محافظ البنك المركزي: تونس يعوزها الاستثمار المنتج والتمويل الموجه نحو الاقتصاد الحقيقي    صلاح وإيكيتيكي يساهمان في فوز ثمين لليفربول على برايتون بالدوري الإنجليزي    سوسة: "24 ساعة متواصلة من الشعر"    لجان تحكيم المسابقات الرسمية للدورة السادسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية    علاش يلزم تاكل فيتامين B12 في الصباح وعلى معدة فارغة؟    وزير الخارجية يشارك غدا في فعاليات المنتدى الدولي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات بالرياض    يوسف العيدلي (كرة الطاولة) ينال شرف حمل الراية الوطنية في حفل افتتاح الالعاب الافريقية للشباب (لواندا 2025)    كرة اليد: الترجي يفوز بالدربي وينفرد بالطليعة    خدمات الصرف بش تولّي ديجيتال: البنك المركزي يحضّر لمنصة جديدة    باش تستورد كرهبة؟ شوف شروط الامتياز الجبائي في قانون المالية 2026    تونس - ايطاليا: مقترح للنّظر في إقامة خطّ مباشر من ميناء ليفورنو الى ميناء حلق الوادي    غدا: انقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة السياحية بالمهدية    قربة: الكشف عن مذبح عشوائي وحجز حوالي 3 اطنان من لحوم الدجاج الفاسدة    جندوبة: السياحة تنتعش..    اختتام الدورة الثالثة من مُلتقى تونس للرواية العربية    بوڨرّة يستقيل من تدريب المنتخب الجزائري    وفاة نحو ألف مريض في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    توزر: تنظيم الشباك الموحد لإتمام إجراءات السفر لموسم الحج 2026    السجن 18 سنة لشخص اعتدى على تلميذة بعد تحويل وجهتها    عاجل/ اسرائيل تغتال الرجل الثاني في "حماس"    مجموعة ووهان يانغلو الصينية تؤكّد رغبتها في إقامة استثمارات بمقاييس عالمية في تونس    أبرز الأحداث السياسية في تونس خلال أسبوع (من 6 إلى 13 ديسمبر 2025)    المؤسسة المالية الدولية تؤكد مواصلة دعم تونس في مجال الطاقات المتجددة    أكثر من 230 فاعلا اقتصاديا من تونس والجزائر يشاركون في لقاءات مهنية مباشرة    بعد أسابيع من افتتاحه: أمطار تُغرق المتحف المصري الكبير    عاجل/ ترامب يهدّد هذه الدول بالتدخّل العسكري البري    وهبي الخزري يعلن اعتزاله كرة القدم    تبيع منتوج مزيّف للتوانسة؟ عقوبة مالية والسجن في انتظارك!    إندونيسيا: حصيلة الفيضانات تتخطى الألف قتيل    عاجل/ قرار جديد بخصوص ترويج زيت الزيتون في السوق الداخلية    قابس : الشروع في سنة 2026 في ترميم وصيانة معلم الكنيسة    تونس: بطاقة إيداع بالسجن لشاب قتل خاله دهسًا بسيارته    اليوم: إنطلاق الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    القصرين: نجاح أوّل عملية زرع قرنية بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي    فيروس الإنفلونزا يضرب المدارس: تعليق الدراسة لجميع المراحل التعليمية في ليبيا    الأمطار موجودة: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    تجدد القتال بين تايلند وكمبوديا رغم إعلان ترامب وقف إطلاق النار    تحذير عاجل: الضباب قد يصل إلى حدّ انعدام الرؤية ببعض النقاط    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان    ألمانيا.. مصادرة أكثر من 11 ألف ماسة من أحد المسافرين في مطار فرانكفورت    البحث عن آفاق جديدة للشراكة التونسية الجزائرية في مختلف المجالات ذات الأولوية محور جلسة عمل بين وزير الفلاحة ونظيره الجزائري    في لقاء تكريمي بالمنستير.. محمد مومن يبكي ويرد على وصف الفاضل الجزيري ب "النوفمبري"    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    مبروك لتونس: الذهبية الأولى في الألعاب الأفريقية للشباب عبر الكاياك    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    النوم مع ال Casque: عادة شائعة ومخاطر خفية    فريق كبير ينجح في إستخراج 58 حصوة من كلية مريض    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    3 ميداليات برونزية لتونس في اليوم الثاني لدورة الألعاب الإفريقية للشباب بلوندا    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كسرن القيود.. وتحدين ثقافة «العيب».. تونسيات يقتحمن «مهن الرجال»
نشر في الصباح يوم 26 - 09 - 2017

لم تكن الحاجة للعمل وحدها التي دفعت بعض التونسيات لاختراق عالم مهن الرجال عبر كسر ثقافة «العيب» وكل القيود الاجتماعية رافضين لمنطق العادات والتقاليد ليقتحمن مهن الذكور متجاوزين الفهم الضيق تجاه ما يعرف بأن بعض المهن حكرا على الرجال لأنها شاقة.
