التكوين المهني والتدريب بكل الولايات وتعزيز البنية الأساسية للصحة وشبكة دور الشباب والثقافة إضافة إلى إحداث سبع عشرة مؤسسة جامعية جديدة قادرة على استيعاب مائة وخمسين الف طالب قبل سنة 2009 .
وسعيا إلى النهوض بالاستثمار الخاص في مناطق التنمية الجهوية واستحثاث نسق إحداث المؤسسات بها نأذن بإعادة تصنيف مناطق التنمية الجهوية ومراجعة سلم الحوافز والتشجيعات بعنوان التنمية الجهوية وقائمة الأنشطة المنتفعة بها وذلك في اتجاه دعم الحوافز والتشجيعات في الجهات الداخلية.
كما نأذن بوضع برنامج إضافي للمخطط الحادي عشر لتهيئة مناطق صناعية علي مساحة خمسين هكتارا في الجهات الداخلية والانطلاق في انجاز دفعة أولى من مشاريع الجيل الجديد من برنامج التنمية المندمجة تخص عشرين معتمدية ذات أولوية بكلفة مائة مليون دينار.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن من مفاخر نظامنا الجمهوري ما بلغته المرأة التونسية من مكانة رفيعة في الأسرة والمجتمع ارتقت بها من مرتبة المساواة إلى مرتبة الشراكة التامة.
وقد نزلنا المبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية منزلة دستورية وأصبح الدستور بمقتضى ذلك يلزم الأحزاب السياسية باحترامها.
ويصادف احتفالنا هذا العام بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية مرور خمس عشرة سنة على مبادرتنا بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية وإحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق وما تلاهما من مبادرات رسخت بصورة فعلية مساواة المرأة بالرجل وشراكتها معه.
كما رفعت هذه المبادرات مكانة المرأة في الحياة العامة وفي المؤسسات وجعلت من حقوقها واقعا اجتماعيا وتاريخيا وحضاريا ملموسا لا يمكن أن يقدح فيه احد مما بوأ بلادنا في هذا المجال مرتبة متميزة في منطقتنا ومحيطنا الحضاري.
إن المرأة التونسية اليوم عنوان حداثة وضمان أصالة لشعبنا وركن من أركان الجمهورية حيث لا يكتمل مفهوم المواطنة دون مواطنة المرأة.
كما أننا نخص الشباب بكل عناية ورعاية لينشا على حب الوطن والغيرة عليه والولاء له دون سواه.
وان للأحزاب السياسية ومختلف مكونات المجتمع المدني دورا أساسيا في تنمية الحس المدني لدى الشباب وترسيخ قيم الجمهورية لديه.
كما أن تربية الناشئة على قيم الجمهورية ومبادئها مسؤولية مشتركة بين مؤسسات التربية والتعليم والتكوين والتنظيمات السياسية والاجتماعية ومختلف فضاءات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي من دورها جميعا ترسيخ مبادئ الجمهورية وقيمها وتجذير ثقافة المساواة والعدالة والتضامن والتسامح.
كما أن من صميم دورها تربية الأجيال على ممارسة حقوقها والاضطلاع بواجباتها ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح ونبذ كل أشكال التطرف والتعصب.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إننا حرصنا دائما وما نزال على دعم الأحزاب ومساعدتها علي القيام بدورها في تأطير المواطنين لتنظيم مشاركتهم في الحياة السياسية.
واتخذنا عديد المبادرات لتعزيز النسيج الجمعياتي وتوسيع إشعاعه والنهوض بدوره في تنمية روح المواطنة والتطوع لخدمة الصالح العام.
وقد عملنا على النهوض بالإعلام الوطني فطورنا التشريعات ودعمنا صحافة الأحزاب وفتحنا القطاع السمعي البصري أمام الخواص بما أثرى المشهد الإعلامي والاتصالي وفسح المجال للرأي وللرأي الآخر.
ونجدد بهذه المناسبة دعوتنا إلى مزيد العمل على تطوير قطاع الإعلام حتى يكون أكثر جرأة في التطرق إلى مختلف المواضيع واشد التصاقا بمشاغل المواطنين وتطلعاتهم ويسهم في التبصير بالرهانات والتحديات.
