ترتيب تونس ضمن مؤشر تقديم الخدمات العامة في إفريقيا.. #خبر_عاجل    رسالة من'' 3 حروف'' تجبر طائرة على الهبوط الاضطراري...ما القصة ؟    جريمة بشعة في القيروان: تفاصيل صادمة حول اقتلاع عيني زوجة بسبب ''كنز مزعوم''    عاجل - وزارة الداخلية : 3300 عون مؤجّر معنيون بتسوية وضعياتهم بعد منع المناولة    غزّة: الناس يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدّة الجوع.. #خبر_عاجل    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    الفيفا يهدد أحد الأندية التونسية بسحب 6 نقاط    برنامج التأهيل الصناعي مكن من استثمار 14 مليار دينار في أكثر من 5000 مشروع    سرقة اثار: الحرس الوطني يلقي القبض على 4 أشخاص ويحجز سيارتين بمكثر    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    مرض السكرّي يقلّق برشا في الليل؟ هاو علاش    تخدم الكليماتيزور كيف ما جا؟ هاو وين تغلط وشنوّة الصحيح باش ترتاح وتوفّر    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    الرحلة الجزائرية الاصدار الجديد للكاتب محمود حرشاني    نقابي تونسي بايطاليا يدعو إلى تثبيت حصة قارّة لتونس في برنامج تشغيل العمال المهاجرين    قبلي: نجاح أوّل عمليّة جراحية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    في قضية ذات صبغة إرهابية: محاكمة الرئيس السابق للنقابة الوطنية لإطارات وأعوان العدلية حطاب بن عثمان وتأجيل النظر إلى أكتوبر    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    ما مصير المتحصلين على معدل 14 في مناظرة "السيزيام" هل سيشملهم الالحاق بالمدارس النموذجية..؟!    مروع: يقتل ابنه ضربا وصعقا بالكهرباء…!    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    الدورة التاسعة للتوجيه الجامعي 'وجهني' يوم 14 جويلية الجاري بالمركب الجامعي المرازقة بولاية نابل    "حماس": نناقش مع الفصائل الفلسطينية مقترح وقف إطلاق النار    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    السجن 16 سنة لرجل الأعمال شفيق جراية بعد تفكيك القضايا الأربع المرفوعة ضده    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    إصابات جرّاء انفجار هائل بمحطة وقود في روما    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    إيران تعيد فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الداخلية والخارجية والترانزيت..#خبر_عاجل    عاجل/ اختراق استخباراتي إسرائيلي داخل ايران يكشف مفاجآت..!    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    نحو اقرار تخفيضات في المطاعم السياحية للتوانسة وولاد البلاد...تعرف على التفاصيل    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    رد بالك تغلط وتخلي الشبابك ''محلول'' في هذا الوقت ... الصيف هذا ما يرحمش!    بداية من 6 جويلية 2025: شركة نقل تونس تخصص 10 حافلات خاصة بالشواطئ    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    طقس اليوم: الحرارة في تراجع طفيف    .. الجزائري بلايلي يستفز الفرنسيين بعد حادثة الطائرة    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص اضراب الأطباء الشبان..وهذه التفاصيل..    المنستير: الاتحاد الجهوي للفلاحة يطالب بمد فلاحي المناطق السقوية العمومية بالجهة بكمية 500 ألف م3 من المياه للانطلاق في الموسم الفلاحي 2025-2026    تشريعات جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في تونس: دعوات لتقليص الجانب الردعي وتكريس آليات التحفيز    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    عاجل: وزارة الصحة تدعو المقيمين في الطب لاختيار مراكز التربص حسب هذه الرزنامة... التفاصيل    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    عمرو دياب يفتتح ألبومه بصوت ابنته جانا    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الهند… الذكاء الاصطناعي يستبدل الصوت البشري في مراكز النداء !
نشر في تونس الرقمية يوم 25 - 06 - 2025

في أحد مراكز النداء بضواحي نيودلهي، يروي موظف هندي – فضّل عدم الكشف عن هويته – كيف تغيّر صوته… من دون أن ينطق بكلمة خاطئة.
منذ عام 2023، زوّدت شركته موظفيها ببرنامج ذكاء اصطناعي قادر على تعديل نبرة الصوت في الوقت الفعلي لجعلها أكثر حيادية – خصوصًا بما يتناسب مع آذان العملاء الأمريكيين.
تقنية مبتكرة يُروَّج لها كحلّ لمشاكل التوتر وسوء الفهم، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات أخلاقية وهوياتية ومهنية بشأن مستقبل العاملين في هذا القطاع.
وقد بدأت إحدى الشركات متعددة الجنسيات الفرنسية المتخصصة في خدمات التعهيد باستخدام هذه التقنية، والتي تسمح للموظفين بالتحدث بأصواتهم الحقيقية ولكن بلكنة معدّلة تلقائيًا عند الإرسال الصوتي.
الهدف من ذلك: تحسين فهم العملاء الناطقين بالإنجليزية – وغالبيتهم من أمريكا الشمالية – الذين يُعرفون بنفاد صبرهم تجاه اللكنات الأجنبية.
