بعد الزلزال القضائي والسياسي والإعلامي الذي أعقب الإدانة التاريخية – وإن لم تكن الأولى من نوعها في مسيرته – للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي يوم الخميس 25 سبتمبر، يُطرح سؤال ملح: ما هي ظروف سجن الرئيس السابق المدان بتهمة «تكوين جمعية أشرار» في قضية التمويل الليبي غير المشروع؟ الجواب : سيُعامل كسجين عادي، أو تقريباً. لا علاقة لحياته الفاخرة السابقة – في قصر يقيم فيه مع زوجته و ابنه – بالواقع الجديد الذي ينتظره. فساركوزي سيكتفي بمركز الاعتقال «لا سانتيه» في باريس. المحكمة الجنائية في العاصمة لم تُبد أي تساهل معه : خمس سنوات سجناً و الزنزانة التي بانتظاره لن تمنحه هي الأخرى أي امتياز. صحيح أن الرئيس الأسبق قدّم استئنافاً، لكنه لن يتمكن من الإفلات من السجن بموجب التنفيذ الفوري المرفق بالحكم. القضاء سيأخذ بعض الوقت – شهراً كحد أقصى بعد النطق بالحكم – لاستدعائه و تحديد موعد دخوله إلى السجن. و قد تبيّن بالفعل أن لديه موعداً مع النيابة الوطنية المالية يوم 13 أكتوبر المقبل. بعدها، سيتجه مباشرة إلى مركز «لا سانتيه» الواقع في الدائرة الرابعة عشرة من باريس. هذا السجن المعروف باحتضانه شخصيات عامة يضم جناحاً مخصصاً «للسجناء الضعفاء». و بالنظر إلى مكانته و سنه المتقدم – 70 عاماً – سيُسجَن ساركوزي في هذا القسم، لكن بمساحة لا تتجاوز 9 أمتار مربعة لزنزانته. و قال هوغو فيتري، الكاتب المحلي لنقابة FO Justice بسجن «لا سانتيه»، في تصريح لBFMTV : «الزنازين لا تختلف في شيء عن باقي المباني. سيكون له حمام داخل الزنزانة و ثلاجة و تلفاز، كما هو الحال لبقية السجناء. لن يكون هناك أي معاملة تفضيلية». الفرق الوحيد أن بعض الشخصيات العامة تُفصل عن بقية السجناء، كما كان الحال مع الوزير الأسبق في حكومة ساركوزي، كلود غيان، الذي قضى فترة في هذا الجناح نفسه و سيتعين عليه العودة إليه بعد إدانته مجدداً مع الرئيس الأسبق. ساركوزي سيُحبس 23 ساعة يومياً. «سيُسمح له بساعة نزهة على الأقل يومياً»، يضيف نفس المصدر النقابي. أمّا رجل الأعمال بيار بوتون و هو سجين سابق في الجناح نفسه، فقد أكد قسوة الظروف هناك قائلاً : «آسف، لكن لا يوجد جناح كبار الشخصيات (...) أنت لا تختار السجناء الذين تلتقي بهم. هل كنت أرغب في مخالطة مغتصب رضيع ؟ بالطبع لا». بوتون روى أيضاً حادثة عنف مروعة شهدها بنفسه : «لم يكن يمر يوم من دون شجار. حين يقول لي البعض إن السجن أشبه بنادٍ سياحي (كلوب ميد) ، أجيبهم : تفضلوا و جرّبوا بأنفسكم». ساركوزي صرّح لدى خروجه من المحكمة، أمام وسائل الإعلام الفرنسية و الدولية : «سأتحمل مسؤولياتي (...) إذا كانوا يريدون أن أنام في السجن فسأنام في السجن، لكن مرفوع الرأس. أنا بريء». يبقى أن نرى إلى أي مدى سيتمكّن الرئيس الأكثر جدلاً في الجمهورية الخامسة من الصمود جسدياً و نفسياً. و ما هو مؤكد أن إقامته في سجن «لا سانتيه» لن تكون أبداً «نزهة صحية». تعليقات