تجلّى التعاون الاقتصادي بين فرنساوتونس في باريس، يوم الاثنين 28 أكتوبر 2025، خلال الدورة السابعة من اللقاءات الاقتصادية تونس–فرنسا، التي نظّمتها وكالة "بيزنس فرانس" وشركاؤها. أمام أكثر من 200 مشارك، ألقت آن غيغين، سفيرة فرنسا في تونس، خطابًا قويًا حول عمق الشراكة الثنائية وآفاق التعاون الصناعي والتكنولوجي بين ضفّتي البحر الأبيض المتوسط. شراكة اقتصادية متجذّرة في مستهل كلمتها، حرصت آن غيغين على تحية رجال الأعمال الفرنسيين والتونسيين القادمين من مختلف الجهات، مؤكدة أن هذا اللقاء "يجسّد أهمية وحيوية الروابط الاقتصادية التي تجمع بلدينا". وأشارت إلى أن فرنسا تظل الشريك الاقتصادي الأول لتونس، بحجم تبادلات تجارية بلغ حوالي 11.5 مليار يورو سنة 2024، وأن أكثر من 1600 مؤسسة ذات مساهمة فرنسية، من بينها 600 فرع لمجموعات كبرى، تنشط حاليًا في تونس وتشغّل نحو 170 ألف شخص، أي ما يعادل ثلث الوظائف المحدثة من قبل الشركات الأجنبية في البلاد. التزام فرنسي دائم تجاه التنمية في تونس وأبرزت السفيرة الدور المحوري الذي تضطلع به الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، التي موّلت مشاريع بقيمة تفوق 4 مليارات يورو منذ سنة 1992 في مجالات الطاقة والبنى التحتية والصحة والتعليم. لكنها شددت في الوقت نفسه على أن "القيمة المضافة الحقيقية تمرّ عبر الشركات"، التي تمثل محركًا أساسيًا للتنمية المشتركة والازدهار المتبادل. وأضافت أن التعاون الاقتصادي بين باريسوتونس هو تعاون ثنائي ديناميكي يسير في الاتجاهين، مشيرة إلى أن تونس أصبحت اليوم أول بلد إفريقي مستثمر في فرنسا للسنة السادسة على التوالي، ب 15 مشروعًا تونسيًا سنة 2024 وفقًا لمؤشر "EY" لجاذبية فرنسا. وساهمت هذه المشاريع في خلق أكثر من 240 وظيفة، لتتفوق تونس على المغرب من حيث الحيوية الريادية. ثلاثون عامًا من الشراكة والتكامل وذكّرت السفيرة بأن اتفاقية الشراكة الموقّعة سنة 1995 بين تونس والاتحاد الأوروبي كانت عاملًا حاسمًا في تعزيز التقارب الاقتصادي الثنائي، من خلال خفض الحواجز التجارية وإدماج تونس تدريجيًا في سلاسل القيمة الصناعية الأوروبية. وأضافت: "بعد ثلاثين عامًا من النجاح، حان الوقت لإعطاء هذه الشراكة بُعدًا جديدًا"، داعية الشركات إلى بناء "عهد جديد من التنمية الصناعية المشتركة". الابتكار والذكاء الاصطناعي كرافعتين للتعاون تحدثت آن غيغين أيضًا عن ديناميكية الابتكار والتعاون التكنولوجي بين البلدين، مشيرة إلى تأسيس نادي الذكاء الاصطناعي بتونس في 22 أكتوبر 2025، بالشراكة مع "بيزنس فرانس"، و"فرنش تيك تونس"، و"صندوق الودائع والأمانات التونسي". ويضم هذا النادي، الأول من نوعه، 30 شركة فرنسية وتونسية، ويهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والبحث والتكوين الرقمي. كما أعلنت عن تنظيم المنتدى المتوسطي للذكاء الاصطناعي بتونس يومي 20 و21 نوفمبر 2025، بعد نجاح الدورة الأولى في مرسيليا سنة 2024. نحو تعاون صناعي وإنساني متجدد دعت السفيرة إلى إقامة شراكة صناعية متوازنة تقوم على الاستدامة والابتكار وخلق فرص العمل، مؤكدة: "يجب ألا نضع لأنفسنا أي حدود"، وذكرت قطاعات ذات أولوية مثل الصناعة، والرقمنة، والتعليم، والصحة، والزراعة، والأمن الغذائي. وختمت بالتأكيد على أن لقاءات تونس–فرنسا ليست مجرد تظاهرة سنوية، بل هي محرك جماعي حقيقي للتنمية المشتركة، تجمع بين "بيزنس فرانس" و"مستشاري التجارة الخارجية لفرنسا (CCEF)" و"غرفة التجارة والصناعة التونسية الفرنسية (CCITF)" و"فرنش تيك تونس" ومجموعة "AFD". وأضافت: "إنها مساحة للحوار الاستراتيجي حيث يمكن لرواد الأعمال الفرنسيين والتونسيين أن يتخيّلوا ويبنوا ويحققوا مشاريع مشتركة. لتتدفق الأفكار، وتتولد التآزر، وتلتقي الطموحات"، مختتمة رسالتها بنبرة من الانفتاح والثقة. رسالة وحدة تونسية فرنسية من خلال خطابها، أكدت آن غيغين أن البحر الأبيض المتوسط يظل فضاءً للفرص المشتركة، وأن تونسوفرنسا تمتلكان كل المقومات لبناء نموذج تكامل اقتصادي مستدام قائم على المعرفة والصناعة والقرب الجغرافي. رسالة قوية تحمل جرعة من التفاؤل والواقعية، موجّهة إلى المؤسسات ورجال الأعمال على حد سواء: مستقبل البحر الأبيض المتوسط الصناعي والتكنولوجي سيُبنى بصوتين، فرنسي وتونسي. تعليقات