أعاد رحيل سينيد أوكونور في سنة 2023 تسليط الضوء على جانب غالبًا ما بقي مجهولًا من حياتها: اعتناقها للإسلام في أكتوبر 2018، حين اختارت اسم "شهيدة صدّقات". بالنسبة للكثيرين، بدا الأمر مفاجئًا. أمّا بالنسبة لها، فقد كان تتويجًا لمسار طويل من التساؤلات الدينية، ورفض الظلم، والبحث عن إيمان متجانس ومتكامل. هذا الحدث يفتح الباب أمام سلسلة من المقالات حول المشاهير الذين اعتنقوا الإسلام، ليس بدافع الموضة، بل عن قناعة. فنانة ملتزمة... في قطيعة مع الكنيسة ولدت سينيد أوكونور في دبلن سنة 1966، واشتهرت عالميًا منذ 1990 مع أغنيتها الشهيرة Nothing Compares 2 U. سريعًا، رفضت دور "نجمة البوب الزخرفية"، واستعملت شهرتها للتنديد بالانتهاكات، خصوصًا تلك التي ارتكبتها الكنيسة الكاثوليكية في إيرلندا. المشهد الذي بقي محفورًا في الذاكرة – تمزيق صورة البابا على التلفزيون الأمريكي – لم يكن نزوة، بل تعبيرًا عن خيبة أمل عميقة تجاه مؤسسة اعتبرت أنّها خانت الرسالة الروحية الأصلية. في التسعينات وبداية الألفية، خاضت تجارب روحية متعدّدة، بما في ذلك الانضمام إلى كنيسة صغيرة مستقلة. لذلك، لم تكن شهادتها بالإسلام حدثًا عابرًا. كانت امتدادًا لمسار بحثٍ عن الدين الأقرب إلى كلمة الله، والمتحرّر من إساءة ممارسة السلطة. اللحظة المفصلية: خطوة "منطقية" في بحثها عندما أعلنت اعتناقها الإسلام سنة 2018، كتبت أنّ الإسلام هو "الخلاصة الطبيعية لمسار أي عالم لاهوتي ذكي". خلف هذا القول ثلاث أفكار أساسية: 1- لقد قرأت القرآن. ووجدت فيه نصًا بلا قطيعة عقائدية، يعترف بالأنبياء السابقين، ويتحدث عن عيسى ومريم، ويؤكّد على وحدانية الله. « قولوا آمَنّا بالله وما أُنزِل إلينا وما أُنزِل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط... لا نُفرّق بين أحد منهم » (البقرة 2:136) هذا النص أجاب عن حاجتها لفهم استمرارية الوحي. 2- كانت تبحث عن إيمان منظم. الإسلام قدّم لها إطارًا واضحًا: صلاة، حياء، علاقة مباشرة بالله، دون طبقة كهنوتية متسلّطة. « لا إكراه في الدين » (البقرة 2:256) هذا المبدأ كان مهمًا لشخص عانى من انحرافات مؤسسات دينية: يمكن للإنسان أن يُقبل على الله بلا صدمات مؤسسة. 3- شعرت بالتضامن مع جماعة مُستهدَفة. في تصريحاتها، قالت إن رؤية الإسلام يتعرّض باستمرار للنقد والهجوم زاد تعاطفها مع المسلمين. أرادت أن تقف إلى جانب من شعرت أنهم يتعرضون للظلم. من المعروف أيضًا أنّها رافقها إمام في إيرلندا عند نطق الشهادة. وفي العادة، يكون هذا الموقف الفاصل هو ما يحوّل القناعة الباطنية إلى إعلان علني. بعد الشهادة: تحوّلٌ واضح في حياتها بعد أكتوبر 2018، قامت سينيد أوكونور ب: – ارتداء الحجاب – استعمال اسمها الإسلامي في تواصلها – نشر فيديو تؤذّن فيه – مواصلة الدفاع عن القضايا الإنسانية، لكن بنبرة أكثر روحانية لم تتراجع عن مواقفها الاحتجاجية، لكنها أعادت وضعها داخل إطار ديني: العدالة الاجتماعية يجب أن تكون مؤسّسة على مرجعية إلهية. مرة أخرى، يضيء آية قرآنية هذا الانتقال نحو السكينة: « ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب » (الرعد 28) لفنانة عانت طويلًا من اضطرابات نفسية ومن صدمات المؤسسات، ربما كانت فكرة "الطمأنينة" حاسمة. خلاصة تتجاوز حالتها يمثّل مسار سينيد أوكونور حالة نموذجية: الذين ينتقدون الإسلام غالبًا ما يفعلون ذلك بناءً على ما يسمعون، لا على ما يقرؤون. لكن الذين يفتحون القرآن فعلًا، ويبحثون في سياقه وتناسقه ونظرته للإنسان والعدالة، يصلون غالبًا إلى نتيجة مختلفة تمامًا ممّا يقدّم في الإعلام. قوة الإسلام أنّ المعجزة فيه متاحة: موجودة في النص ذاته. فمنذ أربعة عشر قرنًا، والقرآن يُتلى ويُحفَظ ويُدرَس، وكلما تقدّمت المعرفة، كلما ظهرت آفاق جديدة لقراءته – لغوية، تاريخية، وحتى علمية – دون أن ينقض نفسه. وهذا ما يشعر به الكثير من الذين يدخلون في الإسلام: نص قديم... لا يزال يخاطب العالم الحديث. هذا النص يدشّن سلسلة مقالات تُنشر كل يوم جمعة، تسلّط الضوء على مسارات شخصيات مشهورة اعتنقت الإسلام، وعلى الدوافع العميقة التي قادتها إلى هذا التحوّل. تعليقات