يكشف أحدث تصنيف صادر عن البنك الدولي حول الدخل الفردي عن فجوة اقتصادية عميقة بين الدول العربية. فمن جهة، نجد الصومال حيث لا يتجاوز الدخل السنوي للفرد 1000 دولار، ومن جهة أخرى، قطر التي يتخطّى فيها هذا الرقم 80 ألف دولار سنويًا، وهو تفاوت صادم داخل منطقة جغرافية واحدة. ويقوم البنك الدولي سنويًا بتصنيف اقتصادات العالم إلى أربع فئات استنادًا إلى الدخل القومي الإجمالي للفرد، وفقًا لمنهجية "أطلس" التي تعتمد متوسط أسعار الصرف لثلاث سنوات وتراعي معدلات التضخم المحلي. وبالنسبة للسنة المالية 2026 (من جويلية 2025 إلى جوان 2026)، جاءت مستويات التصنيف كما يلي: * أقل من 1135 دولارًا: دخل منخفض * من 1136 إلى 4495 دولارًا: دخل متوسط أدنى * من 4496 إلى 13.935 دولارًا: دخل متوسط أعلى * أكثر من 13.935 دولارًا: دخل مرتفع أربعة عوالم عربية دخل منخفض: حالة إنسانية طارئة تندرج ضمن هذه الفئة دول عربية مزّقتها الحروب والصراعات لسنوات، وهي الصومال واليمن وسوريا والسودان، حيث يقل الدخل القومي الإجمالي للفرد عن 1135 دولارًا سنويًا. ويرجع هذا الانهيار الاقتصادي إلى غياب البنية التحتية، والنزاعات المسلحة، وغياب التصنيع. دخل متوسط أدنى: هشاشة اقتصادية تضمّ هذه الفئة تسع دول عربية، هي: مصر، فلسطين، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، موريتانيا، جيبوتي وجزر القمر، حيث يتراوح الدخل الفردي بين 1136 و4495 دولارًا. ورغم امتلاك بعضها، مثل مصر أو لبنان، لمقومات اقتصادية قوية، إلا أنها تعاني من التضخم، وتدهور قيمة العملة، وارتفاع الدين العام. أما تونس، فرغم كفاءاتها البشرية، تجد صعوبة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية. دخل متوسط أعلى: إمكانات غير مستغلة تشمل هذه الفئة ثلاث دول عربية: الجزائر والعراق وليبيا، بدخل يتراوح بين 4496 و13.935 دولارًا للفرد. ورغم توفرها على ثروات طبيعية ضخمة، خصوصًا في قطاع الطاقة، إلا أنها تواجه تحديات تتمثل في الاضطرابات السياسية والتبعية لأسواق النفط العالمية. دخل مرتفع: نادي الخليج يتكوّن "نادي الدول الغنية" من دول مجلس التعاون الخليجي الست: قطر، الإمارات، السعودية، الكويت، البحرين، وعُمان، حيث يتجاوز دخل الفرد فيها 13.935 دولارًا. وتتصدّر قطر القائمة بدخل سنوي يفوق 80 ألف دولار للفرد. وتستفيد هذه الدول من عائدات طاقية ضخمة، إلى جانب استثمارات استراتيجية في التنويع الاقتصادي، والبنية التحتية، والتعليم، والتكنولوجيا. هذا التصنيف لا يقتصر على كونه مرجعًا إحصائيًا، بل يحدّد أيضًا أهلية الدول للحصول على المساعدات الدولية والقروض الميسّرة، ويعكس بشكل غير مباشر مستوى التنمية البشرية وجودة الخدمات العامة وقدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها. لكن كما يشير إيريك بونتلي، الباحث بالبنك الدولي: «هذه العتبات ليست أحكامًا نهائية، بل تمثل صورة مفيدة لتوجيه السياسات العمومية والاستثمارات الاجتماعية.» الطريق إلى التقدّم لا يزال ممكنًا تُظهر التجارب الحديثة أن تغيير الفئة أمر ممكن. فقد تمكّنت عدة دول آسيوية وإفريقية من مغادرة دائرة الدول ذات الدخل المنخفض خلال عقدين فقط، بفضل الاستقرار، والإصلاحات الاقتصادية، والاستثمار في التعليم والصحة. أما في العالم العربي، فإن تقليص الفجوة الاقتصادية يتطلّب إصلاحات جريئة، وحوكمة رشيدة، وتكاملًا إقليميًا فعّالًا. فبالنسبة للبعض، التحدي يكمن في الحفاظ على مكانة الدول الغنية، أما بالنسبة للآخرين، فإن الأولوية لا تزال البقاء على قيد الحياة. تعليقات