أوقف اثنان من زعماء المعارضة التونسية إضرابهما عن الطعام الذي بدآه قبل شهر، وذلك بعد تدخل من رئاسة الجمهورية. ويأتي إضراب مسؤولي الحزب الديمقراطي المعارض، مية الجريبي وأحمد نجيب الشابي، ردا على قرار قضائي يلزم حزبهما بتسليم المقرات التي تؤوي قيادته وصحيفته منذ 13 عاما. وقد انتقد نشطاء في المعارضة التونسية القرار ووصفوه ب "المضايقة التي تعرض لها بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان". وتأتي تسوية الأمر بعد تحركات سياسية عديدة في تونس وخارجها شارك فيها برلمانيون وسياسيون وحقوقيون أوربيون وأمريكيون وعرب. وجاءت خطوة الانفراج السياسي هذه بين السلطات وقيادة الحزب الديمقراطي المعارض وحلفائه في وقت بدأت فيه احتفالات كبيرة في تونس ب "الذكرى ال 20 للتغيير" أي ذكرى استلام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لرئاسة الدولة في تونس خلفا للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني1987. ويتوقع المراقبون أن تتزامن هذه الاحتفالات بخطوات للانفراج السياسي من بينها تسوية ما تبقى من ملفات السجناء واللاجئين في الخارج بعد إدانتهم من قبل المحاكم في قضايا ذات صبغة سياسية وإن كانوا أدينوا كذلك في جرائم حق عام مثل ممارسة العنف اللفظي أو المادي . فتح صفحة جديدة وقد أعلن عن إيقاف التحرك الاحتجاجي في أجواء حماسية في ندوة صحفية عقدها السياسيان المضربان. يذكر أن مية الجريبي هي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي أما الشابي فهو مدير صحيفة الموقف الناطقة بلسان الحزب اليساري الذي حصل على ترخيص قبل نحو 20 عاما. وقد حضر الإعلان عن إيقاف هذا الإضراب نشطاء حقوقيون وزعماء معارضون وجمعيات غير حكومية، كانت قد تضامنت طوال الأسابيع الماضية مع المضربين. رسائل سياسية وقد اعتبرت مية الجريبي في تصريح لبي بي سي العربية التسوية "حلا وسطا لحفظ ماء وجه كل الأطراف وانتصارا لكل الديمقراطيين التونسيين". كما اعتبر الأمين العام المساعد للحزب، محمد القوماني، أن التسوية يمكن أن توفر "أرضية أفضل للحوار السياسي بين السلطة والمعارضة". وقال الشابي لبي بي سي العربية إن هناك رسائل سياسية عدة وراء التسوية تمت "عبر حل ليس فيه منتصر ومهزوم"، ويشكل تأكيدا "لانتصار الإرادة السياسية التي تراهن على التعددية واحترام الحريات العامة والفردية". في المقابل، التزمت السلطة الصمت شبه الكامل حول هذه القضية في حين قالت إحدى الصحف اليومية إن "رئاسة الجمهورية تدخلت لحسمها عبر حث مالك المقر الذي يؤوي الحزب المعارض على التوصل إلى حل مع قيادته" . يذكر أن عددا من البرلمانيين والدبلوماسيين الغربيين بينهم السفير الأمريكي في تونس زاروا المضربين عن الطعام وهو ما انتقده مسؤولون تونسيون مرارا واعتبروه تدخلا في "الشؤون الداخلية للبلاد". كما انتقدت بلاغات رسمية صدرت عن عدد من الأحزاب السياسية المعارضة الممثلة في البرلمان زيارة السفير الأمريكي والدبلوماسيين الغربيين إلى المضربين واتهمت الشابي ورفاقه " بالاستقواء بالأجانب".