بعد موجة حرّ خانقة ضربت أوروبا الغربية خلال الأيام الأخيرة، تُنتظر موجة اضطرابات جوية كبرى، مع اقتراب عواصف رعدية عنيفة قادمة من المحيط الأطلسي. وتأتي هذه التحوّلات المفاجئة في وقت تسجّل فيه عدّة دول وفيات، ومئات التدخلات الطارئة، وحرائق غابات مدمّرة، في مشهد يعكس مرّة أخرى مدى هشاشة القارّة أمام الأحداث المناخية القصوى. ضحايا في فرنسا وإسبانيا في فرنسا، أعلنت وزيرة الانتقال البيئي، أنياس بانييه-روناشيه، يوم الأربعاء، عن وفاة شخصين نتيجة مضاعفات لأمراض فاقمتها موجة الحرّ. كما تم إسعاف أكثر من 300 شخص من قبل خدمات الطوارئ بسبب درجات الحرارة الشديدة، بحسب ما أفادت به السلطات الصحية. أما في إسبانيا، فقد تم تسجيل حالتي وفاة أخريين يوم الثلاثاء، نتيجة حريق غابات اندلع في منطقة كتالونيا، قرب تورّيفيتا. وقد أتت النيران، التي غذّتها الظروف الجافة للغاية، على عدّة مزارع، وأثّرت على منطقة تتجاوز 40 كيلومترًا. ورغم السيطرة شبه الكاملة على الحريق، فإنّ التوقعات الجوية للساعات المقبلة، والتي تتضمن هبوب رياح قوية وعواصف رعدية، تثير مخاوف من تجدّد انتشار النيران في بعض المناطق. وقد أصدرت الهيئة الإسبانية للأرصاد الجوية تحذيرات متعدّدة بسبب استمرار موجة الحرّ، وهبوب رياح عنيفة، وارتفاع النشاط الرعدي في معظم أنحاء البلاد، مع خطر كبير لاندلاع حرائق جديدة في المناطق الغابية والريفية. حرائق تحت السيطرة في تركيا، لكن الحذر مستمر في تركيا، أعلنت السلطات المحلية مساء الثلاثاء أن حرائق الغابات التي اجتاحت منطقة إزمير غربًا وهاتاي جنوبًا أصبحت تحت السيطرة. ومع ذلك، تبقى أجهزة الحماية المدنية في حالة تأهب، نظرًا لاستمرار الرياح الجافة والحارّة في تلك المناطق، ما قد يؤدي إلى نشوب حرائق جديدة. أوروبا على موعد مع اضطرابات جوية واسعة وقد دعت خدمات الأرصاد الجوية الأوروبية إلى أقصى درجات الحذر، في ظل توقعات بهبوب عواصف رعدية شديدة خلال الساعات ال48 المقبلة، تشمل مناطق واسعة من أوروبا الغربية، وخاصة فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا. وتأتي هذه المرحلة الجديدة من الاضطرابات الجوية في سياق من الاحتباس الحراري الجوي، الذي بات سمة مميّزة للتغير المناخي في السنوات الأخيرة. وهكذا، بين حرائق مميتة، وضحايا سقطوا بسبب الحرّ، وعواصف وشيكة، تواجه أوروبا فصلًا جديدًا من الفوضى المناخية العنيفة وغير المتوقعة. الاحتباس الحراري يفرض تحوّلاً جذريًا أصبح الاحترار العالمي ملموسًا في الحياة اليومية، ما يفرض تغييرًا جذريًا في مقاربة إدارة المخاطر وتخطيط المجال العمراني. فبالنسبة للفاعلين السياسيين كما للمواطنين، بات الوعي مصحوبًا بإلحاح التحرك الفوري.