أصدرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات مؤخرا، بيانا تحت عنوان "لا لقمع الحريات الفكرية.. نعم لحرية التعبير عن الرأي"، وذلك على خلفية الهجمة الإعلامية الشرسة التي تعرضت إليها الباحثة الجامعية التونسية سلوى الشرفي. و دانت السيدة خديجة الشريف، رئيسة الجمعية ما سمته "التشكيك و التخوين و التكفير و المس من كرامة صاحبة المقال و حقها في حرية التعبير و التفكير و المعتقد"، معبرة عن "رفضها لكل أشكال العنف و الترهيب المسلط على النساء بهدف كتم أصواتهن و تأبيد وضعهن الدوني في مجتمع أبوي، تمييزي، تسلطي و إقصائي". و كانت الأستاذة الشرفي نشرت في الفترة الأخيرة، عددا من المقالات الفكرية في الكثير من المواقع الالكترونية، تناولت أثناءها عددا من الارهاصات الدينية و التاريخية الشائكة، مستندة على الأسلوب النقدي الحاد، وهو ما أدى إلى ردة فعل عنيفة صدرت عدد من الكتاب الموالين للتيار الإسلامي التونسي. فقد دعا السيد عبد الحميد العداسي إلى تكفير السيدة سلوى الشرفي و قام بتشبيهها بالمفكر سلمان رشدي في أحد نصوصه، وذلك على خلفية كتابتها لمقال بعنوان "خطاب الفتوى على الإنترنت: الذمّي و المرأة في مرآة الاستفتاء و الإفتاء"، بموقع (الأوان) الذي يجمع العقلانيين العرب. قامت خلاله الأستاذة الشرفي بمراجعة عدد من الفتاوى الفقهية الصادرة حديثا حول جملة من الموضوعات الاجتماعية، و تعداد درجة أهمية المضامين التي تشغل بال عموم المسلمين حاليا. و بأسلوب غير لائق، دوّن السيد العداسي: "أنا لا أدري إن كانت هذه الدكتورة من النعاج الجرباء أمْ من الكلاب الحارسة المتربصة بالنعاج، مع أن معرفة ذلك لا تهمني..." مضيفا أن ما كتبته السيدة الشرفي "من الأمور السافلة التي حشت بها مقالها، ما يجعل كل مسلم (مهما قلّ تدينه) يجزم أن هذه المرأة لا تعرف الله و لا تؤمن به، و لو فعلت لخشيته و خافته و وقرته، و لحسبت لكل حرف تكتبه أو تنقله ألف حساب". وهي دعوى ضمنية لإهدار دمها باسم كفرها بالدين الإسلامي! و يدافع عدد من الكتاب التونسيين عن مسار الحوار بين العلمانيين و الإسلاميين بهدف القطع مع العداء التاريخي القائم بينهما. و انخرط الكثير من السياسيين في سلسلة من النقاشات و الحوارات، قصد تنسيب الخلافات الإيديولوجية و الدينية، و البحث المضني عن أرضية مشتركة بينهما بغرض تجاوز تراكمات حالة الصراع القائمة منذ عشرات السنوات. و لكن، ما يصدر عن الأقلام المحسوبة على التيار الإسلامي المتأسس على تصورات الإخوان المصريين، "ممن عرفوا بانتمائهم إلى تيار فكري أصولي و رجعي" على حد تعبير البيان المذكور، من حين لآخر، تضع أكثر من نقطة استفهام حول صدقية طرحهم، و تخليهم على الإرهاب الفكري تجاه المخالفين لهم، و تعيد إلى الأذهان حقيقة المرجعيات التي تقوم عليها تلك الحركات، خصوصا و أن القيادات السياسية الإسلامية ظلت محافظة على الصمت تجاه عمليات تكفير التفكير.