ماذا لو لم تكن نهاية العالم ناجمة عن انطفاء الشمس، بل نتيجة اصطدام سببه نجم عابر؟ هذا هو السيناريو المقلق الذي طرحته دراسة حديثة نُشرت في المجلة العلمية المتخصصة Icarus، و نقلها نيويورك تايمز، حيث يستعرض عالمان فلكيان احتمالاً مغايراً لنهاية النظام الشمسي، بعيداً عن التصورات التقليدية. العالمان ناثان كايب (من معهد العلوم الكوكبية في ولاية آيوا) وشون رايموند (من جامعة بوردو الفرنسية) استعانا بآلاف المحاكاة الحاسوبية لتصوير التأثيرات الجاذبية المحتملة للنجوم التائهة التي قد تمر بالقرب من مدار الشمس. و تُعد هذه الأعمال من أوسع الدراسات في هذا المجال، إذ تمتد حساباتها على مدى 5 مليارات سنة، ما يتيح رصد اضطرابات لا تظهر إلا بعد مرور ملايين أو حتى مليارات السنين. الخطر القادم من النجوم تضم مجرتنا، درب التبانة، مئات المليارات من النجوم، تقترب بعضُها، بين الحين و الآخر، من النظام الشمسي. ويُعد "بروكسيما القنطور" أقرب نجم إلينا حالياً، و يبعد مسافة 4,24 سنوات ضوئية. غير أن الباحثين يذكّرون بأن مرور نجم آخر على مسافة أقرب بكثير يبقى احتمالاً قائماً عبر العصور. و بحسب بيانات صادرة عن المسبار الأوروبي "غايا"، فإن نحو 33 نجماً يعبرون، كل مليون سنة، مناطق قريبة بما يكفي للتأثير جاذبيًا على النظام الشمسي. و هذا ما تم اختباره من قبل الباحثين في نماذجهم. النتيجة: في 0,5% من الحالات المُحاكاة، تؤدي هذه التفاعلات النجمية إما إلى تصادم بين كواكب، أو إلى طرد كوكب من النظام الشمسي ليُصبح "كوكباً تائهاً". عطارد في الخط الأمامي السيناريو الأكثر شيوعاً في المحاكاة كان تصادم كوكب عطارد مع كوكب آخر، وغالباً مع كوكب الزهرة. وتُظهر إحدى هذه المحاكاة أن الجسم السماوي الناتج عن هذا التصادم يمكن أن يرتطم لاحقاً بكوكب الأرض. و يعلّق ناثان كايب قائلاً: "سيكون ذلك سيئاً جداً للحياة على الأرض". و يُذكر أن عطارد يُعد غير مستقر على المدى الطويل، حتى من دون وجود أي نجم مؤثر خارجي. إذ تُشير دراسات سابقة إلى أن احتمالية اصطدامه بالزهرة أو سقوطه في الشمس تبلغ نحو 1% في المستقبل البعيد. بلوتو قد يُطرد من النظام الشمسي و من بين السيناريوهات اللافتة أيضاً، أنّ 4% من المحاكاة تتوقع احتمال طرد كوكب بلوتو، المصنّف حالياً ككوكب قزم، خارج النظام الشمسي. ويُعزى ذلك إلى موقعه الطرفي وكتلته المنخفضة نسبياً. و يشير جاك لاسكار، عالم الفلك في مرصد باريس، إلى أن الأجرام السماوية الواقعة في أطراف النظام الشمسي تُعد أكثر عرضة للاضطرابات الجاذبية الخارجية. نحو مجرة تعج بالكواكب التائهة؟ رغم أن هذه السيناريوهات الكارثية تظل نادرة إحصائياً على مقياس عمر البشرية، فإنها تكشف حقيقة علمية مفادها أن نظامنا الشمسي ليس جزيرة معزولة، بل يتحرك ضمن كون ديناميكي، حيث يمكن لأي مرور نجمي أن يخلّ بتوازن استمر لآلاف السنين. و وفقاً لما نقله نيويورك تايمز، فإن بعض المؤشرات تُظهر أن عدداً من الكواكب التائهة الموجودة حالياً في المجرة ربما تم اقتلاعها من نجومها الأصلية جراء أحداث مماثلة. في المحصلة، لا تتنبأ هذه الدراسة بنهاية وشيكة للعالم، لكنها تذكّر بأن رقصة الأجرام السماوية غير المرئية، قد تنقلب في أي لحظة بسبب تغيّر بسيط في الجاذبية، ليُعاد تشكيل النظام الكوني كما نعرفه اليوم.