يستعرض هذا التقرير كيف أن النمو السريع للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية أصبح مقيدًا بتوفر الطاقة، من خلال دراسة حالة مدينة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا. ويحلل التقرير الانعكاسات الصناعية والمالية والاستراتيجية على مشغلي مراكز البيانات وشركات الخدمات العامة والمستثمرين في قطاع الطاقة. 1. السياق: مفارقة الطاقة في وادي السيليكون رغم أن سانتا كلارا تقع في قلب الثورة الرقمية العالمية، فإنها تواجه مفارقة حقيقية. إذ تبقى العديد من مراكز البيانات الجديدة – التي أنشأتها شركات عملاقة مثل Digital Realty وStack Infrastructure – فارغة. والسبب لا يعود إلى نقص في العملاء أو الخوادم، بل إلى عجز شركة الكهرباء البلدية Silicon Valley Power (SVP) عن توفير كميات كافية من الطاقة الكهربائية. وتُجرى حاليًا ترقيات في البنية التحتية بقيمة 450 مليون دولار، غير أنها لن تكتمل قبل سنة 2028. 2. التأثير على شركات الطاقة تسلّط مراكز البيانات المتوقفة الضوء على الحاجة الملحّة إلى توسيع قدرات النقل والتحويل الكهربائي. تواجه شركات الخدمات العامة والمقاولون في مشاريع الطاقة تحديًا وفرصة في الوقت نفسه: توسيع الشبكات لتلبية احتياجات اقتصاد الذكاء الاصطناعي كثيف الاستهلاك للطاقة. أما منتجو الطاقة الذين يمتلكون مصادر كهرباء رخيصة وموثوقة – خصوصًا في تكساس ولويزيانا ونيو مكسيكو – فهم الأكثر استفادة. إذ توفر هذه الولايات تكاليف أراضٍ منخفضة، ومرونة تنظيمية، ومتانة أكبر في منظومات الطاقة، مما يجعلها وجهات جديدة لجذب استثمارات البنية التحتية الرقمية. 3. الانعكاسات الاقتصادية والمالية تُقدَّر قيمة الاستثمارات المجمّدة في المرافق غير النشطة بمليارات الدولارات. تواجه صناديق الاستثمار العقاري المتخصصة في مراكز البيانات وصناديق البنية التحتية تأجيلًا في العائدات وضغوطًا على السيولة. إذ إن كل ميغاواط غير مزوّد بالكهرباء يمثل فرصة إيراد مهدورة تتراوح بين 10 و15 مليون دولار. ويشهد السوق هجرة جغرافية لرأس المال، أي انتقالًا من وادي السيليكون المقيّد إلى مناطق الجنوب والوسط الغربي الغنية بالطاقة. ويشبه هذا التحول صعود «ممر البيانات» في ولاية فرجينيا خلال العقد الماضي، عندما وسّعت شركة Amazon Web Services عملياتها في مناطق تتمتع بطاقة منخفضة التكلفة ومتوفرة بكثرة. 4. الانعكاسات الاستراتيجية لعلاقة الطاقة بالذكاء الاصطناعي تعكس هذه الحالة التفاوت بين سرعة الابتكار الرقمي وقدرة البنية التحتية الفيزيائية. فكلما أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أكبر حجماً، تضاعف الطلب على الطاقة اللازمة لتدريبها وتشغيلها أضعافًا مضاعفة. وستحدد شركات الطاقة القادرة على دمج الهيدروجين والمفاعلات النووية الصغيرة (SMR) أو حلول الغاز المتقدمة ضمن مزيجها الطاقي العمود الفقري المستقبلي لبنية الذكاء الاصطناعي. وعلاوة على الإنتاج، قد يظهر نموذج جديد تحت مسمى «الطاقة كخدمة – Power-as-a-Service»، يقدّم شبكات طاقة مصغّرة متنقلة أو مدعومة بالهيدروجين مصممة خصيصًا لمناطق الحوسبة عالية الكثافة. من شأن هذه الحلول التخفيف من الاختناقات على الشبكة وتسريع وتيرة التوسّع. 5. الخلاصة تكشف أزمة الطاقة في سانتا كلارا عن حقيقة أساسية: الثورة في الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تتقدم أسرع من قدرة شبكة الكهرباء. وفي السنوات الثلاث القادمة، سيصبح الاستثمار في النقل الكهربائي، ومتانة الشبكة، وأنظمة الطاقة الهجينة عاملاً حاسمًا في قدرة الدول التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي. إن تقاطع الإلكترونات والخوارزميات لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية. إعداد: عماد درويش خبير ورائد أعمال في مجال الطاقة نوفمبر 2025 تعليقات