ومواكبة لتطور المشهد الاتصالي العالمي والتوجه إلى اعتماد التقنية الرقمية كتكنولوجيا بديلة عن النظام التناظري نأذن بتوسيع التجربة النموذجية للتلفزة الرقمية بما يضمن نسبة تغطية رقمية للبلاد في حدود 90 بالمائة قبل موفي سنة 2009.
واعتبارا للتطور الحاصل في شبكات الإعلام التلفزي وطنيا ودوليا وشدة المنافسة القائمة على مختلف المستويات فإننا نحتاج إلى دعم قطاع الإعلام العمومي ببلادنا وذلك بإعطاء دور جديد للقناة الثانية (قناة 21) التي نأذن بتحويلها إلى قناة فضائية في صيغة جديدة وببرمجة حديثة انطلاقا من شهر نوفمبر القادم.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن رؤيتنا للتغيير رؤية متجددة تنبع من إدراكنا العميق لأهمية الحفاظ على مكاسب الجمهورية وما يتطلب منا جميعا من تميز في العمل والانجاز واستباق للأحداث ومتابعة مستمرة لتنفيذ القرارات حتى تقترن الأقوال بالأفعال في كل برامجنا ومشاريعنا.
لقد أصبح الامتياز شرطا ضروريا لكل شعب يريد أن يكون له موقع في هذا العالم المتغير الذي اكتسحته العولمة وجعلت منه قرية كونية لا تكون الغلبة فيها إلا للأجدر.لذلك يتعين استغلال ما تتيحه العولمة من فرص واحتواء انعكاساتها السلبية.
إن قناعتنا راسخة بان تونس قادرة علي رفع التحديات واللحاق بمصاف الدول المتقدمة لاسيما وان تقدم البلدان لا يقاس اليوم بعدد سكانها ولا بوفرة مواردها الطبيعية ولا بامتداد مساحاتها بل بذكاء شعوبها وتحكمها في ناصية المعارف الحديثة وانقطاعها إلى العمل والكد وتوقها الدائم إلى الأفضل والأرقى.لذلك راهنا منذ التغيير على الاستثمار في الذكاء.
ولم تتوان المجموعة الوطنية عن تقديم التضحيات من اجل فتح آفاق المعرفة رحبة أمام جميع أبنائها وبناتها.
ولقد سبق أن رفضنا الدخول إلي الجامعة بالمناظرة وأكدنا أن من حق كل متحصل على شهادة الباكالوريا مواصلة تعليمه العالي فالتعليم في ظل الجمهورية كان وسيبقى مجال الرقي الاجتماعي المفتوح أمام سائر التونسيين والتونسيات من كل الأعمار والفئات والجهات.
ونزلنا البحث العلمي والتجديد التكنولوجي منزلة الأولوية في برامجنا لأنهما دعامة أساسية للرقي والمناعة وندعو اليوم إلى مزيد العناية بالبحث والتجديد في كل القطاعات وتكثيف الإحاطة بالمبدعين وأصحاب الأفكار والمشاريع المجددة.
إن اكتساب العلوم والمعارف والإبداع في شتى الآداب والفنون والثقافة لا يمكن أن يتحققا إلا في ظل مناخ من الحرية والديمقراطية والتعددية تصان فيه حقوق الإنسان وتسوده علاقات قائمة على التفاهم والتسامح والوفاق والاحترام المتبادل.
وما الاحتفال بالذكرى الخمسين لعيد الجمهورية إلا محطة بارزة في اتجاه تعميق منظومة الإصلاح والتطوير والتحديث التي أسسنا عليها مشروعنا الحضاري.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن الجمهورية بقيمها وقوانينها هي الضامن للاستقرار ولكرامة المواطن ومناعة الوطن. وإننا على العهد لصيانة الجمهورية وتعزيز أركانها واثقين بان الشعب الذي اختار لنفسه النظام الجمهوري سيظل ساهرا على حمايته والتمسك به.
ونحن حريصون على تكريس سيادة شعبنا والمحافظة على استقلال بلادنا والدفاع عن حرية قرارها.
وهو ما يستدعي من الجميع الالتزام بهذه القيم النبيلة حتى تظل حية متوهجة في النفوس والعقول تترسخ مضامينها على الدوام جيلا بعد جيل.
عاشت تونس حرة منيعة ابد الدهر.
عاشت الجمهورية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.