تعد تجربة المسرحي وليد الخضراوي الفنية والثقافية استثنائية بجميع المقاييس، باعتبار أنه أصر خلال سنوات ما بعد الثورة على العودة إلى مسقط رأسه والاستثمار «ثقافيا» في مدينة القصرين متحديا بذلك الصعوبات الاجتماعية والمادية. وذلك باقتحام «فضاء» مهمل تابع للبلدية أعاد تأهيله وتهيئته وحوله إلى فضاء ثقافي رغم أن بلدية الجهة رفضت الأمر في البداية وسوغته لفائدة أحد «التجار» ليحوله إلى فضاء تجاري. ولكن هذا المسرحي الشاب أصر على التمسك بحق شباب الجهة في ممارسة الفعل والأنشطة الثقافية من خلال اقتحام هذا الفضاء وتحويله إلى مركز دولي للفنون المعاصرة بالقصرين. فأصبح اليوم بمثابة قلعة ثقافية في المدينة، يستقطب أعدادا كبيرة من شباب الجهة وينتج ويقدم ويعرض أعمالا وعروضا مسرحية وفرجوية وسينمائية، في مسعى جدي من هذا المسرحي لإنقاذ هذه الشريحة من خطر الظلامية والإرهاب والانحراف، حسب تأكيده. وبيّن في نفس السياق أن إصراره على الوصول لتحقيق هدفه بفتح هذا المركز الخاص، رغم تعطيلات بعض الجهات الرسمية والجهوية خاصة أنه أثمر اعتراف وزارة الشؤون الثقافية بمشروعه بعد موافقتها على تمكينه من دعم في إطار دعم المشاريع الثقافية الهادفة لمقاومة الارهاب. من جهة أخرى أوضح وليد الخضراوي أنه لا يزال في انتظار إتمام الإجراءات الإدارية لتسويغ الفضاء من بلدية الجهة والهياكل التي يعود لها بالنظر. انتاجات جديدة أما في مستوى فني فأكد محدثنا أن المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين الذي يشرف على إدارته، يستعد لتقديم ثلاثة انتاجات جديدة في إطار الموسم الثقافي الجديد، يتمثل الأول في مسرحية «بلوك 74» التي أخرجها وشاركه في كتابة نصها سامي الذيبي. وحول هذا المشروع قال: «يتمحور موضوع المسرحية حول قصّة طبيب وزوجته طبيبة يقضيان أغلب أوقاتهما في خدمة المرضى بمستشفى للأمراض النفسية. وهو ما خلق لديهما حالة من القلق والتوتّر في علاقتهما ويقرّران الالتجاء للمرضى للبوح بمشاكلهما النفسيّة بطريقة حميميّة لتنقلب بذلك الأدوار فيتحوّل الطبيب إلى مريض ويصبح المريض طبيبا». وهي تختزل في تفاصيلها وأبعادها تونس اليوم التي أصبحت في حالة مرضية بسبب «الفساد» بجميع أشكاله وأنواعه. وخيرنا في هذا العمل المراهنة على لغة الجسد باعتبارها الحاملة للخطاب المسرحي». وأفاد ايضا أن فريق المسرحية الذي يتركب من كل من، عباب الأطلس الحنديري وزينة مساهلي وإيمان مماش وصالح ظاهري وحاتم مغربي ومحمّد السعيدي وياسين الحمزاوي، والكوريغرافي لوليد القصوري، يستعدون لتقديم العرض الأول للعمل خلال الأيام القليلة القادمة بمركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة أمام لجنة وزارة الشؤون الثقافية قصد الحصول على تأشيرة العرض. وأضاف في نفس السياق قائلا: «في الحقيقة طموحي الأول هو قبول هذا العرض ضمن برمجة أيام قرطاج المسرحية في الدورة القادمة، لأن ذلك هو طموحنا لعرض العمل في أكثر من جهة». كما كشف وليد الخضراوي عن مشاريعه الأخرى بنفس المركز وهي مسرحية موجهة للأطفال عنوانها «القبّرة والفيل» مقتبسة من كتاب «كليلة ودمنة» لعبد الله بن المقفّع ذات مضمون تعليمي وتربوي. إضافة إلى فيلم وثائقي قصير عنوانه «قاعة سينما الشعانبي بين المماطلة الإدارية وحلم شباب القصرين»، يوثق للعملين المذكورين آنفا من إخراجه. يطرح فيه جانبا مما تعرض له في تجربته بالمركز ويسلط فيه الضوء أيضا على ما تعرض له مماطلة إدارية فيما يتعلق بترخيص قاعة «سينما الشعانبي». كما يوثّق الفيلم الأنشطة الثقافية التي تحتضنها قاعة «سينما الشعانبي» ويشارك فيها العشرات من شباب الجهة. ونوه محدثنا بالدور الكبير الذي لعبه بعض الشباب الناشط في الفضاء. ولئن أبدى إصرارا على المضي قدما في مسار تحقيق مشروعه بالجهة، فإنه هدد بترك المشروع والهروب بعيدا، خاصة أمام ما واجهه مما وصفه باستنزاف وعراقيل من أجل الحيلولة دون مواصلة التجربة وتصحير الجهة ثقافيا لذلك اعتبر في بعثه للمركز الدولي للفنون المعاصرة بالجهة مغامرة صعبة فيها تجديف ضد تيار الجهل والظلامية والتصحر الثقافي والفكري.