من المتوقع أن يصل الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي في الصين إلى ما بين 600 و700 مليار يوان (أي 84 إلى 98 مليار دولار) هذا العام، بحسب تقرير صادر عن بنك أوف أمريكا. هذا الإنفاق يعكس زيادة كبيرة بنسبة 48% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس التزام الصين الكبير بتطوير الذكاء الاصطناعي ودفع حدود هذا القطاع الحيوي. الحكومة الصينية والشركات الكبرى تساهم في هذه الاستثمارات يُتوقع أن يسهم الاستثمار الحكومي بنسبة تصل إلى 400 مليار يوان من إجمالي الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، فيما ستساهم شركات الإنترنت الكبرى في الصين مثل علي بابا و تنسنت بمبالغ تقدر بنحو 172 مليار يوان، وفقًا لتقرير نشره موقع SCMP Business. ويعكس هذا الإنفاق الدور المتزايد لقطاع التكنولوجيا في الصين الذي يشهد دعمًا حكوميًا قويًا، حيث تعمل الحكومة الصينية على بناء مراكز بيانات متطورة لدعم البنية التحتية المطلوبة لتطوير الذكاء الاصطناعي. نجاح "ديب سيك" يحفز الشركات الصينية على زيادة استثماراتها يشير ماتي تشاو، الرئيس المشارك لأبحاث الأسهم الصينية في بنك أوف أمريكا، إلى أن الاهتمام المتزايد في الصين بالذكاء الاصطناعي جاء بعد نجاح شركة "ديب سيك" في تطوير نموذجين متقدمين للذكاء الاصطناعي مفتوحي المصدر، وهما V3 و R1، والتي تم تطويرهما بتكلفة منخفضة مقارنة بالتكاليف التي تعتمدها شركات التكنولوجيا الكبرى في مشاريع الذكاء الاصطناعي. وقد جعل هذا الإنجاز "ديب سيك" محط أنظار العالم وجعلها تبرز في مجال نموذج اللغة الكبير (LLM) الذي يعد المحرك الرئيس لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل شات جي بي تي. وفي هذا السياق، أعلنت علي بابا في فيفري عن خطة استثمار رأسمالي بقيمة 380 مليار يوان لتطوير موارد الحوسبة والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. كما كشفت تنسنت عن خطط لزيادة استثماراتها في هذا المجال، حيث تضاعف الإنفاق الرأسمالي للشركة في الربع الأخير من 2024 أربع مرات تقريبًا ليصل إلى 36.6 مليار يوان. الصين تنافس الولاياتالمتحدة في تطوير الذكاء الاصطناعي تسعى الصين في الوقت نفسه إلى تطوير بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي لمواكبة التزام الحكومة الأمريكية بمشروع "ستارغيت"، الذي يهدف إلى استثمار ما يصل إلى 500 مليار دولار على مدار السنوات الأربع المقبلة في مراكز بيانات متطورة. وبينما توجه الولاياتالمتحدة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي نحو أجهزة تكنولوجيا المعلومات مثل أشباه الموصلات، فإن الجزء الأكبر من الإنفاق الرأسمالي الصيني سيتوجه إلى بناء مراكز البيانات وتطوير البنية التحتية للطاقة لدعم هذه المرافق. وهذا يُعتبر ميزة استراتيجية للصين، حيث تمتلك موارد طاقة هائلة تدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي. تزايد الطلب على المواد الضرورية لدعم الذكاء الاصطناعي وفقًا لتقرير بنك أوف أمريكا، من المتوقع أن يشهد الطلب على النحاس ومعدات الطاقة نموًا سنويًا مركبًا بنسبة 20% بين 2024 و2030. في حين أن حلول التبريد السائل ستشهد معدل نمو سنوي مركب قدره 57% في العام المقبل. الصين تتعامل مع التحديات الأمريكية على معالجات الذكاء الاصطناعي على الرغم من القيود التجارية الأمريكية على معالجات الذكاء الاصطناعي المتقدمة من إنفيديا، تواصل الصين طرح مرافق الحوسبة لتطوير الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة. ويؤكد ماتي تشاو أن الصين و الولاياتالمتحدة في سباق تقني شديد في هذا المجال، مشيرًا إلى أن التحديات المتعلقة بتطوير الرقائق لا تزال تظل جزءًا أساسيًا من المنافسة بين البلدين. الصين تبني مستقبلاً رقميًا قويًا إن الاستثمار الكبير الذي تقوم به الصين في الذكاء الاصطناعي يشير إلى رغبتها في قيادة المستقبل التكنولوجي في العالم. من خلال استثمار مليارات الدولارات في البنية التحتية و التطوير التقني، تسعى الصين إلى تعزيز قدرتها التنافسية ومنافسة الولاياتالمتحدة في الذكاء الاصطناعي.