عقدت لجنة السياحة و الثقافة و الخدمات و الصناعات التقليدية بمجلس نواب الشعب، يوم الخميس 12 جوان 2025، جلسة استماع خُصصت لدراسة مشروع القانون المتعلق بصناعة السينما في تونس. مشروع قانون طال انتظاره، يهدف إلى تجديد شامل للإطار القانوني المنظّم لهذا القطاع الذي ظل مهمّشًا لعقود طويلة. قطاع واعد لكنه متعثر بسبب غياب الإصلاحات وفقًا للخبراء الذين تم الاستماع إليهم خلال الجلسة، كانت تونس رائدة في تنظيم القطاع السينمائي منذ ستينيات القرن الماضي، قبل أن يعرف تراجعًا كبيرًا انطلاقًا من التسعينيات، نتيجة ترسانة قانونية أصبحت متجاوزة. و يهدف مشروع القانون المطروح إلى الاستجابة لتطلعات المهنيين، من خلال تحديث التشريعات، وتبسيط الإجراءات، وإعادة إطلاق ديناميكية قطاع استراتيجي يتمتع بإمكانات كبيرة للنمو الاقتصادي والثقافي. وشدّد المتدخلون على أن هدف الإصلاح هو بناء صناعة سينمائية مربحة، توفّر فرص عمل وتخلق قيمة مضافة و تندمج بشكل مستدام في النسيج الاقتصادي الوطني. الحوكمة والتمويل ووضعية المركز الوطني للسينما في صلب الإصلاح من أبرز محاور المشروع، إعادة هيكلة المركز الوطني للسينما والصورة، من خلال توضيح مهامه ومصادر تمويله ونظام الأعوان العاملين فيه. و قد تم اقتراح إخضاع أعوان المركز إلى أحكام القانون عدد 85 المتعلق بالنظام الأساسي العام لأعوان المنشآت و المؤسسات العمومية. كما دعا الخبراء إلى استحداث آليات تمويل بديلة، من خلال إنشاء صندوق خاص لدعم الاستثمار في قطاعي السينما و السمعي البصري، يتم تضمينه في قانون المالية لسنة 2026. انتعاشة مرتقبة ينتظرها المبدعون والمهنيون أشاد النواب الحاضرون بالإجراءات المقترحة لإنعاش الإنتاج الوطني، وتحفيز الاستثمار الخاص، وتعزيز حضور تونس في المهرجانات الدولية. غير أن عددًا من البرلمانيين أعربوا عن أسفهم لتراجع السينما التونسية، معتبرين أنه كان بالإمكان تفاديه لو توفرت إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية واضحة. وأكدوا على ضرورة رفع العراقيل الهيكلية التي تعيق الشباب المبدع، خاصة في ما يتعلق بصعوبة الحصول على التمويل، والتعقيدات الإدارية المرتبطة برخص التصوير، ومشاكل توريد المعدات التقنية. إرادة سياسية واضحة لتسريع المصادقة على المشروع اختتمت اللجنة أشغالها بالتأكيد على التزامها بتسريع المصادقة على مشروع القانون، فور استكمال جلسات الاستماع و المشاورات مع مختلف الأطراف المعنية. الرهان واضح : منح نفس جديد لقطاع ثقافي استراتيجي، طال إهماله، رغم قدرته على حمل صورة تونس عاليًا في المحافل الإقليمية والدولية. و من خلال هذا المشروع، تسعى تونس إلى المصالحة بين ماضيها السينمائي الثري وتحديات الاقتصاد الثقافي المعاصر. فبفضل إصلاح هيكلي و حوكمة واضحة و آليات تمويل مبتكرة، تأمل البلاد في إعادة بعث صناعة قادرة على الإبداع والتشغيل و التألق من جديد.