لفتت اليوم الخميس 6 أفريل 2017، صورة عملاقة معلّقة على واجهة مبنى في مدينة المنستير، انتباه عديد التونسيين … هذه الصورة لرئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، تمّ تعليقها تزامنا مع زيارته للمنستير للاحتفال بالذكرى 17 لوفاة الرئيس الحبيب بورقيبة . وتلخّص الحادثة في حدّ ذاتها، ما وصلت إليه تونس اليوم، بعد ستّ سنوات من ثورة 14 جانفي 2011… ظهور صور عملاقة للرئيس في الشوارع، هو مؤشر واضح على تنامي اتّجاه يكرّس عودة تقديس و"عبادة" الرئيس تماشيا مع التراجع العام الذي تشهده البلاد . وقد لجأ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في عهده إلى هذه الممارسة البائسة حيث كانت صوره منتشرة في كل مكان خاص أو عام على حدّ السواء… ورغم نجاح الثورة في تكسير "صنم" الرئيس، إلا أنّ تعليق صورة السبسي اليوم يكشف وجود حنين لبعض الممارسات البالية .. ثمّ لماذا يتمّ تعليق صورة السبسي في الشوارع والحال أنّ المناسبة تتعلّق بإحياء ذكرى وفاة الحبيب بورقيبة ؟؟ إلا أن يكون ذلك محاولة لدفع الذاكرة الجمعية للتونسيين لتربط بين الحبيب بورقيبة والباجي قايد السبسي وجعل الأخير امتدادا له، في استغلال واضح للشعبية والمكانة التي يحظى بها بورقيبة في قلوب عديد التونسيين خاصة بجهة الساحل .. رغم تناسيه والتنكر له طيلة إقامته الجبرية زمن بن علي… كذلك يمكن للمرء أيضا أن يتساءل عن الطرف الذي أذن بتعليق صورة الرئيس السبسي؟ هل هي مصالح البلدية أو الولاية أم حزب نداء تونس ؟ والمُضحكات المبكيات أنّ الجهة التي قامت بتعليق صورة السبسي لم تحرص على أن يكون عملها مُتقنا، حيث حملت الصورة طيّات و "تجاعيد إضافية" شوّهتها في "تناغم" تام مع ما يشوب الأداء الحكومي اليوم الذي قد تُجسّد النفايات المتناثرة أسفل المبنى، الذي تمّ اختياره ليكون محْمَلا للصورة، لمحة صغيرة عنه. ولعلّ العنصر الإيجابي الوحيد أنّ السبسي بدا في الصورة ينظر إلى المستقبل الذي نأمل أن يكون أفضل.. ولكنه حتما لن يكون أفضل إلا بالتأسيس لدولة القانون والمؤسسات، لا بالتأسيس لدولة الأشخاص مثلما أعلنه بورقيبة في يوم ما، عندما قال "أنا الدولة".إنّ الجانب المشرق في تونس اليوم هو ما ننعم به من حريّة في التعبير وهو ما تتفوق فيه تونس ما بعد الثورة عن السواد الأعظم من الدول العربية إذ أصبح بالإمكان اليوم توجيه انتقادات لأيّ كان … وهو ما كان يعتبر في سنوات قليلة مضت، جُرما قد يكلّف مرتكبه حقه في الحياة … عاشت تونس، رحم الله شهداء الوطن …