ورغم أن المجتمع لم يتقبلهن في البداية إلا أنهن فرضن وجودهن رغم النظرة السلبية وحكم التقاليد الاجتماعية والدينية وضربن عرض الحائط كل الموانع كما وضعنا حدا لعقلية «هذه مهن رجالية»، ورغم السخرية والاستهجان والنظرة الدونية اقتحمن مهنا شاقة لمجابهة ظروف الحياة.
وداد: أهوى مهن الرجال..
وداد التايب أصيلة ولاية تطاوين تشتغل منذ سنة 2015 بمحطة بنزين بعد أن أجرت عدة دورات تدريبية في السلامة المهنية والوقاية ومكافحة كل المخاطر في محطات الوقود.
كسرت وداد القاعدة وضربت عرض الحائط الأفكار المترسخة في الأذهان التي تعتبر أن العمل في محطات بيع الوقود حكرا على الرجال رغم أنها لم تحظ في البداية بموافقة عائلتها على العمل بالمحطة إلا بعد إلحاح طويل، لأنهم لم يرحبوا بفكرة أن تعمل ابنتهم لساعات طويلة وسط فريق رجالي خاصة وأنهم ينحدرون من بيئة محافظة.
تقول وداد «كنت مدركة لما سأواجهه من انتقادات خاصة وأنني وجدت في البداية صعوبة في التعامل مع الحرفاء، حتى من قبل زملائي في المحطة وكلهم رجال لكن إصراري على كسر التقاليد والقيود الاجتماعية كان دافعا قويا مكنني من مواصلة عملي».
وتضيف «كما اصطدمت في البداية بثقافة العيب التي غلبت على موقف عائلتي والنظرة الدونية للعاملات بمحطات الوقود خاصة وإنها مهنة اعتبروها شاقة لكن شخصيتي القوية ساعدتني على النجاح واثبات وجودي إلى جانب ما تلقيته من تدريب وتكوين متواصل تحت إشراف عدد من المكونين الذين ساعدوني على التمرس على طرق التواصل والتعامل مع الحرفاء رغم تعرضي لبعض الإشكاليات في البداية خاصة وان بعض الزبائن من الرجال لم يتقبلوا أن تزودهم امرأة بالوقود خوفا من ارتكاب الأخطاء أو عدم الانتباه».
وتقول وداد «كنت احلم منذ صغري أن تكون لي ورشة إصلاح للسيارات نظرا لشغفي بعالم الميكانيك، وبعد عملي في محطة التزويد بالوقود أصبحت أكثر دراية بخفايا السيارات حتى أن البعض من الحرفاء عندما تعترضهم بعض المشاكل يلتجئون لي لأقدم لهم المساعدة».
حبيبة.. امرأة بألف رجل
وسط السوق المركزية بتونس العاصمة وهو سوق شعبي، تجلس حبيبة أمام طاولة كبيرة رصفت فوقها صناديق الفواكه.. جلست وهي تتأمل حركة السوق الخفيفة في الصباح الباكر بعد أن رصفت بضاعتها وهو تقليد يومي تقوم به لجلب الباعة لان حسب رأيها الحريف يأكل بعينه قبل فمه.
تقول حبيبة «أنا امرأة بألف رجل حصولي على رخصة للعمل بالسوق المركزية لم يكن أمرا هينا.. تقدمت بطلب إلى البلدية وتم رفضه في البداية بدعوى ان العمل في السوق صعب لأنه يعتبر منذ القدم سوق الرجال بامتياز لكني حاولت مرارا وتكرارا الحصول على الرخصة وحصلت على موافقة مبدئية لكن عملت لسنة كاملة تحت المراقبة وبعد نجاحي في الاختبار وعندما تأكد أعوان البلدية من نجاحي وتغلبي على كل المصاعب، اعتدت الأجواء في السوق وحصلت على الرخصة وأنا اعمل هنا منذ أكثر من ثلاثين سنة».
