في 17 جانفي 2024، كشف المنتدى الاقتصادي العالمي النقاب عن الإصدار الأول من تقرير رائد حول مستقبل النمو الاقتصادي. في عالم يتغير باستمرار، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ويواجه حالة متزايدة من عدم اليقين، تتفاقم بسبب الابتكار التكنولوجي وقضايا المناخ والصحة، الصراعات الجيوسياسية وهو ما يجعل انه الواضح أن المقاييس التقليدية لقياس لنمو الاقتصادي القائم على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قد عفا عليها الزمن. وعلى هذا الاساس، يقترح التقرير إطارا نظريا مبتكرا يركز على نوعية النمو الاقتصادي بدلا من كميته. يتكون هذا الإطار الجديد من أربع ركائز أساسية: الابتكار والشمول والاستدامة والتماسك، والتي توفر منظورا أكثر شمولية قابلا للتكيف مع تقلبات البيئة العالمية الحالية. النمو في تونس الهدف من قياس النمو يتمثل في تزويد صناع القرار بلوحة قيادة لتحديد طبيعة النمو الاقتصادي وكذلك الفرص والمناورات المتاحة لدعمه، على هذا المستوى. ويرمي هذا المسعى الى وضع "معيار متعدد الأبعاد" يمكن من تصنيف البلدان، مع مراعاة تنوع النماذج الاقتصادية ومعدلات النمو. في السياق التونسي، أجرى المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، الشريك الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي في البلاد، مسحا يستند إلى سبر اراء تم إجراؤه في سبتمبر 2023، بنفس الطريقة في 107 اقتصادات. هذا النهج له أهمية خاصة اذ تواجه تونس، مثل العديد من البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، تحديات مهمة تهم التنمية الاقتصادية والاستدامة. ومن خلال تحليل الركائز الخمس لمناخ الاعمال الاقتصادي في البلاد، وهي رأس المال البشري، والبنية التحتية، والتمويل، والتكنولوجيا، ومنظومة عمل المؤسسات، يحدد التقرير نقاط القوة والضعف في البلاد، في هذا المجال. مزايا متعددة ووفقا للمسح، حصلت تونس على درجة ابتكار تبلغ 38.5، متجاوزة متوسط البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل (34.9). ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، بما في ذلك انخفاض الاستثمار في مجال البحث العلمي والحواجز المؤسسية والثقافية. وعلى صعيد الإدماج، سجلت تونس 53.6 نقطة، متجاوزة المتوسط في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل (44.8)، رغم تواصل وجود تفاوتات في الحصول على التعليم والفرص الاقتصادية. ومن حيث الاستدامة، حصلت تونس على درجة 53.6، وهي أعلى بقليل من المتوسط في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل (50.4) مما يفرض بذل المزيد من الجهود لتعزيز الممارسات الاقتصادية والبيئية المستدامة. اما على صعيد القدرة على التماسك، فقد سجلت تونس رصيدا يقدر بنحو 49.5 نقطة، أي أعلى بقليل من المتوسط في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل (45.8)، ولكن هذا المكسب لا يمنع من اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز قدرة تونس على مواجهة الصدمات الاقتصادية والبيئية. يقدم تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي منظورا قيما حول آفاق التنمية الاقتصادية في تونس، في الوقت الذي أحرزت فيه البلاد تقدما في العديد من المجالات، ولكن لا تزال هناك تحديات في الابتكار، والشمول، والاستدامة، والتماسك. وللتغلب على هذه التحديات، هناك حاجة إلى نهج متكامل وموجه نحو الجودة إزاء النمو الاقتصادي، مع التركيز على السياسات والاستثمارات الاستراتيجية في المجالات الرئيسية للتعليم والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.