تستيقظ جاكي أفيلار كل يوم وعلى جانب سريرها ساعة تذكرها بالأذان للصلاة خمس مرات في اليوم، وعلى الجانب الآخر هناك تمثال لمريم العذراء. وكمسلمة تريد ان تزيله لكنها كأميركية لاتينية لا تستطيع القيام بذلك. فأبوها كاثوليكي من السلفادور وهو يريد أن يبقى التمثال في مكانه. وقالت أفيلار «علي أن أحترمه». لذلك فهي وجدت حلا وسطا: قامت بتغطية التمثال بصورة عائلتها الفوتوغرافية. وتبذل أفيلار، 31 سنة، جهودا مضنية لتحقيق التوازن ضمن عائلتها ومع العالم الخارجي، ومع نفسها. فهي ترعرعت على الذهاب إلى الشاطئ بقميص يخلو من الأكمام وتحب رقص السَالسا الشهيرة، لكنها الآن هي مسلمة ورعة تفضل الملابس الإسلامية وتتجنب الاختلاط بالرجال. إنها أول مسلمة في أسرتها التي لم تعرف دينا آخر سوى الكاثوليكية. وهناك من بين أعداد المهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية آلاف ممن اعتنقوا الإسلام وهذا يشمل عدة مئات موجودين في ولاية واشنطن. ويقدر عدد المسلمين من أميركا اللاتينية حسبما تقول بعض الجماعات الإسلامية ما بين 40 ألفا و70 ألف شخص. ويبدو أن هذا التحول يعود إلى تعرض الجيل الجديد من أبناء المهاجرين إلى خليط من الأفكار لم يتعرضوا لها من قبل حينما كانوا في بلدانهم. واليوم أصبح أسهل معرفة الإسلام في التراجم الاسبانية للقرآن والمجلات الإسلامية ومواقع الويب. لكن مع اعتناقهم لدينهم الجديد يواجه أبناء أميركا اللاتينية مصاعب عديدة تبتدئ من الشعور بالذنب تجاه أسرهم إلى المعاناة من التمييز باعتبارهم مسلمين في أميركا ما بعد 11 سبتمبر 2001. وقالت أفيلار «أحيانا تشعر أنك تخون نفسك، وانك تخليت عن اسرتك». ويأتي معظم المعتنقين الجدد للإسلام من أميركا اللاتينية.. ومثلما هو الحال مع ثقافة أميركا اللاتينية يركز الإسلام على العائلة وهذا ما يجعل اعتناقه سهلا. مع ذلك فإن الدافع للبعض كان الشعور بالعزلة في بلد منقسم على نفسه تجاه الهجرة. وترى نساء أميركا اللاتينية أن الرجال الغربيين في أميركا نادرا ما يحترمون النساء، على العكس من الثقافة الرجولية التي ترعرعوا فيها. في الجمعة التي سبقت عيد الفصح، الذي ما عاد له أهمية دينية لأفيلار شاركت في الصلاة، حيث ساقت سيارتها الهوندا الفضية إلى مسجد صغير. ومع الحجاب الارجواني الذي كانت تتلفع به وثوب طويل أسود يمتد من الكتف حتى الكاحل اختلطت بعدد كبير من المهاجرين. ودخل الرجال الباب الأمامي بينما دخلت أفيلار بابا جانبيا مع نساء أخريات لتختفي في الداخل. عندما حدثت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 الارهابية، كانت أفيلار، الطالبة في جامعة جورج ميسون يومئذ، على علاقة مع باكستاني أميركي مسلم. وفي أحد الأيام سألته بغضب: كيف يمكن للمسلمين أن يرتكبوا مثل هذه الأفعال؟ غير انها باتت هي الأخرى فضولية. وعندما خفت حدة غضبها طلبت منه ان يخبرها عن الاسلام. وبعد أن انفصلا استمر اهتمامها. وقالت أفيلار «لم تكن لدي على الاطلاق نية في التحول الى الاسلام. وعلى الرغم من انني كنت اشعر بان الاسلام هو داخل قلبي فانني لم اكن أريد ان اعترف بذلك مع نفسي». كانت تفكر بأبيها وفي ليلة معرضها للتصوير الفوتوغرافي جلست عائلة افيلار واصدقاؤها مع الجمهور. وهنا صورة لأفيلار وهي ترتدي قلادة مع صليب يتدلى من الخلف، وهناك صورة للسيد المسيح على صليبه. وأدركت ميلي جيمينيز (31 عاما)، والتي نشأت مع أفيلار انه «كان يرمز الى انها تدير ظهرها للكاثوليكية». وكانت أفيلار تريد أن يفهم والدها هذا الأمر. ولكن في تلك الليلة شعر بشيء آخر تجاه ابنته الوحيدة (رفض طلبا لاجراء مقابلة معه). وقال شقيقها سلوين أفيلار (25 عاما) «كان يبدو فخورا بأنها تقيم معرضا فنيا». وبعد اسبوعين تحولت الى الاسلام. وأبلغت أمها بذلك ومن ثم سلوين. وأبديا دعمهما لها. ولكن الأمر تطلب منها شهرين لتستجمع شجاعتها لابلاغ والدها. وعندما فعلت ذلك أخيرا قالت انه اجاب «أنت امرأة ناضجة. أثق بأنني ربيتك بصورة جيدة». ثم قال «قبل ان تتوفى جدتك تركت لنا ارشادات محددة تقضي بأن لا نتخلى عن ديننا أو نغيره». ولكن محاولته لم تفعل فعلها. أحب الاسلام ولم تتشكل معتقدات أفيلار عبر السياسة او الشعور باضطهاد ضد المسلمين كما قالت. ففي ذهنها ما تزال مهاجرة مرتبطة بصلة، وبصلة اخرى اضافية. وقالت «أحب بلدي. أحب العيش هنا. أحب كوني لاتينية. ولكن اكثر من أي شيء آخر أحب الاسلام». وكانت عائلة أفيلار تأمل ان يكون تحولها مجرد مرحلة. وقد تغير ذلك في اليوم الذي جاءت فيه الى البيت مع رجل مسلم. كان لاتينيا ايضا. وكانا قد التقيا قبل أسبوعين. وأرادا الزواج. وقد رفض والدها والقى باللوم على الاسلام. وقد تذكرته وهو يقول «يريدون تزويجك لرجل لا تعرفينه». ثم اخذ كتبها الاسلامية قائلا: اما الاسلام او العائلة. وأجابت أفيلار «لا تطلب مني أن اختار بينك وبين ديني لأنني لن اختارك». وقالت «كان ذلك هو اليوم الذي أدرك فيه مدى جديتي». وفي وقت لاحق حدثت خلافات بين أفيلار وصديقها، ولم يتزوجا. قالت أفيلار انها لا تهتم بأن تكون للنساء أدوار مختلفة يعتبرها الكثير من الغربيين مقموعة. وحيث يرون عدم المساواة ترى هي الاحترام. وهو احترام قالت انها لا تراه غالبا في الثقافة اللاتينية. واضافت أفيلار ان «الطريقة التي يصور بها الرجال اللاتينيون النساء طريقة مرعبة». وأوضحت «أحب الاحترام الذي احصل عليه من الجنس الآخر عندما اكون بالحجاب». وتغيرت علاقتها مع شقيقها أيضا. وقال سلوين أفيلار انه قبل اسلامها «كنا على علاقة حميمة. كنا معتادين على الخروج والحديث». واضاف انه بعد اسلامها «شعرت بأنها شخص مختلف. لم تكن الفتاة التي عرفتها لمدة 25 سنة. شعرت انها كانت تحاول أن تكسبني وتحولني الى الاسلام». غير انها شقيقته، وهو يحبها. وقال انه في الأشهر الأخيرة بات يعجب بها لتعلمها اللغة العربية واستثمارها وقتها على نحو حكيم وعيش حياة بناءة وسليمة صحيا بصورة اكبر. واضاف انه «ربما كانت هناك أوقات لا أتحدث فيها اليها عن حياتي لأنها ستعطيني نصيحة ارتباطا بالطريقة الاسلامية. ولكنها اصبحت شخصا مثيرا للاهتمام. استطيع ان اتعلم المزيد منها». وقالت انه في الوقت الحالي وكلما قام رجل بزيارة بيتهم ينتظر رؤية ما اذا كانت ابنته محجبة بصورة مناسبة. وهو يحب ان الرجال لا يحدقون بها وهي لا تتناول المشروبات الكحولية ولا تسهر الى وقت متأخر في الليل. وتعتقد ابنته انها وجدت توازنا مريحا . * الشرق الاوسط