نجح المستشفى الجهوي بقبلي هذا الأسبوع في إجراء عمليتين جراحيتين على مستوى أربطة الركبة الصليبية بتقنية التنظير المفصلي، في سابقة هي الأولى من نوعها في الولاية. وقد أُنجزت هاتان العمليتان بنجاح من قبل قسم جراحة العظام بالمستشفى، وتمت على مريضين مقيمين بالمؤسسة الصحية دون الحاجة إلى تحويلهما إلى مستشفى جامعي. منعطف مهم في تاريخ الرعاية الصحية بالجهة يمثل هذا الإنجاز الجراحي نقلة نوعية في المسار الصحي لولاية قبلي، إذ يُوسّع نطاق الحصول على خدمات طبية متخصصة كانت إلى وقت قريب حكراً على المدن الكبرى أو المستشفيات الجامعية. تقدم ملموس في مسار اللامركزية الصحية ولا تقتصر أهمية هذا الحدث على البعد الطبي فحسب، بل تعكس هذه الخطوة التقدم الفعلي لسياسات اللامركزية الصحية، التي تُعد إحدى أولويات الاستراتيجيات الوطنية في مجال الصحة. فهي تتيح لسكان قبلي والمناطق المجاورة الاستفادة من خدمات طبية دقيقة ومتقدمة دون الاضطرار إلى التنقل المُكلف والمعقّد في أحيان كثيرة إلى العاصمة تونس أو مدينة صفاقس. وتؤكد هاتان العمليتان، اللتان استُخدمت فيهما تقنية التنظير المفصلي — وهي تقنية جراحية طفيفة التوغل تسمح بالتدخل داخل المفصل بواسطة كاميرا — التحسن النوعي في منظومة الرعاية الصحية بالمناطق الداخلية. تجهيزات متطورة وكفاءة بشرية متميزة يُعزى هذا النجاح إلى الكفاءة العالية للإطار الطبي وشبه الطبي بالمستشفى، بالإضافة إلى تعزيز المستشفى مؤخراً بتجهيزات طبية متطورة، ما مكّنه من التموقع كمركز مرجعي في جراحة العظام جنوب غرب البلاد. وفي وقت لا تزال فيه تونس تواجه تحديات في تحقيق العدالة المجالية في النفاذ إلى الخدمات الصحية، يبرز إنجاز قبلي كمثال يُحتذى به، يبرهن أن الطب المتقدم ممكن حتى خارج كبريات المدن، إذا ما توفرت الموارد والإمكانيات اللازمة. تعليقات