بدأ العدّ التنازلي للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، البالغ من العمر 70 عامًا، الذي يستعد لقضاء خمس سنوات في السجن، ما لم يصدر عفو رئاسي مفاجئ يوقف تنفيذ الحكم. زنزانة ضيقة بلا امتيازات
وفقًا لموقع التحقيقات الفرنسي Mediapart، سيقضي ساركوزي عقوبته في سجن "لا سانتيه" في الدائرة الرابعة عشرة من باريس، داخل زنزانة لا تتجاوز مساحتها 9 أمتار مربعة — وهو مشهد رمزي لانهيار مدوٍّ لرجل اعتاد أروقة السلطة الفخمة في الجمهورية.
السجن الذي افتتح سنة 1867 يُعدّ من أقدم المؤسسات العقابية في العاصمة، ولم يعد يضم أي قسم "VIP"، حسب إدارة السجون. جميع الزنزانات بنفس المواصفات: سرير فردي، مرحاض، ركن للاستحمام، موقد كهربائي، وهاتف جداري برمز شخصي.
من المتوقع أن يُوضع الرئيس الأسبق إمّا في قسم "الأشخاص المعرّضين للخطر" المخصّص للشرطيين والعسكريين والقضاة المحكومين، أو في العزل الانفرادي لأسباب أمنية.
وقال مسؤول بالسجن لموقع Mediapart:
"هذه الزنزانات ليست أكثر راحة، لكنها تحمي من الاختلاط والمخاطر."
صدمة التجربة الأولى
شهادات سجناء سابقين في سجن "لا سانتيه" تؤكد قسوة التجربة. النائب السابق ديدييه شولا قال:
"أصعب لحظة هي الليلة الأولى، عندما يُغلق الباب خلفك."
أما رجل الأعمال السابق بيار بوتون فيتذكر "قسوة إجراءات الدخول":
"يأخذون بصماتك، وأغراضك، وملابسك، وكتبك… عندها تدرك تمامًا أين أنت."
صحيفة لو باريزيان نقلت أن وزير العدل جيرالد دارمانان يعتزم زيارة السجن بنفسه قائلًا:
"بصفتي وزيرًا للعدل، سأحرص على أن تُحترم شروط أمن نيكولا ساركوزي."
لقاء سري بين ماكرون وساركوزي
في الأثناء، كشفت لو فيغارو ولو باريزيان عن لقاء سري جرى في 17 أكتوبر بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وساركوزي في قصر الإليزيه، دام ساعة كاملة. وردّ ماكرون، على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا، قائلًا:
"من الطبيعي إنسانيًا أن ألتقي أحد أسلافي، لكن استقلال القضاء يبقى مطلقًا."
هذا اللقاء، الذي اعتبره البعض بادرة احترام جمهوري، أعاد أيضًا الحديث عن نفوذ ساركوزي المستمر في كواليس السلطة.
محنة سياسية وإنسانية
بالنسبة إلى الرجل الذي حكم فرنسا بين 2007 و2012، تمثل الإقامة في سجن "لا سانتيه" امتحانًا مزدوجًا: قضائيًا، إذ ينتظر حكم الاستئناف في قضية التمويل الليبي، ونفسيًا، لأن الحرمان من الحرية يقطع مع امتيازات موقعه السابق.
القضاء الفرنسي، الذي نادرًا ما واجه حالة مشابهة، يجد نفسه بدوره أمام اختبار معقّد بين تطبيق القانون، والاعتبارات الإنسانية، والضغط الإعلامي لقضية تشغل الرأي العام الفرنسي.