منذ فترة قصيرة خرجت على الناس في بعض محطات القطار صورة جميلة متمثلة في سيدة أو آنسة تنفخ في صفارات انطلاق القطارات بعد ان كانت هذه المهمة حكرا على الرجال على مدار عقود، الامر الذي أثار استغراب المسافرين واعجابهم ناهيك أن أحد هؤلاء المسافرين بقي محملقا في «وفاء» التي أغلقت ابواب القطار وبقي في التسلّل ولما افاق وجد «البابور» «زمر» بعد أن صفرت وفاء... وضاعت الرّحلة... أما أنا فقد حملقت ولكني ما اضعت الرحلة بل عدت في رحلة أخرى لألتقي السيدة «فاطمة» والآنسة «وفاء» متلبستين بالاداء الجيد لمهمتهما وبحضور «ركحي» بل رصيفي متألق أنْساني بعض المشاهد المزرية التي نلحظها في المحطات الكبرى وخاصة محطّة برشلونة التي اصبحت مرتعا لوجوه غريبة من بؤساء ومفتعلي اعاقة، وباعة «كاكي» رُكبهم أضخم من ركبتي «كاكا البرازيل» وبعض العرابيد الذين يصعدون القطار سكارى يتدافعون ويدفعون بأحدهم يصيح: «بناء جامع يرحمك الله» الى غير ذلك من المشاهد والمواقف التي نسيتها عند لقاء «فاطمة» و»وفاء» في حوار سريع: ما طبيعة مهمتكما؟ نحن بصدد تسيير الرّحلات بكل ما يعنيه ذلك من مسؤوليات السلامة فأرواح الناس في رقابنا حيث يمكن أن تحدث كوارث لا سمح اللّه لو ارتكب اي خطأ... يعني ان الخطأ ممنوع مطلقا؟ نعم وخاصة في ثلاث حالات وهي التحاق قطار بآخر على نفس السكة او اصطدام مباشر او احتكاك قطارين وهذه الحالات الثلاث تكوّن ما يسمّى مثلث الامان. هل اخترتما هذه المهنة / المهمة الخطيرة ام وضعكما فيها سوق الشغل صدفة؟ تقول وفاء: لا ليست صدفة فأنا التي اخترت هذه المهنة دُون سواها بدليل أني استخففْت بكل المناظرات الا هذه، فقد هرعت اليها دون تفكير خاصة وان أخي «نظمي» شجعني على هذا الاختيار لأنه إبن «الشيمينو» ويعرف أين يضع شقيقته. اما السيدة فاطمة فتقول: «كان اختياري عن تجربة لأني خبرت هذه المؤسسة قبل سنوات حينما كنت عون ارشاد... وبالتالي هي ليست صدفة انما اختيار عن اقتناع. هذه مهنة «رجالي» فكيف تفاعل معكم الرّجال والمسافرين؟ بالنسبة للزملاء كنا كغريبات عن الديار وخاصة بالنسبة لرؤساء المحطات الذين سرعان ما تفهموا دورنا وهدف تواجدنا اما بالنسبة للعامة والمسافرين فلا علاقة لنا بهم من حيث الاصل أما شكلا فنعمل على مساعدة بعضهم بالحركة او الكلمة... أخيرا ماذا يعني لكما هذا الزي وهذه الصّفارة؟ هما الشرف والامانة... وصونهما واجب مقدس. وآخرا «صفّرا» كما تشاءان؟ نشكر من خلالكم جميع الصحافيين الذين يُعتبرون من عائلة القطار وكذلك كل التقدير لمصالحنا الجهوية والمركزية على ما منحونا من ثقة لتحمّل مثل هذه المسؤولية.