شهد الإطار القانوني المنظّم لمنح تصاريح الإقامة في فرنسا تعزيزًا ملحوظًا، بعد صدور مرسوم جديد بتاريخ 15 جويلية 2025، نُشر في الجريدة الرسمية، يحدّد تفاصيل مسار الاندماج الجمهوري الخاص بالرعايا الأجانب، تنفيذًا مباشرًا لقانون الهجرة الصادر في 26 جانفي 2024. ويشكّل هذا النص مرحلة مفصلية في تشديد شروط الحصول على تصاريح الإقامة، من خلال فرض اختبار مدني إلزامي ومتطلبات لغوية جديدة، سيتم تطبيقها تدريجيًا اعتبارًا من جويلية 2025 وحتى 1 جانفي 2026. اختبار اختياري إلزامي لتأكيد المسار المدني تتمثّل إحدى أبرز التدابير الواردة في هذا المرسوم في تعميم اختبار مدني يُقدَّم على شكل "أسئلة متعددة الخيارات" (QCM). وأصبح هذا الامتحان إلزاميًا لتقييم معارف المتقدّمين بشأن قيم الجمهورية، والتاريخ، والثقافة، والجغرافيا، والمؤسسات الفرنسية. وقد تم إعداد نسختين مختلفتين من هذا الاختبار: * واحدة مخصّصة لطلبات بطاقات الإقامة المتعددة السنوات (صالحة من سنتين إلى أربع سنوات)؛ * وأخرى أكثر تعمقًا، لطلبات بطاقات الإقامة الدائمة (صالحة لعشر سنوات). وتهدف هذه الآلية إلى ضمان إلمام الرعايا الأجانب بأساسيات الحياة المجتمعية في فرنسا، وانخراطهم في المبادئ الأساسية للجمهورية. ويأتي هذا الاختبار ضمن إطار "عقد الاندماج الجمهوري" (CIR)، المعمول به منذ عدة سنوات. إتقان اللغة الفرنسية شرط ابتداءً من 2026 في حين دخلت القواعد الجديدة المتعلقة بالاختبار المدني حيز التنفيذ في 18 جويلية 2025، فإن المرسوم يعلن أيضًا عن تعزيز متطلبات اللغة، والتي ستبدأ تطبيقًا فعليًا في 1 يناير 2026. وسيتعيّن على الرعايا الأجانب الراغبين في الحصول على بطاقة إقامة أو بطاقة إقامة دائمة إثبات امتلاكهم لمستوى كافٍ في اللغة الفرنسية، شفويًا وكتابيًا. وسيتم تحديد المستوى المطلوب بدقّة في نص تنظيمي لاحق، يُتوقع أن يُستند فيه إلى "الإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات" (CECRL). وتُبرّر الحكومة هذا الشرط الجديد برغبتها في تعزيز اندماج أفضل وأكثر استدامة للأجانب داخل الأراضي الفرنسية، معتبرةً أن إتقان اللغة الفرنسية هو رافعة أساسية للوصول إلى سوق العمل، والتعليم، والخدمات العامة. إصلاح ضمن سياسة هجرة أوسع يأتي هذا المرسوم في سياق إصلاح أوسع لسياسات الهجرة في فرنسا، يقوده وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وقد تضمن قانون 26 جانفي 2024 بالفعل عدداً من التدابير المتشددة، من بينها: * تمديد آجال معالجة طلبات الإقامة؛ * فرض شروط أكثر صرامة لطلبات لمّ الشمل العائلي؛ * تشديد التركيز على التزام المهاجرين بمسار الاندماج. ويهدف هذا التوجه إلى تقليص التدفقات غير المنظمة للهجرة، مع السعي، بحسب السلطات، إلى تعزيز التماسك الاجتماعي والثقافي داخل فرنسا. وبذلك، يمثّل المرسوم الجديد الصادر في 15 جويلية 2025 نقطة تحوّل بارزة في سياسة اندماج الأجانب في فرنسا. فمن خلال فرض اختبار مدني إلزامي اعتبارًا من عام 2025، وتشديد متطلبات إتقان اللغة الفرنسية بداية من 2026، تؤكد الدولة الفرنسية عزمها على الربط الوثيق بين الإقامة الدائمة والانخراط في قيم الجمهورية. وستؤثر هذه التعديلات مباشرة على آلاف طالبي تصاريح الإقامة، الذين سيكون عليهم الاستعداد المسبق بشكل أفضل لتلبية الشروط الجديدة. تعليقات