اعادني الحفل الكبير الذي نظمته اسبانيا تخليدا للذكري المئوية السادسة لوفاة المفكر العربي الكبير ابن خلدون، والذي دعي اليه كثير من رؤساء الدول العربية والبحر الابيض المتوسط، (اعادني) الي قمة جامعة الدول العربية ما قبل الاخيرة التي انعقدت بالجزائر. فخلال الجلسة الافتتاحية لهذه القمة، القي رئيس الوزراء الاسباني خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو، الذي كان قد وصل حديثا الي الحكم، كلمة غاية في الاهمية تطرق فيها خاصة لتلك العلاقات التاريخية التي تربط العالم العربي والاسلامي باسبانيا. وفي معرض حديثه عن نقط الالتقاء بين العرب والغرب، اشار الي منجزات المفكر العربي الكبير ابن خلدون، الذي كاد ان يعتبره مفكرا اسبانيا. رئيس الوزراء الاسباني كان ينظر، بطبيعة الحال، لمفهومه لحوار الحضارات وضرورة تلاقي الغرب مع الشرق بدل اطلاق العنان للمتطرفين من الجانبين. الا ان الملفت للنظر هو ذلك التعليق الذي قاله الرئيس الجزائري، رئيس الجلسة، تعقيبا علي كلمة ضيف المؤتمر الكبير رئيس الوزراء الاسباني، فقد قال عبد العزيز بوتفليقة مبتسما ان رئيس وزراء اسبانيا حل مشكل النزاع بين تونس والجزائر علي ابن خلدون ورحل به (اي بهذا الاخير) الي اسبانيا . والحقيقة انني فهمت لاول مرة ان هناك نزاعا بين تونس والجزائر علي هذا المفكر الكبير، فجميعنا يعلم ان ابن خلدون ولد في تونس سنة 1332 ومات في مصر سنة 1406، وعاش متنقلا بين شمال افريقيا والاندلس في وقت لم يكن هاجس الحدود والتأشيرات والحس القطري الضيق مستشريا بين الاقطار العربية وشعوبها. هذا الحادث اثار انتباهي الي حقيقة مفادها ان هناك من العرب من يريد ان ينفرد بامتلاك التاريخ ليس لفرض الوحدة وانما للانكماش والاستقواء بتاريخ مشترك بين كل الامة العربية. ويجعلني اليوم تكريم اسبانيا لابن خلدون، ازداد يقينا علي مدي المفارقة الكبيرة بين النظرة العربية لتاريخها وحاضرها ونظرة الغرب لماضيه وحضارته. فاسبانيا تحتفل اليوم بمفكر عربي اسلامي وتنشيء له معهدا عرفانا وتخليدا له وهو من المفترض انه عاش بالاندلس (اسبانيا حاليا) ايام كانت تحت الاحتلال العربي علي الاقل بمفهوم الغربيين الذين لم يقبلوا بالوجود العربي باسبانيا، وهذه في حقيقة الامر اشارة اشك ان يلتقطها معظم قادة الامة العربية. عبد السلام اولاد لحسن اعلامي من المغرب