لتعزيز قدرات المؤسسات الإفريقية في قطاع الصناعات الغذائية، يجب اتباع نهج متعدد الأبعاد يستهدف جوانب التمويل، والرقمنة، والبنية التحتية، وتنظيم الأسواق. يعتمد هذا النهج على تحسين القدرات الفنية والمؤسسية للجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك صغار الفلاحين والشركات الصغرى والمتوسطة، لتحويل النظم الغذائية في القارة. وتتمثل التحديات التي تواجه الصناعات الغذائية في إفريقيا اساسا في نقص الأمن الغذائي اذ يواجه أكثر من نصف سكان إفريقيا نقصًا مزمنًا في التغذية وذلك علاوة على الإنتاج غير المستدام حيث تتعرض الفلاحة لتحديات مثل تغير المناخ بالتوازي مع الأزمات الاجتماعية باعتبار ان سوء التغذية يؤدي إلى تفاقم الفقر وعدم الاستقرار، خاصة في المناطق الريفية. في إطار التزامها بالتنمية المستدامة وتعزيز تنافسية مؤسساتها الصغرى والمتوسطة، احتضنت الجزائر يومي 27 و28 أكتوبر 2025 ورشة الإطلاق الرسمي للمشروع الإفريقي بعنوان "تعزيز قدرات المؤسسات الإفريقية في قطاع الصناعات الغذائية من أجل انتقال مستدام" . يُعد هذا المشروع الرائد مبادرة نموذجية على المستوى القارّي، تُنفّذ بشكل مشترك في ثلاث دول إفريقية رائدة هي: تونس والسنغال والجزائر، ويهدف إلى تحقيق نمو شامل ومستدام في قطاع الصناعات الغذائية بإفريقيا، من خلال تبادل الخبرات، وتطوير الكفاءات، وتعزيز التعاون والتكامل بين البلدان المشاركة. وقد شاركت الهياكل والمؤسسات الداعمة لقطاع الصناعات الغذائية والتابعة لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة في هذا الملتقى وهي وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، حيث تشكل نقطة الاتصال الوطنية للمشروع في تونس، والإدارة العامة للصناعات الغذائية، والمركز الفني للصناعات الغذائية، والقطب التنموي ببنزرت. ويُشرف على تنفيذ هذا المشروع لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا، في إطار دعمها للمبادرات الهادفة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في القارة. ومن خلال مشاركتها الفاعلة في هذا المشروع الهيكلي، تؤكد تونس مجدداً دورها الريادي في تعزيز التعاون الإفريقي، والتزامها بدعم استدامة سلاسل القيمة في قطاع الصناعات الغذائية، وسعيها إلى رفع تنافسية مؤسساتها وتعزيز قدرتها على الصمود أمام التحديات الاقتصادية والمناخية الراهنة. يذكر ان الصناعات الغذائية ترتبط بالتنمية المستدامة ارتباطًا وثيقًا، حيث تهدف إلى تحقيق أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة، مثل القضاء على الجوع، من خلال ممارسات مستدامة في الإنتاج، والمعالجة، والتوزيع، والحد من هدر الطعام، وتحسين كفاءة استخدام الموارد مثل المياه والطاقة. ويتضمن ذلك استخدام التقنيات الفلاحية المبتكرة، ودعم صغار الفلاحين، والتحول نحو أنظمة غذائية مستدامة تدعم الإنتاجية مع الحفاظ على البيئة. ويركز الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة على ضمان الوصول إلى الغذاء الآمن والمغذي للجميع بحلول عام 2030، وهو ما يعتمد على أنظمة غذائية مستدامة وقادرة على تحمل الصدمات. كما تساهم الصناعات الغذائية بشكل كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتستهلك كميات هائلة من الموارد. لذا، فإن التحول نحو ممارسات مستدامة يهدف إلى تقليل الأثر البيئي السلبي، مثل هدر الطعام والاعتماد على الموارد. تعليقات