وتقول شركة "Sanas" الناشئة، ومقرها كاليفورنيا، والتي طورت هذا البرنامج، إنها تقدّم ما تسميه "ترجمة اللكنة". وتُعد هذه التسمية محاولة للردّ على الانتقادات التي تصف البرنامج بأنه "تبييض صوتي" أو إنكار للهوية الثقافية. ويؤكد مطوّروه أن الأداة لا تستبدل الموظف البشري، بل تسهّل التواصل مع العملاء.
سوق ضخم يشهد تحوّلًا جذريًا
يُعرف قطاع التعهيد في الهند باسم "BPO" (تعهيد العمليات التجارية)، ويُقدّر حجمه حاليًا بحوالي 280 مليار دولار، ويشغّل نحو 3 ملايين شخص. ويتولى هؤلاء العاملون تنفيذ مهام متعددة لصالح شركات عالمية مثل JPMorgan، وMicrosoft، وHSBC، وShell، مثل الدعم الهاتفي، تطوير البرمجيات، المحاسبة والتسويق.
لكن هذا القطاع يواجه ضغوطًا متزايدة في ظلّ التطور السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي. إذ باتت بعض المهام تُنجز بواسطة وكلاء افتراضيين قادرين على إعادة تعيين كلمات السر، والردّ على الرسائل الإلكترونية، وتسجيل الشكاوى. بل إن بعض الروبوتات باتت تتلقى المكالمات عوضًا عن البشر.
وفي هذا السياق، تعتمد المزيد من الشركات على ما يُسمّى "المساعدين الرقميين بالذكاء الاصطناعي" القادرين على تزويد الموظفين بالنصوص المناسبة أثناء المكالمة، أو حتى توليد الردود المثلى تلقائيًا.
تهديد لفرص العمل رغم وعود التكيّف
بينما يؤكد مسؤولو الشركات أن الذكاء الاصطناعي يساعد على توفير الوقت للمهام المعقّدة، يبدي الخبراء حذرهم. فصندوق النقد الدولي يرى أن أكثر من ربع الوظائف في الهند "معرّضة بشدة" لخطر الأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي. أما مركز الأبحاث الأمريكي "Brookings Institution"، فيشير إلى أن 86% من مهام خدمة العملاء قابلة للأتمتة بدرجة عالية.
ومن المرجّح أن تتسارع هذه التحوّلات. فقد توقّع المدير التنفيذي لشركة "Tata Consultancy Services"، كريثيفاسان، أن يشهد العام المقبل تقليصًا كبيرًا في الاعتماد على مراكز النداء البشرية.
حيادية لغوية أم طمس للهوية؟
وراء هذه الابتكارات التكنولوجية تختبئ أيضًا أبعاد اجتماعية وثقافية عميقة. إذ يشعر كثير من الموظفين بأنّ طمس لكنتهم يمثّل شكلًا من أشكال التخلّي عن الجذور. يقول أحدهم:
"في السابق، كان يُطلب منا تقليد حوارات من أفلام أمريكية. اليوم، نضغط على زر ليُمحى صوتنا الأصلي. هذا ليس حيادًا، بل خيار سياسي."
من جانب الشركات، تُعرض نتائج ملموسة: مكالمات أسرع، عملاء أقل انزعاجًا، وموظفون أقل توترًا. لكن بعض المراقبين يرون في هذا التوجّه هوسًا براحة العميل يؤدي إلى توحيد الأصوات، وتهميش الاختلافات الثقافية، وضياع الهوية الفردية.
تحليل: هل نحن أمام تحوّل لا رجعة فيه في نموذج التعهيد؟
إن تصاعد اعتماد الذكاء الاصطناعي في مراكز النداء الهندية لا يُعد مجرّد قضية تقنية، بل يُشير إلى تحوّل استراتيجي شامل في اقتصاد الخدمات العالمي.
ثلاث اتجاهات رئيسية تتضح في هذا السياق:
1. خفض كبير في التكاليف لصالح الشركات: استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي يتيح للشركات تقليل نفقات التدريب، وأوقات الاستراحة، والنزاعات المهنية، والبنية التحتية. ما يعزّز جاذبية هذا الخيار في ظلّ الضغوط المالية المتزايدة.
2. إعادة تعريف دور الإنسان: يُنتظر من الموظفين البشريين التخصص في المهام ذات القيمة المضافة العالية. لكن هذا يتطلب سياسات تدريب طموحة وسريعة، وهو أمر لم تستعد له معظم الشركات بعد.
3. مخاطر اجتماعية داخلية في الهند: فقدان الوظائف "المدخلية" في قطاع التعهيد قد يهدّد ملايين العائلات الهندية، خصوصًا إذا استفادت الشركات الغربية والناشئة في وادي السيليكون من العائدات، بينما تتحمل الهند وحدها التكاليف الاجتماعية.
في النهاية، تحوّلت الهند – التي كانت في السابق مركزًا عالميًا رائدًا لخدمات التعهيد – إلى مختبر مفتوح لمستقبل العمل. مستقبلٌ تصبح فيه الصوت البشري مجرّد ملف قابل للتعديل، وتكاد تختفي فيه الحدود بين المساعدة والاستبدال.
ويبقى التحدّي الأكبر بالنسبة لصنّاع القرار ليس تقنيًا، بل اجتماعيًا، ثقافيًا وجيوسياسيًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.