لم تُفاجئ استقالة دانيال إيك، الشريك المؤسس لمنصة سبوتيفاي (Spotify)، من منصب المدير العام، الأوساط الاقتصادية بقدر ما أثارتها البنية الجديدة للحوكمة التي أعلنت عنها الشركة السويدية والمقرر تطبيقها في يناير 2026. فمن الآن فصاعداً، ستُدار منصة البث الموسيقي عبر الإنترنت من قبل مديرين تنفيذيين مشتركين (Co-CEO) هما أليكس نورستروم وغوستاف سودرستروم، في إطار نموذج إداري ثنائي الرأس يشهد انتشاراً متزايداً بين كبريات الشركات العالمية. ظاهرة متنامية في كبرى الشركات بحسب تقرير لمجلة فوربس (Forbes)، فإن اتجاه القيادة التنفيذية المشتركة يزداد رواجاً لدى العديد من الشركات متعددة الجنسيات. فشركة نتفليكس (Netflix) تعمل بالفعل وفق هذا النموذج، حيث يتقاسم القيادة كلٌّ من تيد ساراندوس وغريغ بيترز، فيما تُدار شركة أوراكل (Oracle) بشكل مشترك بين كلاي ماغويرك ومايك سيكيليا. أما المجموعة المالية BGC Group فقد ذهبت أبعد من ذلك باعتماد قيادة ثلاثية يمثلها شون وينديت وجون أبولاراج وجاي. بي. أوبين. وتوضح فوربس أن هذا التطور يأتي استجابةً لتحدٍ كبير يتمثل في خلافة شخصيات رمزية مثل ريد هاستينغز (نتفليكس)، ولاري إليسون (أوراكل)، وهوارد لوتنيك (BGC). وفي ظل بيئة اقتصادية تزداد تعقيداً، يُتيح تقاسم القيادة تنويع وجهات النظر وتوزيع الضغوط المرتبطة باتخاذ القرارات. التكامل في صميم نموذج «سبوتيفاي» في حالة سبوتيفاي، يتميز القائدان الجديدان بتكامل واضح في المهارات: * غوستاف سودرستروم معروف بخبرته التقنية ودوره المحوري في الابتكار وتطوير المنتجات. * أما أليكس نورستروم فهو خبير في التسويق والعلاقات مع الفنانين وتنمية قاعدة المستخدمين. وفي مقابلة مع موقع Music Business Worldwide نقلتها فوربس، أوضح نورستروم قائلاً: «لدينا مجالات خبرة مختلفة، لكن الأهم أننا نعمل معاً في كل شيء. هناك احترام متبادل وفهم عميق لدور كل واحد منا.» النموذج السويدي: التوافق والعدالة الإدارية يشير التقرير أيضاً إلى مثال شركة 0 To 9، وهي شركة تكنولوجيا مالية (Fintech) مقرها ستوكهولم، تُدار منذ مايو 2025 بشكل مشترك بين تورد توبشولم وجيسيكا هولتسباخ. ويقول توبشولم إن هذا النموذج يعكس ثقافة إسكندنافية غير هرمية، تقوم على السعي إلى التوافق بدلاً من المنافسة الداخلية: «عليك أن تؤمن فعلاً بفكرة منظمة بلا هرمية حتى ينجح هذا النظام.» من جانبها، تعتبر هولتسباخ أن هذه الطريقة تجسد رؤية أكثر إنسانية للقيادة، شبيهة بما هو معمول به في مكاتب المحاماة أو شركات الاستثمار: «أن تكون مديراً ليس مكافأة، بل خدمة تؤديها للشركة.» قيادة قائمة على المعنى لا على الأداء فقط وفي الختام، تلاحظ فوربس أن جميع هذه التجارب تشترك في قناعة أساسية مفادها أن الرسالة الجماعية تتفوق على المصالح الفردية. فوفقاً لهذه النماذج الإدارية الجديدة، لم يعد دور القائد الهيمنة، بل الإلهام. وكما يلخص توبشولم الأمر: «الربح لا يُحفّز الناس، لكن منحهم هدفاً، مثل تمكين رواد أعمال جدد، يؤدي في النهاية إلى تحقيق النجاح المالي.» تعليقات