وهي تلقي التحية على زملائها وعلى شفتيها ابتسامة، تروي حبيبة قصة كفاح كسبت من خلالها احترام الجميع في السوق فالكل أصبح يقرأ لها ألف حساب الكبير قبل الصغير.. الجميع يعرف ميزات وسيئات «خالتي» حبيبة فطباعها الحادة تخفي روحها المرحة وطيبتها وحكمتها التي يلجأ إليها كل المتخاصمين في السوق لحلّ مشاكلهم.
التقت «الصباح» حبيبة، لكن لن تدرك حين تراها لأول مرة إنها امرأة لأنها كانت ترتدي زيا رجاليا تقول»همي الوحيد كان إعالة أبناء أخي لكن هذا لا يعني أنني لا أحب عملي الذي افتخر به».
وأضافت « منذ صغري أهوى مهن الرجال ولا اكترث لأية قيود أو تقاليد فقد سافرت إلى ايطاليا واشتغلت هناك لمدة ستة أشهر لكن ظروف العمل الصعبة دفعتني للعودة إلى تونس لأجد نفسي اعمل في مجال بيع الغلال معتمدة في كل شيء على نفسي، اقصد سوق الجملة في الثالثة صباحا لأتزود ببضاعتي التي اشرف بمفردي على انتقائها وفاءا لحرفائي الأوفياء لأنه منذ زمن أصبح لي زبائن خاصين».
شريفة.. الجزارة قدر يتحول إلى عشق
استطاعت شريفة بن احمد بإصرارها وطموحها وإرادتها القوية أن ترسم لنفسها قصة نجاح وكان لفشلها الدراسي دافعا قويا لخوض مجال يعتبره الكثيرون حكرا على الرجال، فبعزيمتها التي لا حدود لها ورفضها لثقافة العيب كسرت كل القيود وأزاحت كل عقبة كانت تقف في طريقها وبعد مشوار مهم من العمل في مجزرة والدها إلى جانب إخوتها الأولاد أقامت مجزرتها الخاصة واستطاعت أن تكون قدوة لابنيها وزوجها .
لم تتوقع أن تمتهن يوما ما «الجزارة» لأنها كانت تحلم بمواصلة دراستها والحصول على شهادة عليا.
تضيف ل«الصباح»، «قد يكون للقدر دور هام في اقتحامي عالم الجزارة من بابه الكبير بعد أن وجدت نفسي ذات يوم مجبرة على أن أعوض أشقائي الذين تركوا المحل وذهبوا إلى الملعب لمتابعة مباراة كرة قدم جمعت بين فريقي الترجي الرياضي التونسي والنادي الإفريقي وذلك بتاريخ 5 ماي 1985 لكن هذا القدر تحول إلى عشق وفخر لي ولعائلتي التي تقدر تضحياتي وإصراري على مواصلة المشوار لان هذه المهنة ليست بالهينة».
تقول شريفة «منذ ذلك اليوم تغير كل شيء في حياتي حيث تحملت مسؤولية الوقوف في المحل كنت أقوم بكل شيء تقريبا ما عدا عملية الذبح كانت المهمة يشرف عليها إخوتي الأولاد أما أنا فاهتم بعمليات السلخ والتقطيع والبيع».
وتضيف شريفة «كنت أنا وأختي التي تملك هي الأخرى مجزرة بولاية نابل الساعد الأيمن لأخي الكبير الذي علمنا كل قواعد العمل وحتى طرق التعامل مع الحرفاء باختلاف طباعهم.. الآن أصبحت لي مجزرتي الخاصة بمنطقة رواد اشتغل فيها رفقة زوجي الذي علمته العمل وكذلك ابني يقوم بمساعدتي».
وتضيف «في البداية، ظل رواد المحل يعبرون عن دهشتهم من كون جزارة الحي هي امرأة، لكن سرعان ما تعودوا على الأمر وفي عيد الأضحى أقوم تقريبا بتقطيع ما يزيد عن 15 أضحية بطلب من الزبائن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.