توقفت بنا سيارة التاكسي واعلن سائقها ان المرور عبر شارع محمد علي الحامي الذي يتوسط مدينة قابس اليوم مستحيل.. لقد كانت الحشود تتدفق عبر الشارع الطويل ثم تتجمع بميدانه الرحب فلا يكاد يستوعبها.. نزلت من التاكسي صحبة ابنتي أحلام نبحث عن مسلك يقودنا الي المكتبة التي ستقتني منها ابنتي الالوان المائية قبل ان نلتحق بمقر الاتحاد الجهوي للشغالين، حيث سيلقي السيد عبد الباري عطوان مداخلته التي هبت كل المدينة لحضورها. سألتني أحلام عن سبب هذا الاحتشاد غير المسبوق في تاريخ مدينة قابس. فقلت: لقد قدم الجميع لاستقبال السيد عبد الباري عطوان يا ابنتي. ومن هو عبد الباري عطوان يا أبي؟ هل هو رئيس؟ هو رئيس تحرير يا ابنتي؟ واين يوجد هذا التحرير يا أبي؟ وهل هو بعيد عن بلدنا؟ حيرني السؤال، تلعثمت قليلا ثم قلت: لست ادري يا أحلام. يجب ان نسأل السيد عبد الباري عطوان عن ذلك. هل هذا التحرير بلد كبير مثل امريكا يا أبي؟ هو ليس بلدا يا أحلام. يعني ان عبد الباري عطوان ليس رئيس دولة يا أبي. قلت: لا يا أحلام، هو رئيس تحرير جريدة القدس . القدس ! يعني عاصمة فلسطين يا أبي؟ سنسأل السيد عبد الباري عن ذلك يا ابنتي. ولماذا اذاً تأتيه كل هذه الجموع اذا لم يكن رئيسا؟ هم ربما يحبونه او... عموما سنسأله. لماذا هم يحبونه؟ ماذا يعطيهم هذا الرجل حتي يحبونه بهذه الطريقة يا أبي؟ سنسأله.. سنسأله. ونحن لماذا نذهب اليه.. هل نحن نحبه ايضا؟ من المفروض يا أحلام. هل هو قريبنا يا أبي؟ تقريبا يا ابنتي.. وعموما سنسأله فهو يعرف. استطيع ان اناديه: عم عبد الباري اذاً يا أبي؟! سنسأله يا أحلام. وصلنا الي التجمع وحضرنا مداخلة السيد عبد الباري عطوان الاصلاح والديمقراطية في الوطن العربي ، وكان الجميع يرفعون شعارات موحدة كل مرة يتوقف فيها السيد عبد الباري عن الحديث. وحدها أحلام كانت تصيح بشعار لم يشاركها فيه احد هو عم عبد الباري.. عم عبد الباري . في طريق العودة وبعد وجوم هو ليس من عاداتها التفت الي أحلام فلاحظت في عينيها ما اعتقد انه دمع. وسألتها ما لك يا ابنتي؟ فأجابتني: أنا احب عم عبد الباري يا أبي، فلماذا لم تسأله هل هو قريبنا ام لا؟ فوعدتها ان اوجه اليه رسالة اسأله في الامر. وأكدت لها انه سيجيب عن اسئلتها. وعندما دخلت غرفة أحلام يوم السبت صباحا وجدتها تعلق صورة رجل كانت قد رسمتها البارحة، فأحلام مغرمة بالرسم علي صغرها (8 سنوات) وعندما سألتها: صورة من هذه يا أحلام؟ قالت لي: هي صورة قريبنا عم عبد الباري يا أبي. وها انا في هذه الورقة أفي بالوعد وأنقل الاسئلة الي من يهمه الامر!